استعرض مختصون في مهارات "البناء بالطين"، أول أمس الخميس، خلال ورشة عمل، عدداً من المحاور التطويرية لفن البناء والزخرفة والخط العربي التي تدخل في صميم البناء التراثي الأصيل، خصوصاً في المساجد والمعالم التاريخية، حيث كشف خبير أمريكي مسلم عن إعداده محراباً للحرم المكي. وأقيمت ورشة العمل على هامش فعاليات ملتقى التراث العمراني الوطني في نسخته الخامسة بمدينة بريدة في منطقة القصيم، الذي تنظمه الهيئة العامة للساحة والتراث الوطني.
وأدار الجلسة الدكتور جاسر الحربش المشرف العام على برنامج "بارع" وهو البرنامج المخصص لرفع كفاءة الحرفيين والبنائين الذين تبنتهم هيئة السياحة للنهوض بالكفاءات الوطنية؛ وذلك بغرض استخدامهم في المشاريع الوطنية التراثية المنتشرة في مناطق المملكة كافة.
وعقدت الجلسة بحضور مختصين وخبراء من الإتحاد الأوروبي في مجال الحفاظ على للتراث العمراني في الدول الأوروبية.
وقال الخبير الأمريكي المسلم والعالم المتخصص في فن عمارة وترميم المساجد االتاريخية والقصور الأثرية الدكتور عبدالكريم جيتس: "سنتناول أهم محاور وأركان ترميم المساجد ودور الحرفيين في احياء التراث الإسلامي في طابع خاص لكونها كنوزاً إسلامية بحتو، وهناك مسؤولية كبيرة تتمثل في إيجاد عمل للحرفيين وسط مجتمع مسلم مهتم بمناطقه التراثية".
واستعرض "جيتس" بعض المشاريع التراثية ودورها في إحياء التراث الإسلامي، وقال: "من ضمن التصاميم الإسلامية التي أعددناها محراب الحرم المكي الشريف، وذلك بالتزامن مع التوسعة الكبيرة في الحرم المكي وذلك عبر تصميم منبر متحرك استغرقت صناعته مدة ستة أشهر باستخدام الزخارف الإسلامية المعروفة".
وأضاف: "تم تصميم لوحات قرآنية خاصة بالحرم المكي يبلغ مجموع أطوالها أكثر من أربعة كيلومترات، والمسلمون ملتزمون بتوظيف الحرفيين لإحياء الحرف الإسلامية واعادة أمجادها الى سابق عهدها".
أمّا الخبير الإيطالي مانويل ناتالي فقد قال: "التقنيات المستخدمة في الزخرفة لها تكنولوجيا متبعة خصوصاً في أعمال الخبراء العالميين في مجال التراث وعلى رأسهم مايك أنجلو وليوناردو جافينش، وهم فنانون عالميون معروفون ولهم بصماتهم في هذا المجال، خصوصاً في مجال فن التزيين واستدامة التراث المتعلق بالأعمال الطينية، وذلك وفق المقاييس الأوروبية".
وأضاف: "الزخرفة والحفر على الأخشاب والخزفيات، أحد الأعمال القديمة في عهد الإمبراطورية العثمانية، وبرنامج "بارع" الذي تبنته هيئة السياحة والتراث الوطني أعطى الاهتمام البالغ لهذه التجارب العالمية المتمثلة بالخزفيات والحفر على الخشب ووضعها بين أيدي المختصين والحرفيين المهتمين في مجال التراث وترميمه".
وفي سياق متصل، تحدثت الدكتورة تاليا كندي من مؤسسة (جبل التركواز) والتي يملكها الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا، عن كيفية الدعم للحرفيين وأبرز الأعمال والمشاريع والأنشطة المعمول بها في مؤسسة تشارلز التي تأسست عام 2006 تحت اسم (تركواز).
وقالت: "هدف المشروع هو دعم الحرفيين في المقام الأول، مبينة أن السعودية من أوائل الدول في منطقة الشرق الأوسط التي حرصت على بث روح المنافسة الحرفية التراثية في المنطقة والحفاظ عليها".
وأضافت الدكتورة "تاليا": "في الوقت الذي يجري في الحفاظ على التراث وتنمية كفاءات الحرفيين، فإننا نعمل في الوقت ذاته على تطوير المواد المستخدمة بهذه الحرف لتكون متاحة لجميع الحرفيين، حيث عملنا في مناطق مختلفة في السعودية لتطوير ذلك ما أمكن، واعادة انعاشها وبالتالي اعداد تقارير نهائية في السعودية حول الحرف المتعلقة بالتراث الى جانب الإلتفات الى الحرف والمحافظة عليها وذلك عبر عقد اتفاقيات وشراكات مع الشركة السعودية للضيافة والتي من شأنها تطوير التراث الحرفي والتصميمات المتعلقة بالتراث".
وأردفت: "نعمل كذلك على مشاريع سعودية مختلفة لتطوير الأنشطة والهياكل الإدارية لتقديم تصميمات جيدة وبدأنا في بعض الأنشطة الإنتاجية".
وتابعت: "قمنا خلال الأشهر الخمسة الماضية بتجميع وحصر الأماكن التاريخية معتمدين على دقة الزخرفة الجبسية وذلك بالعمل جنباً الى جنب مع فرق سعودية متخصصة في أعمال الجص والأنشطة التراثية ولدينا مصممون سعوديون لتطوير التصميمات وإعادتها الى حالتها الطبيعية".