فشل مكتب إدارة الأحوال المدنية في أبوعريش في التعامل مع الأعداد الكبيرة من المراجعين الذين يطرقون بابه كل صباح من أربع محافظات، بعد تراجع عدد الموظفين، وتهالك أجهزة الحاسب الآلي، فيما يعاني المكتب نفسه من سوء حالته، رغم كل محاولات التجميل التي سعت لتكسبه «حلة أنيقة». «الشرق» حاولت أن ترسم بعض ملامح دورة العمل في الإدارة وتشخص حال المبنى على الطبيعة. وكانت البداية من البوابة الرئيسة، حيث طمست عوامل الطبيعة «اللافتة»، فيما كانت تقف على الجانب الأيمن سيارتها منكسرة، بعد أن أعيتها الأعطال، وفرغت إطاراتها من الهواء، وتراكمت تحتها أكوام من النفايات، وغطى سقفها الغبار. صالة مهترئة وفي الداخل لم يكن الحال بأفضل من الخارج، فمقاعد صالة المراجعين أمام قسم الحاسب الآلي فقدت أطرافها، ونالها من الصدأ ما نالها، أما الصالة نفسها فتفتقد للتهوية، وتزداد فيها درجة الحرارة، وهو ما يجعل المراجعين يستعينون بملفاتهم لتحريك الهواء وتلطيف الأجواء، ولو لحين. والمكتب لا ينفك يشهد ازدحاماً كبيراً من مراجعي أربع محافظات، فبالإضافة إلى أبوعريش، هناك أحد المسارحة، وضمد والعارضة، وقدر أحد الموظفين أعدادهم بحوالي مائتي مراجع يومياً. موظف واحد ورصدت «الشرق» وجود موظف واحد في قسم الحاسب الآلي يقوم بإنهاء معاملات المراجعين الذين يتزاحمون أمام الشباك.. وكان يدور من جهاز إلى آخر ومن طابعة إلى سجل، قبل أن ينتهي به المطاف إلى تسليم المراجعين طلباتهم في حركة آلية رتيبة، تقاطعها أصوات المراجعين التي تعلو تارة وتنخفض أخرى بحسب درجة غضبهم من تسرب الوقت سريعاً، فيما كان بعضهم يرمق الموظف بنظرات يتطاير منها الشرر، لكن دون أن يأبه لكل ذلك، بل كان في قمة التأدب مع مراجعيه، بل وكان يصب قوالب ثلج على حرارتهم المرتفعة قائلا:»صبركم عليّ.. وأدعو لي بالقوة». من الأمور التي بدا أن الإدارة قصدت منها تنظيم المراجعين شاشة الأرقام، لكن الطريف في الأمر أنها لا تعمل، وهو ما ترك المسؤولية على موظفنا الذي تقبلها، بصبره، حيث يبدأ بتنظيم أسماء المراجعين الذين يتسلم أوراقهم، ثم يعيد ترتيبها، قبل أن يشرع في إنهاء المطلوب.. مراجعاً تلو الآخر.. مكرراً «صبركم عليّ.. وأدعو لي بالقوة». أجهزة معطلة الزائر للمكتب يلحظ تهالك أجهزة الحاسب الآلي التي ألقي بعضها في جنباته لتكون شاهداً على حجم معاناة الموظفين، لعلهم يجدون من يعذرهم. واضطر أحد الموظفين لاستخدام سيارته الخاصة لنقل المعاملات العاجلة للجهات ذات العلاقة، وللإدارة العامة والبريد بعد أن أحيلت سيارة المكتب الرسمية للتقاعد، ورغم خطورة وأهمية بعض الملفات إلا أن الضرورة تجبرهم على ذلك. قلة الموظفين وأكد عدد من المواطنين، ومنهم خالد عريشي، أن أكثر ما يضايقهم هو قلة عدد الموظفين وهو ما يعني تأخر إنجاز معاملاتهم. وأضاف محمد الحريصي قائلا إنه أمضى قرابة الأسبوع في التردد على المكتب للحصول على شهادة ميلاد لابنه، لكن في كل مرة كان يعود دونها، فمرة بسبب تعطل الحاسب الآلي، ومرة بعدم وجود الموظف المختص، وتارة بانقطاع الكهرباء وغيرها من أعذار. وذكر علي حمدي أنهم يسمعون منذ سنوات عن تغيير المبنى الذي لم يعد صالحاً لاستقبال كل هذه الأعداد الكبيرة من المراجعين، مشيراً إلى أنهم تقدموا بعدة شكاوى في هذا الشأن، ولكن لا جديد ينقذ أولئك الموظفين، ويحترم أوقات المراجعين ويلبي لهم احتياجاتهم. أما عيسى واصلي فوصف المبنى ب»العشوائي»، فبعد أن أخذ موعداً عبر الإنترنت لتجديد بطاقته الشخصية، فوجئ بحالة المبنى السيئة وغياب النظافة وتناثر المكاتب وعدم توافر موظفين، فيما تكدست أعداد كبيرة من المراجعين. وقال موسى محمد، وهو رجل كبير في السن ومصاب بالربو إنه لم يحتمل البقاء داخل الصالة لأكثر من نصف ساعة بسبب شدة الحرارة. «الأحوال» تعترف واعترف مدير المكتب عبدالله حكمي ل «الشرق» بوجود نقص كبير في عدد الموظفين بشكل أثر على سير العمل، لافتاً إلى أن سوء المبنى وتهالكه أصبح عائقاً أمام العمل، ما يجعلهم يتعرضون لضغط شديد من المراجعين. ووعد حكمي ببذل كل جهدهم لإنهاء معاملات المراجعين، لكنه أكد في الوقت نفسه ضرورة توفير مبنى جديد وبأقصى سرعة. أما مدير أحوال منطقة جازان علي مدخلي فكان أيضاً شفافاً، وهو يعترف ل «الشرق» بتواضع مبنى أحوال أبوعريش، مشيراً إلى أنهم خاطبوا المكتب للبحث عن مبنى بديل. أما بخصوص نقص الموظفين، فذكر أنه جرى انتداب أربعة موظفين من أبها وسيباشرون عملهم فور وصولهم. وحول عدم وجود قسم خاص للنساء، ذكر مدخلي أن الأمر بسبب سوء حال المكتب، وبمجرد العثور على مبنى آخر فسيتم تخصيص قسم لهن. ولفت إلى أنهم سيقيمون مراكز داعمة للأحوال في الأسواق والمراكز التجارية، وستعمل على إنهاء معاملات المراجعين كافة بكل يسر وسهولة. تزاحم المراجعين أمام مكتب أحد الموظفين «الشرق»
سيارة الأحوال المدنية متعطلة ومتوقفة في فناء المبنى