عبدالكريم الفهمي): يتواصل يومياً الإقبال الجماهيري الكبير في مهرجان "سوق عكاظ" بمدينة الطائف على فعاليات "جادة سوق عكاظ"، وفي صدارتها عرض المسرح المفتوح "نقش من هوازن" للمخرج ممدوح سالم، الذي يعرض مرتين يومياً، بحيث يبدأ العرض الأول عند الساعة السابعة والنصف مساء، والعرض الثاني عند الساعة التاسعة والنصف مساء، وسط حفاوة واضحة من جمهور السوق من مختلف الأعمار. وأبدى الحضور سعادتهم بهذه الفعاليات، سيما "نقش من هوازن"، مؤكدين أنه أحدث حالة من الربط المعرفي والوجداني بين الأجيال المعاصرة، وبين تلك الحقبة التاريخية التي استعرضها العمل من خلال تاريخ الشاعر والفارس والصحابي "لبيد بن ربيعة العامري" والذي عاش نحو 150 عاماً قضى أكثر من نصفها في الجاهلية، ومن ثم دخوله الإسلام ومعاصرته للنبي صلى الله عليه وسلم ولخلفائه الراشدين، مع استعراض لتاريخ العرب وعاداتهم وبطولاتهم في تلك الحقبة.
حضور جماهيري كثيف وكشف "حسام الدين محمود" محاسب مصري يعمل في المملكة وحضر بصحبة أسرته لمشاهدة العرض، أنه شاهد "نقش من هوازن" بمفرده يوم الخميس الماضي ثاني أيام افتتاح السوق، ومن ثم حرص على اصطحاب أسرته في اليوم التالي لمشاهدته، مشيراً إلى أنه برغم استمتاعه وأسرته بالأداء المتميز لفريق العمل، وبمضمونه، إلا أن الحضور الجماهيري الكثيف أجبره على الوقوف هو وأسرته بعد أن امتلأت جميع أماكن الجلوس على المدرج، وأكد أن أعداد الواقفين في جنبات الجادة يفوق العدد المخصص لجلوس الجمهور.
بدوره، أكد الفنان أحمد القعطبي بطل عرض "نقش من هوازن" والذي يجسد شخصيته المحورية عن الشاعر والفارس "لبيد بن ربيعة العامري" أنه استفاد على المستوى الشخصي من العمل، مشيراً إلى أن كثيراً من المعلومات التي عرفها عن "لبيد" استقاها من خلال النص الذي كتبه حسين شاهين، إضافة إلى قراءاته الشخصية عن تلك الحقبة التاريخية.
وعبَّر عن سعادته بالتجاوب الجماهيري الكبير مع العرض، موضحاً أن ذلك يؤشر إلى أن الجيل الجديد لديه تعطش لمعرفة تاريخ وطنه.
منافس لبيد أما الفنان ممدوح العسلي الذي جسد شخصية "النابغة الذبياني"، فأكد أنه كان أحد المنافسين ل"لبيد" في نظم الشعر، وفي الفروسية، مشيراً إلى أنه استفاد تاريخياً بمعرفة الكثير من التفاصيل والحقائق على تلك الحقبة من تاريخ الجزيرة العربية، ودعا الأسر لتكثيف زياراتها إلى الجادة للاستفادة مما تقدمه من معلومات تاريخية بأسلوب شيق.
عنترة يشكركم بينما توجه الفنان عادل الكعبي والذي جسد شخصية "عنترة بن شداد" بالشكر إلى كل القائمين على العرض، وعلى فعاليات الجادة وسوق عكاظ ككل، مشيراً إلى أن هذه الفعاليات تقدم خدمة متميزة، وترفيه راقي للأسر السعودية، بحيث تدمجهم من خلال الترفيه والثقافة بحقب تاريخية غائبة عنهم.
بطولات الأسلاف في الاتجاه ذاته، توجه الفنان ركاد الجعيد والذي جسد شخصية "طرفة بن العبد" بالشكر والامتنان إلى كل القائمين على العمل، مشيراً إلى أنه على المستوى الشخصي استفاد كثيراً بمعلومات لم يكن يعرفها من قبل، وأكد الحاجة إلى تكثيف وزيادة هذه النوعية من العروض التي لا تهدف إلى الترفيه فقط، بل إلى تثقيف المواطنين بتاريخهم وبطولات أسلافهم.
وعي جماهيري بينما أثنى الفنان نور الدين لطفي الذي جسد شخصية "الأصمعي" على الإقبال الجماهيري الكبير على عرض "نقش من هوازن" وعلى مختلف فعاليات الجادة، مؤكداً أن ذلك يعكس ارتفاع الوعي لدى المواطن، وحرصه على التجاوب مع الفعاليات التي تنمي مداركه وتجعل من الترفيه والمتعة سبيلاً إلى المعرفة.
شهادة تميز فيما أكد الفنان عبدالملك الهتاري الذي جسد شخصية "الفرزدق" أن "جادة سوق عكاظ" كتبت شهادة تميزها منذ ميلادها في العام الماضي، وواصلت في هذا العام تميزها بباقة من الفعاليات يتصدرها عرض "نقش من هوازن"، مشيراً إلى أن فريق العمل تفانى في تقديم عمل متميز، ولذلك كان من الطبيعي أن يحوذ إعجاب الحضور.
صعوبات أما الفنان منصور المسلوخ والذي جسد شخصية "الراوي" فأشار إلى أن العمل كان مرهقاً للغاية، وبه عديد من الصعوبات، خاصة أنه عمل مفتوح أمام الجمهور ولا مجال فيه للأخطاء برغم كثافة عدد الممثلين والذين يصل عددهم إلى 200 ممثل، إضافة إلى وجود عشرات الجمال والخيول، إلا أن البروفات المكثفة التي تم إجراؤها قبل العمل، جعلته يظهر بصورة مثالية.
تبني بدوره، قال الفنان أسامة الأفغاني الذي جسد "الملك النعمان بن المنذر" أنه قام بالقراءة كثيراً عن شخصية النعمان، وكذا عن الشخصية المحورية للعرض "لبيد العامري" حتى يمكنه التعايش في الأجواء التاريخية لتلك الحقبة، موضحاً أنه يجب أن تهتم بعض الجهات الرسمية كوزارة الثقافة والإعلام أو وزارة التربية، بتبني هذه النوعية من الأعمال التي تعكس تاريخ الوطن وتبرز رموزه على مر الأزمان.
انتظروا المزيد إلى ذلك، توجه ممدوح سالم منتج ومخرج فعاليات "جادة عكاظ" وعلى رأسها عرض "نقش من هوازن" بالشكر العميق لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ، على رعايته لفعاليات "سوق عكاظ" وجادته، كما توجه بالشكر للأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس اللجنة الإشرافية العليا، على تشريفه وافتتاحه للسوق والجادة، وإشادة سموه بعرض "نقش من هوازن"، موضحاً أن هذا ليس بالأمر الغريب على شخص الأمير خالد الفيصل.
وأضاف سالم أن الحفاوة الجماهيرية الكبيرة على عرض "نقش من هوازن" أثلجت صدره وجميع فريق العمل المكون من 200 ممثل، وأكثر من 50 من الفنيين والتصوير والإخراج، وأكدت لهم أن الجمهور حريص على متابعة الأعمال التي ترتقي بذائقته وتنمي مداركه، وليس فقط ترفه عنه.
وأشار إلى أن فعاليات الجادة و"نقش من هوازن" مستمرة حتى السادس من شهر ذي القعدة الجاري، واعداً بمزيد من الأعمال التي تكتسب ثقة الجمهور في الدورات المقبلة من "سوق عكاظ".
نقش من هوازن ويقدَّمْ عرض "نقش من هوازن" بجودة عالية وبتقنيات مبهرة لزوار "سوق عكاظ" من حيث الصوتيات من خلال سماع الأداء الحركي والصوتي للممثلين، ويتمحور حول شخصية الشاعر والفارس "لبيد بن ربيعة العامري" مستعرضاً شجاعته في مواجهة "الملك النعمان بن المنذر"، وكيف استطاع بذكائه ولباقته أن يحول موقفه تجاه قومه من العداء إلى المحبة.
ومن خلال راوٍ عميق الصوت ومع موسيقى خاصة تتمازج مع صهيل الخيول ورغاء الإبل رصد العرض مسيرة لبيد الذي عاش مائة وخمسين عاماً مليئة بالأحداث التي تتداخل فيها البطولة والكرم والفروسية والفصاحة، وتصديه لقطاع الطرق في تهامة بزعامة "البراض" والذي أوقع فتنة بين القبائل أحدثت حرباً ضروساً، ولبيد ينتقل من انتصار إلى انتصار، وتمضي الأيام مسرعة وتترك وراءها ذكريات الماضي، ولبيد يكبر معها شاعراً مخضرماً له باعه وخصوصيته وتميزه، ويرصد العرض منافساته في مجلس "النابغة الذبياني"، وفي حضرته "الفرزدق" و"عنترة" و"طرفة بن العبد" و"الأصمعي"، كما يرصد دخوله الإسلام، ومرور الأيام وتعاقب الخلافة الإسلامية، حتى وفاته عن مائة وخمسين عاماً.