"حسبنا الله ونعم الوكيل.. لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.. الفقير إلى الله .. حميدان بن علي التركي .. سجن لايمون - كولورادو" كانت هذه العبارات منقوشة على قطعة قماش أصر حميدان التركي على أفراد أسرته أن يقوموا بإيصالها يداً بيد إلى مراسل "سبق" بوصفها هدية تحمل في طياتها الكثير، وتحمل رائحة الحب من سجين ينتظره الملايين، لا يكلون ولا يملون كل يوم من ذكر اسمه والسؤال عن حاله والدعاء له؛ لتثمر الجهود الشعبية متكاتفة مع الحكومية في تقليص مدة المحكومية 20 عاماً؛ لتصبح 8 بدلاً من 28، وليصبح حميدان قصة طالت نهايتها كثيراً كما تعتقد "ربى" التي قضت مع أبيها 8 سنوات، ويُصرّ قاضي كولورادو أن تقضي بدونه 8 سنوات أخرى؛ ليكون الرقم 8 هو الأصعب في حياة الصغيرة "ربى"، التي تسمرت مع أخواتها وأمها وأخيها البارحة أمام سماعة الهاتف متابعين محاكمة مَنْ طالت غيبته. ويحكي لنا تفاصيل محاكمة الخامس والعشرين من فبراير المتحدث الرسمي باسم عائلة التركي فهد النصار؛ حيث قضت محكمة آراباهو بولاية كولورادو الأمريكية بتخفيض الحُكْم الصادر ضد طالب الدكتوراه السعودي حميدان التركي من 28 سنة إلى 8 سنوات، فيما يعتبر هذا الحُكْم جارياً من تاريخ سجنه، أي قبل نحو 4 سنوات ونصف السنة؛ وبالتالي تكون المدة المتبقية له 3 سنوات ونصف السنة. وقال النصار ل"سبق" بعد أن شكر الله وحمده على هذا الفضل: إن الحُكْم المخفَّف لم يرقَ إلى تطلعات هيئة الدفاع وأسرة التركي، الذين كانوا يتطلعون إلى الاكتفاء بالفترة التي قضاها في السجن. علماً بأن القضية أُعيد النظر فيها لوجود أخطاء قانونية أدت إلى مضاعفة الحُكْم بشكل غير قانوني، وذلك بحسب إفادة القاضي مقارنة بالأحكام الصادرة في قضايا مماثلة. وأضاف النصار بأن القاضي أخذ في الاعتبار عدداً من المبررات الأخرى، منها: رسائل الفيديو الموجَّهة إليه من والدة وزوجة وأبناء حميدان التركي، الذين طالبوه فيها بإنهاء معاناتهم، وكذلك رسالة سفير خادم الحرمين في واشنطن عادل الجبير التي أشار فيها إلى حسن سيرة حميدان التركي، واهتمام القيادة والشعب في السعودية بقضيته، وأنه يستبعد قيامه بالأعمال المتهم بها. ومن المبررات التي أخذ بها القاضي - والكلام للنصار - رسالة مدير السجن السابق الذي أثنى على أخلاق التركي، وأنه كان متعاوناً ومشاركاً في برنامج تأهيل السجناء للخروج من السجن وتسهيل انخراطهم في المجتمع. وفي تطور إيجابي قرر القاضي إمكانية دخول حميدان التركي البرنامج التأهيلي للخروج من السجن؛ حيث يتمكن من الخروج من السجن بعد انتهاء محكوميته مباشرة. وعلى صعيد متصل غصّت قاعة المحكمة منذ ساعات الصباح الأولى أمس الجمعة بأصدقاء حميدان التركي وأبناء الجالية الإسلامية والسعودية على وجه الخصوص؛ ما اضطر العشرات إلى الانتظار خارج قاعة المحكمة طوال مدة الجلسة التي استمرت أكثر من 5 ساعات، تخللها توقف واحد لمدة 15 دقيقة. وفي نهاية حديثه إلى "سبق" قام النصار بتقديم جزيل الشكر والامتنان إلى مقام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين والنائب الثاني على توجيهاتهم ورعايتهم الكريمة، وإلى وزير الخارجية والسفير السعودي في واشنطن على المتابعة المستمرة والإيجابية التي أوصلت القضية إلى هذه النتائج. وقال النصار: "لا نزال متفائلين بقرب توقيع وتفعيل اتفاقية تبادل السجناء مع الولاياتالمتحدةالأمريكية؛ ليستفيد منها حميدان التركي وأي سجين سعودي في أمريكا؛ ليكونوا في وطنهم وبالقرب من أهلهم ومحبيهم". وختم النصار حديثه بإزجاء الشكر والامتنان "إلى كل مَنْ تواصل معنا واهتم بقضيتنا من مسؤولين وكُتّاب وإعلاميين وعموم الشعب السعودي النبيل".