بكبرياء رجل أنهكه المرض تحدث " م ، ا " ل" سبق " قائلاً : كنت أعمل مندوباً بإحدى الجمعيات الخيرية براتب مقطوع ، وبصوت حزين استكمل حديثه: ابتلاني الله بمرض التصلب اللويحي بالمخ " فصبرت وحمدت الله على ما ابتلاني به ، راجياً رحمته ، بيد أن رحمة البشر اغتالت إنسانيتي ، ففصلت من عملي وأنا في الأربعين من عمري . وصمت برهة عن الحديث محاولاً استعادة كبريائه ثم تابع حديثه : نصحني الأطباء بالراحة التامة ، بل خنقتني هذه النصائح فأصبحت أتحدى ملل أيامي بالدعاء إلى ربي أن يفرج همي ويؤنس وحدتي في غربتي عن ذاتي . وأوضح : منعوني الأطباء من قيادة السيارة ، ومن استعمال الكمبيوتر ، بل وامتدت قائمة الممنوعات حتى قراءة الجريدة لم أعد أتمتع بها . وبصوت ممزوج بالألم وصف معاناته قائلاً: لا أدري كيف أتنفس نسيم الحياة ، فانا حالياً بلا مورد ولا عمل ولا راتب تقاعد ، فضلاً إلى أنني أسكن في مسكن بالإيجار ، عجزت عن دفعه منذ تركي للعمل ، معرباً عن حزنه لترك أبنائه للمدرسة لعجزه عن قيادة السيارة ، وأيضا لعدم توفير المال اللازم لاستئجار سيارة أو سائق . وتابع : لدى خمسة أبناء أصغرهم سنة نصف يعاني من متلازمة داون وضيق في التنفس . وبين أنه عمل بإحدى الوظائف بيد أنه لم يستطع الاستمرار بها . وبكل أسى وصف ما يجول في خاطره قائلا : معاناتي المرضية تعزلني عن العالم ، فأنا مُرهق دائما وغير متزن عصبياً ودائماً ما أصيب بالدوار ، ولا استطيع التركيز ، ولذلك لا استطيع قيادة السيارة . وتابع : أشعر أن عمري يتسرب من بين أناملي ، وأنا عاجز عن أداء مسئولياتي في الحياة كانسان وزوج وأب ، وما أريده توفير راتب شهري للإنفاق على أسرتي وكذلك مساعدتي في إيجاد بيت خاص ، موضحاً عجزه عن سداد إيجار البيت منذ مرضه .