في ظل هيمنة ثقافة العولمة والتنوع الفكري وانتشار الفضائيات والإنترنت وثورة المعلومات.. هل شهدت الذائقة الثقافية السعودية تحولاتٍ فكرية معينة؟ وهل لا يزال المجتمعُ مبرمجاً ذهنياً وفقَ ذائقةٍ ثقافيةٍ واحدة كما تُردّد ذلك بعض الدراسات والآراء أم تتنوّع خياراته؟ وماذا يقرأ السعوديون هذه الأيام؟ وما نوعية الكتب التي يحرصون على اقتنائها؟ "سبق" تجولت في أروقة معرض الكتاب المُقام حالياً في الرياض وطرحت عدداً من الأسئلة على عددٍ من الناشرين وأصحاب دور النشر المشاركين؛ لمعرفة أبرز توجهات اقتناء الكتب لدى السعوديين من زوّار المعرض. يقول محمد الشرقاوي المدير العام لدار ورد الأردنية ل "سبق": الجمهور السعودي يحمل ذائقةً ثقافيةً متنوعةً وتختلف الرؤى بين أطيافه، ويتضح هذا من خلال طلبات شراء الكتب التي تختلف حسب اختلاف الخلفية الثقافية للفرد.
ويضيف: هناك إقبالٌ على كتب التراث والشعر والشريعة، والمذكرات السياسية من قبل الشباب والكبار، أما النساء فأغلبهن وخاصة الفتيات، يبحثن عن الروايات الرومانسية وكتب البوح الذاتي وتطوير الذات. ويؤكد أن هناك مَن يبحث عن تخصّصات علميةٍ ومستجداتٍ معرفية في مجال تخصّصه. ويقول: "الشعب السعودي شعبٌ مثقفٌ ومطلعٌ.. والأعمال الروائية تظل الأنسب لفئاتٍ كثيرة". أما خالد الشريف من مكتبة التراث، فيرى أن القارئ السعودي لا يملك رؤيةً موحدةً وثقافةً واحدةً تسيّره، ويختار كتباً متنوعة، وبالتالي يدرك معنى الثقافة المتنوعة. والجيل الأصغر سناً يتجه إلى كتب ومؤلفات السعادة النفسية وصناعة الذات وتنمية القدرات الذاتية. وهناك مَن يرغب في كتبٍ ودراساتٍ أدبية والمذكرات والأوضاع السياسية العربية. ويشير الشريف إلى أن هناك مَن يرغب في التعرُّف على السجالات الثقافية بين المثقفين، وهناك مَن يبحث في كتب الحياة السياسية والاجتماعية والفكرية العربية، ومنهم مَن لديه رغبة حقيقية في معرفة ماذا يدور من أفكار وحوارات الرأي والرأي الآخر. ويقول ل "سبق": "هذه ميزة القارئ السعودي التنوع في الاهتمام وعدم برمجته على نمطٍ واحدٍ وثقافةٍ قد تحتاج إلى استعدادٍ ذهني معين لقراءة كتابٍ نقدي أو فلسفي عميق". من جانبه يرى صاحب دار الثقافة والفن الإيراني، أن الأسئلة التي يطرحها الجمهور السعودي تنم عن قاعدةٍ ثقافيةٍ متنوعةٍ لدى الصغار والكبار، وتدل على انفتاحهم على الثقافات الأخرى. ويقول ل "سبق": "لقد فوجئت بأسئلةٍ عميقةٍ من السعوديين عن الثقافة والفن والرسوم والحياة الإيرانية، وأعتقد أن التعدُّد أصبح الطابع المميّز لاستفسارات طلاب المدارس والجامعات الذين يزورون الجناح، والذين يهتمون بالأعمال الفنية الخفيفة والمناسبة لأعمارهم". ويعتقد مسئول جناح مركز التراث الثقافي الذي شارك في دورات عدة لمعرض الرياض للكتاب أن القرّاء السعوديين يقرؤون في كل الاتجاهات المتاحة وقراءاتهم متنوعة في حقول معرفية متعدّدة؛ كالروايات والمذاهب والفلسفة، والتاريخ، والفكر السياسي، والفنون، ويحرصون على الدراسات الأدبية الحديثة. ويقول مستغرباً: طلب مني شاب صغير كتباً من مؤلفات جوته. وفي السياق ذاته يؤكّد مسئول دار المعارف أن هناك نوعيةً من القرّاء السعوديين لا يقرؤون إلا في مجالٍ ثقافي معين كالكتب الإسلامية والمراجع الدينية والتراثية، ولا يعيرون غيرها من المؤلفات كالروايات والنقد والمناقشات الثقافية أيَّ اعتبارٍ بل يرونها مضيعةً للوقت والفكر. ويذكر مشرف دار أطفالنا السعيدة أن جناح الطفل يشهد إقبالاً كبيراً من الأطفال مع أهاليهم ويقتنون لهم الكثير من القصص والحكايات التراثية العربية والانجليزية، وكذلك أناشيد الأطفال. ويقول ل "سبق": "هناك رغبة كبيرة من الأهالي في زيادة التحصيل العلمي لأبنائهم، وتعويدهم على الكتب الثقافية المناسبة لأعمارهم، وتفعيل القراءة عند هذا الجيل الصغير.