سيطرت أمس، جماعة الحوثي الذراع الإيرانية في اليمن، على العاصمة صنعاء، وفرضوا أجواء الحرب الأهلية الطائفية، المرشحة للانفجار في أي لحظة، بعد أن قام عشرات الآلاف من المسلحين الحوثيين، بعد أن أمر زعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي أتباعه بالزحف على العاصمة صنعاء وإسقاطها بالسيناريو نفسه، الذي استخدم في إسقاط مدينة عمران مطلع يوليو الماضي في اليمن. وأكدت مصادر إعلامية يمنية أمس الأحد، سيطرة الحوثيين على مقر رئاسة الوزراء والإذاعة ومقار عسكرية في صنعاء، بحسب ما أكدت مصادر من الحكومة والحوثيين. في حين أشارت مصادر إخبارية توصل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والحوثيون إلى اتفاق يقضي باستقالة الحكومة وتشكيل أخرى جديدة، مع وقف إطلاق النار في العاصمة.
وأحكم الحوثيون قبضتهم على مقر البرلمان اليمني من دون مقاومة، ومقر البنك المركزي، ومقر الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد، ويقتربون من اقتحام مقر وزارة الدفاع اليمنية الذي تدور حوله معارك عنيفة . وإلى ذلك، دعت قيادة الجيش، الوحدات العسكرية في العاصمة للثبات في مواقع.
وأشارت المصادر إلى أن الحوثيين سيطروا على مقر الفرقة السادسة ومقر القيادة العامة للقوات المسلحة بعد حصول مواجهات بالأسلحة. وأكد الحوثيون السيطرة على مقر الفرقة الأولى مدرع "مقر اللواء علي محسن الأحمر" الذي يبدو أنه تمكن من الفرار، وهو من ألد أعداء الحوثيين.
وشددوا على التطهير الكامل والكلي لمقر الفرقة الأولى مدرع المنحلة، وأعلنوا اللواء الأحمر مطلوباً للعدالة، ولا يزال الحوثيون يحاصرون مبدئياً جامعة الإيمان معقل رجل الدين السلفي عبدالمجيد الزنداني، وهو أيضاً من أبرز أعداء الحوثيين، وأكدت المصادر أن عدداً كبيراً من المقار العسكرية والسياسية التي سيطر عليها الحوثيون لم تشهد أي مقاومة من جانب الجيش.
وتأتي هذه التطورات على الرغم من وصول اثنين من ممثلي التمرد الحوثي إلى القصر الجمهوري في صنعاء بعد إعلان المبعوث الأممي التوصل إلى اتفاق سياسي سيتم توقيعه، واستولى الحوثيون على كميات كبيرة من الأسلحة بعد سقوط مقر الفرقة الرابعة في وسط صنعاء.
ووصل مندوبون عن الجماعة ومحافظ صعدة إلى مطار صنعاء، بعد ظهر أمس الأحد، حيث سيتوجهون إلى دار الرئاسة للتوقيع على اتفاقية إنهاء الأزمة. وكان المبعوث الأممي إلى اليمن أعلن أنه بعد مشاورات مكثفة مع جميع الأطراف السياسية اليمنية، تم التوصل إلى اتفاق لحل الأزمة الحالية في اليمن بناء على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
وأضاف "ابن عمر" في بيان له أن التحضير جارٍ لترتيبات التوقيع، مشيراً إلى أن الاتفاق سيشكل وثيقة وطنية تدفع بمسيرة التغيير السلمي، وترسخ مبدأ الشراكة الوطنية والأمن والاستقرار في البلاد، مبدياً أسفه لاستمرار إراقة الدماء، خصوصاً بعد التوافق على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
وأكد "ابن عمر" أن الوقت حان الآن لتجاوز المصالح الضيقة، وتغليب المصلحة العليا، والعمل بمسؤولية على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وبناء الدولة الجديدة التي توافق عليها اليمنيون.
ويأتي هذا الإعلان إثر فرض اللجنة الأمنية العليا التي يرأسها الرئيس اليمني هادي حظر تجول ليلي في أربعة أحياء شمال غرب صنعاء حيث تدور معارك بين مسلحين حوثيين ومقاتلين مدعومين من الجيش.
ولجأت السلطات إلى حظر التجول إثر اشتداد المعارك بين متمردي جماعة "أنصار الله" الشيعية ومسلحي حزب "الإصلاح" السني التي أوقعت عشرات القتلى منذ الخميس من الجانبين، إضافة إلى 22 مدنياً على الأقل.
وأدت أعمال العنف أيضاً إلى تعليق الرحلات الجوية الدولية في مطار صنعاء وغلق المدارس وأكبر أسواق العاصمة، وإلى شبه شلل تام في صنعاء، وتوقف بث برامج القنوات العامة الثلاث التي يقع مقرها في منطقة المعارك شمال صنعاء لأكثر من ساعة قبل أن تعود للبث مساء السبت.
وكانت جماعة "أنصار الله" أعلنت أنها تمكنت من السيطرة مساء أول أمس السبت على مبنى التلفزيون اليمني والمواقع العسكرية المحيطة به، كما سيطرت على معظم الأحياء، منها جامعة الإيمان وموقع معسكر الفرقة الأولى مدرع سابقاً، وكان الرئيس اليمني وصف هجوم الحوثيين في صنعاء بأنه "محاولة انقلاب".
وقدر خبراء يمنيون أن هناك أكثر من أربعين ألف معتصم حوثي في خمسة مخيمات للجماعة في مداخل صنعاء بينهم قرابة 15 ألف مسلح، فضلاً عن ثلاثة مخيمات داخل المدينة التي يسكنها أكثر من ثلاثة ملايين نسمة.. وكشف تقرير استراتيجي يمني، عن سيناريوهات إسقاط الجماعة المسلحة الحوثية العاصمة صنعاء، والسيطرة على مؤسسات الدولة وسط تخاذل دولي من قِبل القائمين على انتقال العملية السياسية في البلاد.
وحذّر التقرير الذي أصدره مركز أبعاد للدراسات والبحوث، قبل تصعيد الحوثيين ومحاصرة صنعاء بالمسلحين، من تراجع لافت لخيارات السلام في اليمن، مقابل ازدياد واضح لمؤشرات العنف وبوتيرة غير مسبوقة. وقال: "إن الحالة الانتقالية في البلاد مهددة بالفشل، بسبب فشل القائمين على الانتقال في اتخاذ إجراءات جدية تلبي مطالب التغيير وتكسب ثقة اليمنيين".
وأكد تقرير حالة عن الوضع اليمني الذي أصدرته أخيراً وحدة الاستراتيجيات والرؤى المستقبلية في المركز، على أن فكر العنف بدأ يكسب أنصاراً جدداً بالذات في أوساط الشباب، وأن الجماعات المسلحة تحقق توسعاً على الأرض وتكسب نفوذاً جديداً مع كل يوم تفشل فيه سلطات الانتقال في تحقيق مكاسب لصالح مشروع بناء الدولة.
وقال تقرير مركز أبعاد للدراسات: "هناك شعور مخيف يظهر اليمن وكأنها تتدحرج تدريجياً إلى حضن جماعات العنف، وهناك مخاوف كبيرة من مؤشرات احتمالية سقوط وشيك للدولة اليمنية، في حال نجحت محاولات بعض الجماعات المسلحة الإرهابية إسقاط العاصمة صنعاء من خلال سيناريوهات متعددة ومختلفة".