"الإهمال وأيدي العابثين والعوامل الطبيعية".. ثالوث خطر يهدد بزوال أكبر وأقدم قرية أثرية بمحافظة القريات، وفقدان شمال المملكة أحد أبرز المواقع الأثرية فيه.. عن "قرية كاف" نتحدث. وتتعرض القرية بشكل يومي لعدة عوامل؛ منها طبيعية؛ كتعرض مبانيها الطينية للرياح التي أدت إلى تفتيت أجزاء منها، ومنها عوامل بشرية ككتابة بعض العابثين على جدرانها وهدم وحفر بعض آثارها؛ بسبب بحثهم عن الآثار والكنوز بها، ومن هذه العوامل إهمال الجهات المختصة للقرية طيلة السنوات الماضية.
عيون كبريتية القرية الأثرية هي عبارة عن بيوت طينية يحيطها الكثير من أشجار النخيل التي تسقيها العيون الكبريتية التي تتميز بها القرية، ويتوسطها مسجد مبني من الحجارة على طراز إسلامي قديم، وأيضاً مدرسة قديمة، كما يوجد بالقرية قصر "كاف" الذي أنشأه الأمير نواف الشعلان سنة 1338ه 1920م، ويقع شرق القرية، والذي كان قديماً حصناً حربياً تم بناؤه من الحجارة الجيرية ذات اللون الفاتح.
ترميم القصر وقام مؤخراً مكتب الهيئة العامة للسياحة والآثار بالقريات بأعمال الترميم والصيانة للقصر والذي أعاد للحصن جزءاً مهماً من قيمته التاريخية، وأصبح مزاراً لعدد من السائحين، وتنظم إليه زيارات للطلاب وضيوف القريات.
قلعة حربية ويوجد بالقرية أعلى وأكبر قلعة حربية وهي "قلعة الصعيدي"؛ وذلك على قمة جبل عالٍ بارتفاع 100 متر تقريباً بُنِيَت جدرانه من الحجارة البازلتية السوداء.
محطة القوافل وتقول الدكتورة "ميسون العنزي" المتخصصة بالتاريخ، ل"سبق": "كانت "كاف" هي القاعدة الأساسية لمدينة القريات؛ وذلك حتى عام 1357ه، وتبعد عن القريات 18 كم، وكانت محطة للقوافل التجارية المارة والحج، ولم يبقَ من هذه القرية إلا بعض المعالم التاريخية الجميلة التي تبعث التراث الذي يحتاج إلى عناية وترميم من دائرة الآثار؛ لتُضفي على المنطقة إشراقة الأصالة والارتباط بالجذور لارتباط الماضي بالحاضر بالنظر إلى البيوت الصغيرة المبنية بالطين وحجارة البازلت.
بيوت مختفية وتضيف: حالياً اختفت بعض هذه البيوت أو أجزاء منها تحت الرمال، وتحتاج إلى عناية خاصة من دائرة الآثار لاستخراجها وترميمها بنفس مواد البناء على هيكلها الحقيقي حتى لا تتغير معالمها الأثرية.
وطالبت "العنزي" باهتمام أكبر بهذه القرية وبالقرى الأثرية المجاورة لها؛ حيث إنها ستُحيي المنطقة سياحياً واقتصادياً؛ لما لها من وقع كبير في نفوس الأهالي، وتبعث الراحة والاطمئنان؛ فالنفس البشرية من طبيعتها الميل للماضي الجميل والعريق؛ لا سيما كقرية "كاف" ذات الجمال الخلاب، والتي تناسب أن تكون منتجعاً سياحياً مع توفر مياه العيون فيها؛ مما يزيد من إطلالتها البهية، ويجعلها واجهة منطقة الشمال مع القرى الصغيرة المجاورة لها مثل (إثرة، وعين الحواس، ومنوة)، وسيقصدها الناس من كل مكان طلباً للاستكشاف والمشاهدة والراحة.
البلدية والتطوير وكان رئيس بلدية القريات المهندس علي بن قائض الشمري، في اللقاء الثاني للبلدية الذي يأتي ضمن سلسلة من اللقاءات التي تعرض بها البلدية مشاريعها التنموية، والذي عُقِدَ مؤخراً وتم تخصيصه لعرض مشروع "دراسة تطوير قرية "كاف" بالقريات وذلك بحضور مدير مكتب الآثار بمحافظة القريات طلال الرويلي، وعدد من أعضاء المجلس البلدي، والإعلاميين، وعدد من أهالي القرية والمهتمين، قد أعلن أن "كاف" ستستعيد تألقها، وسيكون لها مكانة مميزة، وسيُشار لها بالبنان قريباً، بعد أن عانت الهجران وشعر أهلها بالاغتراب.
وذكر "الشمري" عزم البلدية وحرصها -بدعم من المجلس البلدي- على صيانة وحفظ "كاف" والقرى التراثية للأجيال القادمة؛ باعتبارها النسخة الأصلية للبعد التاريخي والثقافي والتراث العمراني في المحافظة.
مشروع مميز يُذكر أن مشروع دراسة تطوير قرية "كاف" بالقريات، حصل على المركز الثاني في جائزة الأمير سلطان بن سلمان للتراث العمراني بمجال البحوث والدراسات.
ويأمل أهالي القريات أن يتم تنفيذه تماماً كما جاء في هذه الدراسة الجميلة مع أهمية المحافظة على المعالم التاريخية الأصلية قدر الإمكان، لا أن يتم ترميمها بمواد وأشكال حديثة تُخفي معها ما تميزت به هذه القرية التاريخية.