مع مطلع شهر ذي الحجة القادم لن تشاهد تلك الأكياس الخضراء التي يحملها المعقبون السعوديون صباح كل يوم أمام أبواب الجوازات وفي الطوابير الممتدة داخل أروقتها، وذلك بعد قرار صدر اليوم بمنع دخول المعقبين إلى مقرات الجوازات والاعتماد كلياً على إنهاء إجراءات المعاملات عبر الشبكة العنكبوتية؛ مما خلق القلق الشديد بين أوساط المعقبين وأسرهم. "سبق" التقت بعدد من المعقبين ورصدت الآراء حول قرار الإدارة العامة للجوازات.
قال المعقب "محمد الزهراني" البالغ من العمر 33 عاماً يعمل بإحدى الشركات الخاصة بقسم التعقيب: إن القرار الذي صدر لم يكن منصفاً بشكل كبير؛ لعدم وجود الحلول البديلة لنا، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من الشركات سوف تستغني عن المعقبين السعوديين، والاكتفاء بموظف أو موظفين، ولاسيما أن جميع الإجراءات والمعاملات تقدم وتجهز عبر الشبكة العنكبوتية.
واضاف المعقب "سعيد البشري" أن القرار الجديد به مصلحة كبيرة على الشركات الخاصة فقط، موفرين لهم عدد موظفين أقل بقسم الدوائر الحكومية، مبيناً أن صاحب العمل أبدى رغبته في الاستغناء عنه عند نهاية الشهر القادم، وذلك لعدم وجود عملي لي، بعد صدور القرار.
العودة للأرصفة مجدداً: أبدى الشاب "فهد العلي"، يعمل في إحدى الشركات؛ تخوفه من العودة إلى الجلوس على الأرصفة مجدداً مع تطبيق قرار الإدارة العامة للجوازات، بعد أن امتهن التعقيب منذ خمس سنوات، قائلاً: إن منع المعقبين من مراجعة مقر الجوازات لإنجاز معاملات الشركات بسبب تحويل كل المعاملات إلكترونياً دون الحاجة إلى معقب، قد يقطع بنا الطريق بعد سنوات من العطالة والجلوس على الأرصفة، بعد أن كنا نحلم ونثق بهذه المهنة التي كانت مصدر رزق لنا وللأسرة.
آلاف المتضررين: وأشار أحد كبار المعقبين بجدة، رفض ذكر اسمه؛ إلى أن هنالك آلافاً من المتضررين من القرار الجديد، وجميعهم سعوديون، ولاسيما أن هذه المهنة هي التي لا تحتاج إلى شهادات أو واسطة للعمل بها، هي منذ عشرات السنين تحتضن العاطلين من الشباب السعوديين، وكانت مصدر رزق لهم بعد الله، مشيراً إلى أن المعقبين كانوا مثل المرشد أو الدليل للمواطن والمقيم؛ يرشدونه إلى اتباع الأنظمة والتعليمات وإنهاء جميع المراجعات بدلاً عنه؛ من خلال توكيله، وبين أن القرار سوف يهوي بمصير عدد كبير من الأسر إلى هاوية الفقر، مطالباً بأن يتم إجبار الشركات ومكاتب التعقيب على عدم الاستغناء عن المعقبين السعوديين لديهم بعد تطبيق القرار في مقتبل الشهر القادم.
بحسب طبيعة العمل: وقال "غازي القحطاني" مالك لمكتب تعقيب: إنه قبل إصدار القرار كان الاعتماد بشكل كبير جداً على سبعة معقبين يعملون في المكتب وجميعهم شباب سعوديون، مشيراً إلى أن بعد القرار قد استغني بشكل كبير عن بعض الموظفين، ولاسيما أن جميع التعاملات في الإدارة العامة للجوازات إلكترونية، ننتظر مع التطبيق الفعلي للقرار وبحسب طبيعة العمل القائم حينها.
قرار الإدارة العامة للجوازات: أطلقت المديرية العامة للجوازات مؤخراً بالتعاون مع شركة "علم" من خلال بوابة مقيم الإلكترونية، ولأول مرة؛ خدمة جديدة هي إنشاء الطرود البريدية التي تتم بعد طباعة الإقامة؛ ليتسنى للمستفيد طلب إضافتها في الطرد، وتحديد عنوان المرسل إليه؛ حيث تهدف الخدمة الجديدة إلى توفير الوقت والجهد على العملاء؛ سعياً من "الجوازات" لتطوير خدمات مقيم الإلكترونية، التي بدأت بإصدار الإقامة، ثم تعديل المهنة، إضافة إلى نقل الخدمات، وأخيراً إطلاق خدمة الطرود البريدية.
وأوضحت المديرية العامة للجوازات أن العمل جارٍ على تطوير خدمة مقيم للأجهزة الذكية، وطرح المزيد من الخدمات المبتكرة بمزايا عصرية توفر الوقت والجهد، مشيرةً إلى أن بوابة خدمة مقيم الإلكترونية تتيح ربط المنشأة إلكترونياً مع المديرية بشكل مباشر؛ مما يتيح لها إمكانية إصدار تأشيرة الخروج والعودة أو إلغاءها وإصدار تأشيرة الخروج النهائي، بالإضافة إلى تجديد رخصة الإقامة، مع إمكانية الاطلاع على المعلومات المحدثة المتعلقة بالعاملين لدى المنشأة.
لا نسعى لضرر المعقب: قال ل"سبق"، مدير الإدارة العامة للعلاقات والإعلام في المديرية العامة للجوازات، "العقيد محمد السعد": إن الإدارة العامة للجوازات لا تسعى لضرر أي معقب يعمل بمهنة التعقيب في المملكة، إنما بهذا القرار سهلنا على المعقبين بشكل كبير إنهاء المعاملات والإجراءات بشكل إلكتروني؛ حتى لا يضطر إلى الوقوف في طوابير الانتظار في مقرات الجوازات، ولفت إلى أنه في ظرف "48" ساعة عمل سيتم إنهاء الإجراءات كافة، وإرسالها عبر الطرود البريدية، حسب موقع الشركة أو الفرد.
وبين "السعد" أن الإدارة العامة للجوازات تسعى دائماً وأبداً إلى النهوض والعمل على تقديم الخدمات كافة، بشكل كبير للمواطنين والمقيمين بمختلف الوسائل.
وزارة العمل تبحث الوضع: ومن جانبه، قال ل"سبق"، "تيسير المفرج" مدير المركز الإعلامي بوزارة العمل: سوف نعمل على دراسة الوضع والعمل على وجود فرص وظيفية من خلال نطاقات بالموارد البشرية، مشيراً إلى أن هنالك احتياجاً كبيراً للمعقبين أصحاب الخبرات، في عدد من الشركات بالمملكة.