يعاني مراجعو مكتب الأحوال المدنية بمحايل عسير من غياب الموظفين ونقصهم جراء الإجازات المتتالية التي يحصلون عليها، حتى إن بعضهم يتندر بأنهم في "حصانة مخملية". وما يزيد الطين بلة على حد قول المراجعين أن جهاز الحاسب الآلي في المكتب يعاني من أعطال مستمرة جعلته في "سبات عميق" يدفع ثمنه المراجعون من وقتهم وأعصابهم، خصوصاً أنهم يفدون إليه من المحافظات والمراكز القريبة حتى أن المعاناة هي نفسها، لم تتغير.
ومثل هذا ما حدث مع المواطن عبدالرحمن البارقي الذي يقول: عندما ذهبت إلى مقر الأحوال المدنية قبل أربع سنوات لأضيف مولودتي البكر لم أجد الموظف المختص، واليوم يتكرر المشهد أمام عيني.
وأضاف: عندما ظننت أنني سوف أستعين بمدير الإدارة هناك ودخلت إلى مكتبه وشكوت له معاناتي وقلت له "الموظف المعني بتسجيل المواليد غير موجود، ومن غير المعقول أن نظل قابعين عند الباب ننتظر ونتحين فرصة دوام الموظف فلدينا أعمال لا نستطيع تركها يومياً".
وتابع: رد المدير حينها بأنه يعلم بغياب الموظف ويعلم أيضاً أن هذا ديدنه، ولكنه لا يستطيع أن يفعل شيئاً، وأردف "هدئ أعصابك فحتى لو كان موجوداً لن تنجز معاملتك غداً أو بعد أسبوع على الأقل".
وقال: بعد مرور أربع سنوات جئت مرة أخرى لأضيف ابنتي الجديدة، ولكن السيناريو يعيد نفسه مرة أخرى، فموظف التبليغ غير موجود ولا يزال يتمتع بحصانته المخملية.
وأكد البارقي أن ذلك يؤخر إنجاز المعاملات ويجعلها وصمة لا تفارق هذه المنشأة الحكومية التي يغلب على طابعها العشوائية وعدم النظافة العامة.
صالة مهترئة وبيع النماذج الحكومية واستطلعت "سبق" صالة انتظار المراجعين التي تعج بالكراسي الغالب عليها الصدأ، ومتآكلة ومقلوبة على بعضها بسبب عملية الترميم في الصالة الرئيسة، اعترافاً بقدمها أمام حشود أتت من محافظات قريبة ومراكز وقرى بعيدة. ورصدت عدسة "سبق" أنه لا يوجد بها "شفاطات" تهوية في درجات حرارة مرتفعة قليلاً في فصل الشتاء، فماذا يفعلون في فصل الصيف؟ وجعلوا من ملفاتهم وأوراق معاملاتهم مراوح لتلطيف الهواء في مقابل مروحة تلطيف واحدة!. وقال المواطن مفرح حسن عسيري: يا ولدي المراجعة في هذه الدائرة متعبة، فصالة الانتظار تكون مزدحمة أثناء وقت المراجعات، وخاصة أوقات الذروة، وكثيراً ما نأتي إلى هنا من خميس البحر وقنا، ولا نعرف الإجراءات التي تتطلبها الأحوال المدنية الشخصية وشروطها، ونود تخصيص موظف لهذا الغرض، كما أن النماذج المطلوبة لا نعرف كيف نطبعها من موقع وكالة الوزارة للأحوال المدنية. وأضاف: يا ولدي نحن لا نعرف الكمبيوتر ولا غيره، ونشتري النماذج من مكتب العقار المجاور للأحوال المدنية بمبلغ 10 ريالات. وأردف: هناك أيضاً سيارات تقف بجوار مكتب الأحوال تبيع الخطابات الشخصية "المعاريض" والنماذج المصورة بأسعار متفاوتة، وقد وصلوا تيار أجهزتهم ببطاريات سيارات في منظر يشوه واجهة مبنى الأحوال المدنية حضارياً.
جهاز الحاسب الآلي في إجازة جهاز الحاسب الآلي دائماً في تعطل، وانقطاع لشبكة الاتصال لرداءة خدمة الاتصالات بمحافظة محايل عسير. ويضطر المراجعون لإنهاء معاملاتهم بالتردد على مقر الأحوال أياماً وأسابيع. ورصدت "سبق" موظفاً واحداً يجول داخل كاونتر الاستقبال مقابل مئات المراجعين الذين ينادون بسرعة إنجاز المعاملات وتهديد وابتسامات تخفي وراءها عدم الرضى، ونظرات يتطاير منها الشرر، وكبار السن التائهون الذين لا يعلمون إلى أين يذهبون سوى الاستعانة بمساعدة الذين سبقوهم في إنجاز معاملاتهم أو "الموظف الجوكر" الذي تجده في كل مكان من أرجاء الصالة. واقترح المواطن علي حسين العسيري إيجاد جهاز تنظيم المراجعين، كما هو معمول به في البنوك، وبخاصة في قسم التصوير أمام قسم الحاسب الآلي.
الفزعة والحالات الخاصة ومن اللافت أن هنالك حالات خاصة تأتي إلى مقر الأحوال، لكنها لا تستطيع الدخول لثقل الوزن، مما اضطر إدارة الأحوال إلى الاستعانة بالمراجعين لإنزالهم من مركباتهم ومساعدتهم للدخول لمقر الأحوال وتعبئة النماذج الخاصة بمعاملاتهم، ومن ثم إرجاعهم بنظام الفزعة إلى داخل مركباتهم. وشوهدت اللوحة الخارجية لإدارة الأحوال وقد تغيرت ملامحها جراء عوامل التعرية والرياح وأصبحت مختفية ولا يمكن رؤيتها، ولا بد من استخدام مكبر قراءة لرؤية تفاصيلها!. وتوجد بعض طاولات المكاتب أسفل مبنى الدرج السفلي "القبو" بطريقة عشوائية، وعدم وجود نظافة لأسطح الدرج الداخلي، ورداءة دورات المياه الداخلية للمبنى خاصة التي في صالة المراجعين.
الإدارة والاعتراف واعترفت إدارة الأحوال المدنية بمحايل عسير، حسب مصدر مطلع ل"سبق"، بنقص الكادر الوظيفي في الأحوال مقارنة بالأعداد الهائلة التي تأتي أفواجاً من محافظات بعيدة، ومراكز متناثرة كخميس البحر وقنا ومركز جمعة ربيعة وثربان ومحافظة المجاردة وبارق وثلوث المنظر، مما أثر على سير العمل والضغط الشديد وبخاصة في أوقات الإجازات. وقال المصدر: إن جهاز الحاسب الآلي يتعطل بناء على انقطاع شبكة الاتصالات بالمحافظة، ونحتاج إلى قسم نسائي خاص بالنساء لإنجاز معاملاتهن، وسيارة متنقلة لتخفيف حدة الزحام، خاصة للأهالي الذين يأتون من مسافات بعيدة كالعرضيتين الجنوبية والشمالية، وجمعة ربيعة. ولفت إلى استلام المقاول مبنى الأحوال الجديد في حي الحيلة بمحايل، لكن إلى الآن لم يتم بدء العمل به. كما أكد أن بعض الأقسام كالوثائق والسجلات ما زالت تحتاج إلى أعداد من الموظفين، بالإضافة إلى قسم المواليد، حيث إن الموظف الموجود منتدب من منطقة الباحة. وعن المكاتب المجاورة للأحوال قال المصدر ل"سبق": إن إدارة الأحوال لا تلزم طباعة النماذج الرسمية من تلك المكاتب، بل يمكن للمراجعين طباعتها في مكان آخر، نافياً وبشدة وجود أي نوع من التعاون مع تلكم المكاتب.