أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة خياط، المسلمين بتقوى الله عز وجل وحثهم على تلاوة كتاب الله وتدبره والعمل به. وقال في خطبة الجمعة بالمسجد الحرام: لقد منّ الله على هذه الأمة بإنزال كتابه العزيز قيماً مباركاً لم يجعل له عوجا، فكان كتاب هداية للتي هي أقوم، دل الله به العباد إلى كل خير تطيب به حياتهم وتسعد به نفوسهم وتحسن به عاقبة أمرهم، فأحيا به موات القلوب وأضاء به ظلمات الدروب.. وأن وجوه بركته لا حدَّ لها غير أن سبيل نيل هذه البركة والطريق إلى إدراكها هو طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جعله الله لنا أسوة نقتدي به ونترسم خطاه ونهتدي بهديه. وقد أوضح صلى الله عليه وسلم لأمته النهج الأمثل للانتفاع بالقرآن والاهتداء بهديه، فبهما تتجلى بركته فبين ما للاشتغال بتلاوة هذا الكتاب من بركة تغمر مَن يتلوه بالحسنات والأجر الضافي وترقى به إلى المقامات العالية وتبلغه المنازل الشريفة التي أعدها الله لحملته يوم القيامة وذلك في مثل قوله صلوات الله وسلامه عليه (اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه) وفي مثل قوله عليه الصلاة والسلام (يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما). وبيّن صلى الله عليه وسلم للأمة إن بركة هذا الكتاب وحقيقة الانتفاع به وسبيل الاهتداء بهديه إنما تكون لمَن لم يجعل أكبر همه ومبلغ علمه التلاوة وحسب، بل أخذ بحظه من تدبره وتفهم معانيه، إذ هو المقصود من القراءة والغاية من التلاوة. وأكد فضيلته أن التدبر الباعث على العمل هو المقصود الأعظم الذي حث عليه ربنا حيث قال الله تعالى (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)، موضحا أن في أيام هذا الشهر المبارك ولياليه خيراً معيناً على إدراك هذه الأمنية وبلوغ هذا المأمول. وفي المدينة المنوّرة، عدّد إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبد المحسن القاسم، فضائل وخصائص شهر رمضان المبارك، فقال إنه شهر عظيم مخصوص القدر والتكريم، مفضل على سائر الشهور، أنزل الله فيه كتابه وفرض صيامه، زمن العتق والغفران وموسم الصدقات والإحسان، تتوالى فيه الخيرات وتعم البركات ثم ساق حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه لأصحابه (أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه مردة الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم). وأضاف القاسم في خطبة الجمعة اليوم، أن رمضان أشرف ألشهور وأزكاها عند الله، جعله تعالي ميداناً لعباده يتسابقون فيه بأنواع الطاعات والقربات، شهر منحة لتزكية النفوس وتنقيتها من الآفات والضغائن والأحقاد، في هذا الشهر مغانم لطاعة الله قرآن وقيام وصدقة وصيام وعطف وإحسان قال عليه الصلاة والسلام (من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء), كما أن العمرة فيه فاضلة، وللصائم دعوة لا ترد، وفي الثلث الأخير من الليل ينزل ربنا ويقول (من يدعوني فأستجيب له). ومضى إمام وخطيب المسجد النبوي، قائلا إن شهر رمضان يغتنمه المشمرون لبر الوالدين والقرب منهم والتودد إليهم ولصلة الأرحام والإحسان إلى الأهل والأولاد للتوجيه الرشيد والمعاملة الحسنة، كما أن الصدقة ميدان لتفريج الكروب عن الغني قبل الفقير يظهر أثرها على المتصدق في نفسه وماله وولده وتقطع عنه البلاء وتجلب له الرخاء، وفيه نسمات الخير والبركات. كما حث الشيخ القاسم المسلمين على الاستغفار، فقال إن الذنب يغفره الله وإن تعاظم، موضحاً أن اليأس والقنوط سلاح لإبليس ليبقي العاصي على عصيانه، لكن العبد مهما عمل من المعاصي والخطايا فإن الله لا ييأس منه، فالتوبة تهدم ما قبلها والإنابة تجب ما سلفها، ومن أعظم أسباب المغفرة إن العبد إذا أذنب ذنباً لم يرج مغفرته من غير ربه. وأشار إلى أن علامة التوبة الندم على ما سلف والخوف من الوقوع في الذنب ومجانبة رفقة السوء وملازمة الأخيار. وحث إمام وفضيلة المسجد النبوي الشريف في نهاية خطبته المرأة على أن تكون شامخة بشرفها صائنة عفافها ومتزينة بزينة الدين متجملة بجمال الستر والحياء فليالي رمضان معدودة والأنفاس في الحياة يسيرة.. والسعيد مَن ملأ حياته بالطاعة والإحسان وابتعد عن المعاصي والأوزار.