كل مشروع أو جهد حكومي أو خاص يؤدي إلى نفع الناس وتحسين وضعهم وفتح أبواب الأمل لهم يجب تقدير القائمين عليه وشكرهم ودعمهم، هذا من واجبات الإعلام وأخلاقياته، والآن نرى المشاريع التي تنفع الناس تتعدد وتتنوع، وتؤكد أن بلادنا فيها الكثير مما ينفع الناس، ولعلنا نشكر ولا نكفر، ونبادر ولا نتخاذل، وحتى نستمتع بالحياة علينا أن نقدّم الأمل بالله ثم بالناس.. في كل خطوة. تنمية صناعات الحرف اليدوية.. مشروع كنّا، منذ سنوات بعيدة، نتمنى أن يتحقق ويتم الاهتمام به من مؤسسات الدولة. وهذا يتحقق الآن بشكل مهني واحترافي منظم عبر مشروع «بارع»، الذي تتبناه الهيئة العليا للسياحة والآثار. هذا المشروع وجد مؤخراً دعما كبيرا في الاتفاق مع مؤسسة (جبل التركواز) التابعة للأمير تشارلز، ولي عهد بريطانيا. اتفاقية التعاون بين البرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية «بارع» التابع للهيئة العامة للسياحة والآثار ومؤسسة «التركواز» تهدف إلى تنشيط الحرف والصناعات اليدوية في المملكة، ودعم الحرفيين السعوديين عبر تطوير مهاراتهم بمشاركة مدربين وخبراء من مؤسسة «جبل التركواز»، والهدف إنتاج كميات من الحرف السعودية، قابلة للبيع والتسويق عبر المعارض والمناسبات المحلية والدولية. طبقا للهيئة العليا للسياحة، سوف يتم عبر هذه الاتفاقية (تحديد الحرف المستهدفة للتطوير في المملكة، وتوفير الدعم الفني والمهني المكثف لمجموعة مختارة من الحرفيين، إضافة إلى تطوير مجموعة من المنتجات الحرفية ذات العائد التجاري لأسواق التجزئة، والهدايا التذكارية والفنادق، وإنشاء معرض كنموذج للتقاليد الحية من الفنون والحرف الإسلامية، والعمل على التبادل العملي والمهني للطلاب والمعلمين والحرفيين بين برنامج «بارع» ومؤسسة «جبل التركواز»، والتعاون المتبادل لتطوير بعض القرى التراثية في السعودية). هذا التعاون الدولي لتنمية الحرف السعودية مع المؤسسات المتخصصة مثل مؤسسة «جبل التركواز» المهتمة بإحياء الحرف التراثية وتجديد وإعادة بناء المناطق التاريخية، هذا التعاون ضروري حتى يتم تطوير الحرف المحلية بالشكل الذي يضمن تحولها الى منتجات جذابة وعملية وتستفيد من تطور صناعة الحرف، وتستقطب التمويل الضروري الذي يدعمها ويوسع إنتاجها. الهيئة العليا للسياحة أعطت هذا المشروع اهتماما كبيرا، ومؤخرا أرسلت خمسة حرفيين إلى كوريا لمدة خمسة أسابيع على نفقتها، وتستعد لإرسال مجموعة من الحرفيين السعوديين إلى دول أخرى، واهتمامها بالحرف هدفه تعظيم منافعها الاقتصادية والاجتماعية، وتحويلها إلى مصدر دخل دائم للأسر المنتجة، وهذه من المنافع الهامة لقطاع السياحة والآثار. أيضا توجه الهيئة سوف تدعمه الاتفاقية التي وقعتها مع البنك الأهلي التجاري لتمويل مشاريع الحرف اليدوية الصغيرة، وخدمات التمويل من البنك سوف تساعد الكثير من الأسر لتوفير فرص عمل، ودعم البنك الأهلي هذا يأتي ضمن مشروع (أهالينا) الرائد للمسؤولية الاجتماعية الذي يستهدف تمكين أكثر من خمسين ألف سيدة حرفية خلال السنوات الخمس القادمة. الحمد لله أن هذا الاهتمام الجاد يتحقق على أرض الواقع، وسوف يعوض تأخر اهتمامنا بهذا الجانب الحيوي، حيث خسرنا منافع عديدة، وللتاريخ نذكر هنا أن الجمعيات والمشاريع الخيرية اهتمت بهذا الموضوع، ويحضرني هنا اهتمام سمو الأميرة موضي بنت خالد بن عبدالعزيز عبر جمعية النهضة النسائية بالرياض، فقد كانت سباقة لتنمية الحرف الوطنية وتحويلها لمصدر دخل، وأنشأت برنامجا لهذا الغرض. ولكن عدم اهتمامنا وقلة وعينا بهذا الجانب أخر تطوير مشروع جمعية النهضة وغيره من المشاريع المشابهة. جمعية النهضة تعثر مشروعها لغياب التمويل المستدام وخدمات التسويق التي تطور المشروع وتعظم مخرجاته المتميزة التي كانت توثق البيئة المحلية لبلادنا في منتجات حرفية وفنية مبدعة. لقد احتفظت بعينة من منتجات الجمعية في مكتبي بالجريدة لسنوات لأجل تسويق الفكرة. المنتجات الحرفية المحلية توفر بدائل مبدعة للهدايا والدروع التي تقدم لأغراض التكريم، وتقدم هدايا لزوار المملكة. أجزم أن كثيرين لديهم كميات (في مستودعاتهم) من الدروع التي توزع في المناسبات العديدة، فالدروع الزجاجية والخشبية الكئيبة، الفاقدة للحس الفني المبدع في التصميم والتصنيع، لا تغري بعرضها في المكاتب أو البيوت، وغير عملية. وزارة الخارجية السعودية تعاقدت مع إحدى الحرفيات السعوديات لإنتاج هدايا نوعية لمناسبات الوزارة، وهي خطوة مهمة تشكر عليها الوزارة، والخارجية تعلق في مكاتبها نماذج لهذه المنتجات الجميلة. وعموما، وبعد دخول الهيئة العليا للسياحة لتنمية الحرف بشكل احترافي مؤسسي، سوف نرى توسع الاهتمام الحكومي والخاص بهذا الجانب، وبحول الله تتحقق المنافع العديدة للناس، وهذا هو مشروع السياحة الوطنية. صَحِبَ الزَّمانَ وأهلَه مُستبصراً ورأى الأمورَ بما تؤوبُ وتَعقُبُ لا تأمَنِ الدَّهرَ الصروف فإنهُ ما زالَ قِدْماً للرِّجالِ يُؤدِّبُ وعواقِبُ الأيامِ في غَصَّاتِها مَضَضٌ، يُذَلُّ لهُ الأعزُّ الأنْجَبْ