"مطلوب معقب له خبرة في نظام السعودة والنظاقات".. هذا الإعلان من المفترض ألا تقرأه مرة أخرى في أي مكان، وأن يختفي إلى الأبد بعد أن أوقفت المديرية العامة للجوازات التعامل مع مكاتب الخدمات "المعقبين" في خطوة تنهي عهداً طويلاً من المهنة التي كانت تمارس أعمالها أمام مقار الجهات الحكومية. الكاتب عبد العزيز المحمد الذكير كشف في مقاله بصحيفة الرياض تحت عنوان "سعادة المعقب!" عن أصل كلمة معقب في اللغة قائلا "المُعَقِّبُ الذي أُغِيرَ عليه فَحُرِب، فأَغارَ على الذي كان أَغارَ عليه، فاسْتَرَدَّ مالَه (وهذه صفة لا تليق بالمعقّب عندنا). وأضاف: "مفردة مُعقب دخلت إلى لغتنا العملية مع الأنظمة الإدارية تقريبا، ولا أعلم عن تعامل رسمي يجري إنجازه دون "معقب، وحقيقة هي مهنة ارتزق منها قوم في بلادنا وعلى وجه الخصوص، أو لنقل إننا أكثر من غيرنا، ونرى باستمرار البحث عن معقب بواسطة إعلانات مبوبة". "أبشر" يرفض "المعقب" وبحسب مصادر صحافية فإن النظام المعمول به حالياً يلزم السعوديين والسعوديات بالتعامل المباشر، ويحظر برنامج "أبشر" التعامل بالطرق التقليدية أو عن طريق توكيل مكاتب الخدمات لإنهاء المعاملات، محذراً من خطورة عدم وعي بعض المستخدمين للبرنامج بالمخاطر المحدقة بإفشاء الأرقام السرية الخاصة لكل شخص حيث إنه قد يتعرض لبعض المخاطر الكبيرة. وأوضحت المصادر أن هنالك بعض السعوديات لم يستخرجن بطاقات هوية لهن مما أسهم في تعطيل بعض المعاملات لهن في الجوازات ومتابعة شؤون مكفوليهن، حيث إن النظام لا يعمل ولا يفعَّل ما لم تكن الهوية الوطنية بنوعها الحديث إضافة إلى القيام بتفعليها عبر البصمة في أحد مراكز الجوازات أو الأحوال المدنية. من جهته، قال حسن القرقوش مالك مكتب للخدمات الحكومية: "أوقفت الجوازات التعامل معنا، وأصبح عملنا في نطاق محدود جداً، وكل من يريد المراجعة أصبح بإمكانه ذلك عبر برنامج أبشر والذي صمم بشكل حديث ومحترف كما أصدرت الجهات الرسمية كذلك برنامج "مقيم" للمنشآت التجارية التي يزيد عدد موظفيها على 100 شخص، وهو برنامج مخصص للشركات دون الأفراد". مهنة فرضتها الظروف والمعقب مهنة فرضتها الظروف والبيئة المحيطة في المجتمع السعودي، ففي ظل تمسك غالبية موظفي الدوائر الحكومية بتطبيق الأنظمة، والتمسك بمبدأ النزاهة أمام المراجعين، وجد مواطنون ومقيمون يطالبون بتخليص معاملات غير قانونية أنه يمكنهم اختراق تلك النزاهة المزعومة، والقفز على تلك الأنظمة الواضحة خارج مباني تلك الجهات الحكومية وتبدأ عملية القفز على النظام الصارم وتخليص المعاملة الصعبة بمجرد الوصول إلى معقب يوصف ب (الذيب)، وكذلك (الشقردي) الذي يستطيع بقدرة قادر أن يحيل ما كان ممنوعاً إلى مسموح، وما كان صعباً إلى أسهل الأمور، مما دفع أناساً للبحث عن المعقب المنقذ والخارق الذي يخلص معاملة كانت سوف تنتهي بالحفظ في أرشيف تلك الدائرة بحكم عدم إجازتها نظامياً، فعمدوا إلى فضاء الإنترنت بأسماء مستعارة باحثين عن المنقذ المنشود. وبحسب مواطنين فإنهم كانوا يلجأون بصفة دائمة إلى المعقب، لكونه يستطيع أن يتغلغل داخل الإدارات الحكومية، وينهي المعاملات في وقت قياسي معتمدا على معرفته بالإجراءات، وعلاقاته بالعاملين في الإدارات المختلفة، والتي بناها من خلال مراجعته اليومية لهم. المعقب والتخليص الجمركي من جانبها طالبت لجنة التخليص الجمركي بالغرفة التجارية الصناعية بجدة بإلغاء نظام المعقب الخاص وتفعيل نظام التبادل الإلكتروني EDI لتمكين المخلص الجمركي من متابعة جميع خطوات البيان الجمركي مع استخدام النظام الإلكتروني في عملية الفسح. نصب واحتيال ولم تسلم مهنة المعقب من النصابين والمحتالين فقد قبضت شرطة المخواة، على ثلاثة مواطنين (32 و37 و38 عاما)، إثر تلقيها بلاغا عن عمليات نصب واحتيال نفذها المطلوبون الثلاثة. وكان المقبوض عليهم يجمعون مبالغ مالية من المواطنين على اعتبار أنهم "معقبون" لدى الدوائر الحكومية، بذريعة إنهاء معاملاتهم الحكومية دون تكبدهم عناء الحضور، بيد أنهم يتوارون عن الأنظار فور استلامهم المبالغ المالية دون تقديم أية خدمة لدافعيها. المال الحرام وقال المفتي العام للمملكة؛ الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، إن مهلة تصحيح أوضاع العمالة الوافدة (ابتُليت) ب(المعقبين) الذين أضروا العمالة بتحميلهم ما لا يطيقون، من خلال مساومتهم على البقاء في مقابل تحميلهم أموالاً طائلة وهم لم ينفقوا إلا القليل، ووصف آل الشيخ تلك الأموال التي يكتسبها المعقبون ب(الحرام) و(السحت)، كونهم يأخذون أموالاً بغير حق. وأكد آل الشيخ خلال خطبة الجمعة في جامع الإمام تركي بن عبدالله في الرياض يوم 19 يوليو الماضي، أن تلك الأعمال جعلت العمالة الوافدة (رهينة) بين تلاعب الكفلاء والمعقبين، في وقت تسعى الحكومة إلى تصحيح أوضاع العمالة وتنظيم الأمور، وأن هذا مقصد حسن وغاية نبيلة، المقصود منها المحافظة على حقوق العمالة.