أتمنى من أقرب رجل عربي مسلم رشيد يرى فريدمان أن يصفعه صفعة فكرية ، ليهمس في أذنه قائلاً أرجوك لا تكذب على التاريخ .. مما يزيد الغيض أن ترى رجلاً يكذب ويعرف أنك تعرف أنه يكذب ويستمر في الكذب !! يقول فريدمان في مقاله " سوريا توأم العراق " "حيث تدخلت أمريكا وأطاحت برأس نظام صدام، واحتلت البلاد، وغيرتها بالقوة من ديكتاتورية بقيادة أقلية سنية، إلى ديمقراطية بقيادة أغلبية شيعية." بل امريكا انهت الدولة العراقية وجعلتها أضعف من أن تدافع عن نفسها من أي تدخل ونشرت فيها الفساد والطائفية بطريقة ممنهجة وفككت أي لحمة مهما كانت حتى العشائرية . وتحولت العراق من دكتاتورية منظمة تسيطر على كامل العراق وتخوف من حولها إلى دكتاتورية تقتل أبنائها وتقبل يد الأمريكي والايراني . كل شيء يجعل العراق ضعيف فعلته أمريكا. من حل الجيش وتسليح الملشيات أول الحرب إلى آخر الأخبار وهي صفقة الأسلحة الثقيلة للدولة الكردية وليسمح لي الجميع بهذه التسمية لأنها حقيقة واقعية ولو اختلفت الألفاظ .. فالعراق يعيش حرباً أهلية حقيقية للأسف .. ثم يأتي المحلل العظيم فريدمان يقول " غير أن الوجود الأمريكى فى العراق احتوى تلك الحرب الأهلية، والتطهير العرقى وحال دون امتدادهما إلى الدول المجاورة " ثم يضيف وقائع تاريخية يلزم منها أن نشكر أمريكا على ما فعلته في العراق قائلاً " وبمجرد أن توقفت تلك الحرب من تلقاء نفسها وأنهكت جميع الأطراف وانفصلت بشكل أكبر عن بعضها البعض رعت الولاياتالمتحدة بنجاح إعداد دستور جديد، واتفاق تقاسم السلطة فى العراق " ما أجملها من سلطة وما أعدله من تقاسم .. ولنتكلم بلغة واضحة بعيدة عن الدبلوماسية هناك دولة لها حاكم مستبد ولكن مع ذلك يهابها أعدائها وكذلك يحترمها مواطنوها ولو بالقوة ، تمتلك جيش ذو بأس وشُرَط تبسط الأمن ، وتعليم سبق كل المنطقة واقتصاد طمع الغرب به ، وأمور كثيرة ليس هذا محل بسطها . ثم غدت بعد الاحتلال الأمركي دولة لا يأمن بها إلا من يسكن المنطقة الخضراء، مخترقة أمنياً، هل يعقل أن يكون ولاء جيش دولة ما لدولة أخرى !!؟ هذه معضلة حقاً . ناهيك عن انتشار الجهل والفقر والمرض وكلها تحتاج عقود لحلها . يقال عندنا مثل " الشق أكبر من الرقعة " وشق أمريكا في العراق لا يكفيه مصنع من الأقمشة لرقعه . ثم يأتي فريدمان ليضع الكرة في ملعب العراقي المسكين الذي لا حول له ولا قوة حيث يقول " وحتى الآن لا يمثل العراق ديمقراطية مستقرة أو سليمة. لكن أمامه فرصة والأمر يعتمد على العراقيي " وأرى أن الحل بيد العراقيين حقاً ولكن ليس بدخول اللعبة السياسية المصنوعة بواشنطن وطهران بل بصناعة واقع جديد يفرض لعبة جديدة يهندس قواعدها العراقيين أنفسهم وفق مصالحهم، وذلك لا يتأتى إلا بثورة جديدة تنطلق من الحدود السورية العراقية تضمن لنفسها إمداد السلاح والرجال والخبرات . هذا الواقع وهذا فقط هو ما لا يريد التكلم به فريدمان لأنه الشيء الوحيد في العراق الذي يمكن ألا يكون كذباً . سليمان عبدالله الغنيم كاتب سعودي