لم يمنع النهار الرمضاني الطويل في "شتوتجارت" وسط ألمانيا، والذي يصل ل 20 ساعة، ولا التقدم في العمر، "بديعة" و"أمينة" السيدتين الألمانيتين من "أصول مغربية" من التطوع لتجهيز الإفطار الجماعي للمسلمين من مرتادي المركز الإسلامي بمسجد الأمة وسط المدينة في بادرة إنسانية جميلة. "الحاجة بديعة" و"الحاجة أمينة" -كما تُحبان أن يطلق عليهما- تحضران للمطبخ داخل المركز الإسلامي لتجهيز وجبة الإفطار يومياً، لما يقارب 90 مسلماً يتوافدون على المسجد مع اقتراب مغيب الشمس، وترفضان أن تتقاضيا أي مبالغ تجاه عملهما النبيل.
"بديعة" و"أمينة" واللتان بلغتا العقد الخامس من عمرهما تصلان يومياً عند العاشرة صباحاً، وتبدآن في تجهيز الإفطار الأول الذي يتكون عادة من التمر والفواكه والماء، ثم تجهزان الإفطار الثاني المكوَّن من وجبة شوربة الحريرة المغربية، مع أطباق من الأرز واللحم والدجاج يكفي لكل الصائمين.
وتغادر السيدتان المركز الإسلامي غالباً عند الخامسة مساءً بعد أن تضعا الطعام في حافظات دافئة، حيث يتكفل الرجال بتوزيع الإفطار مع اقتراب مغيب الشمس، في حين تعود كل واحدة لمنزلها لتجهيز الإفطار لأسرتها، حيث يؤذِّن المغرب عند التاسعة والنصف تقريباً.
ورغم حجم الطبخ الكبير الذي يستغرق أحياناً 6 ساعات يومياً حتى يتم الانتهاء منه، إلا أن المتطوعتين لم تغيبا يوماً عن هذه المهمة التطوعية منذ أن بدأتا تنفيذها قبل 5 أعوام تقريباً.
تقول "بديعة": أجد راحة كبيرة عندما أعمل على تجهيز وجبات الصائمين، وعائلتي تتفهَّم الأمر وتدعمني بقوة، خصوصاً وأن الأجر من الله كبير بإذن الله تعالى.
وتواصل: لا نبالي أنا ورفيقتي بطول المدة، فالأهم أن نصنع طعاماً يكفي لجميع الصائمين، ونحزن بشدة عندما ينتهي رمضان، وندعو الله أن يمدَّ في أعمارنا حتى رمضان الذي يليه.
يقول الشيخ "ربيع" إمام مسجد "الأمة": منذ أن حضرت للمسجد عام 2009م قررنا حينها إعداد إفطار جماعي للصائمين، خصوصاً وأن هناك العديد من الطلبة المسلمين والعاملين أيضاً والذين لا يجدون وقتاً لتجهيز الغذاء، وحينها تكفَّلت السيدتان "بديعة" و"أمينة" بصناعة الإفطار الجماعي بنفسيهما، ولم تطلبا شيئاً من الدنيا بل أرادتا الأجر والثواب من الله.
ويضيف: الطعام الذي تصنعانه يجد إقبالاً شديداً من الصائمين، وهو أفضل من تلك الأطعمة التي تُشترى من المطاعم الخارجية، خصوصاً شوربة الحريرة المغربية التي تجيدانها.