بعد خمسة أيام من الهجوم الدامي الذي شنته إسرائيل على أسطول الحرية الذي كان متوجها الى قطاع غزة لتسليمه مساعدات، سيطرت قوات الكوماندوز التابعة لسلاح البحرية الإسرائيلية بعد ظهر اليوم على سفينة المساعدات الآيرلندية راشيل كوري واقتادتها نحو ميناء أشدود دون استخدام القوة ودون أن يلاقي الجنود أي مقاومة من ركاب السفينة الخمسة عشر. ونقلت وكالة أنباء "رويترز" عن متحدثة عسكرية اسرائيلية: أن القوات صعدت إلى السفينة بموافقة كاملة من طاقمها، وأنه لم تقع إصابات. وسيطرت القوات الإسرائيلية على السفينة على بعد 22 ميلاً من سواحل القطاع بعد أن واصلت طريقها إلى غزة متجاهلة تعليمات التوجه إلى ميناء أشدود حيث يعتدي الجيش الإسرائيلي على الصحفيين العرب في الميناء. وحاصرت ثلاثة زوارق من البحرية الإسرائيلية على الأقل السفينة قبل انقطاع الاتصالات مع من على متنها. وقالت جيني جراهام، الناطقة باسم الرحلة، إن المعدات الإلكترونية على السفينة تعرضت للتعطيل الإسرائيلي، مضيفة أن أجهزة الاتصال العاملة بالأقمار الصناعية قطعت أيضاً. وقال الجيش الإسرائيلي إن عملية السيطرة جرت دون عنف، وذلك بعد مفاوضات مع ركاب السفينة الذين أعلنوا الخضوع للطلبات الإسرائيلية، وقد جرى توجيه السفينة إلى ميناء أسدود لتفريغ حمولتها وتفتيشها، مع التعهد بنقل المساعدات التي توافق تل أبيب عليها إلى غزة براً. وتحمل السفينة 550 طناً من الأسمنت الذي تحظر إسرائيل إدخاله إلى القطاع بزعم أن حركة حماس قد تستخدمه لأغراض عسكرية، كما تحمل أطنانا من المواد التعليمية والطبية التي تبرعت بها النرويج، ومقاعد للمقعدين تبرعت بها جهات سكوتلندية. وقال راديو إسرائيل إنه سيعاد ركاب السفينة الآيرلنديين والماليزيين إلى بلديْهما جواً عن طريق مطار بن جوريون الدولي، في حين ذكر المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفرخاي أدرعي "أن الحكومة الإسرائيلية اتخذت قرار بترحيل جميع النشطاء التسعة الذين كانوا على متن السفينة فور وصولها إلى ميناء أشدود من خلال مطار تل أبيب بعد التدقيق في جوازات سفرهم". وقال الجيش الإسرائيلي إن سفينة الشحن التي استأجرتها منظمة آيرلندية مؤيدة للفلسطينيين رفضت ثلاث مرات الامتثال للأوامر التي وجهناها باللاسلكي، بالتوجه بتغيير طريقها. وذكرت ناطقة عسكرية في القدس: "أبلغنا عدة مرات المسؤولين عن السفينة أنه يتعين عليهم التوجه إلى ميناء أشدود وأن قطاع غزة محاصر لكنهم تجاهلوا دعواتنا وواصلوا طريقهم باتجاه غزة". وقالت أفيتال ليبوفيش المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي لCNN، إن الاعتقال جرى في المياه الدولية، وأضافت: "يجب أن نقول أن هناك فرق بين هذه السفينة والأسطول الأخير الذي اختار طاقمه استخدام العنف، بينما استسلم طاقم هذه السفينة دون مواجهات".
واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن كيفية سيطرة سلاح البحرية على السفينة الآيرلندية بصورة تخلو من أي عنف تماماً تؤكد الفارق الهائل بين رحلة بحرية لنشطاء مسالمين ورحلة الكراهية للسفينة التركية (مرمرة) الاثنين الماضي. وقال إن إسرائيل تتعامل مع جميع السفن التي تحاول الوصول إلى شواطئ غزة وفق القاعدة ذاتها بمعنى فرض الطوق البحري الذي يستهدف منع تهريب السلاح إلى حماس وفي نفس الوقت السماح بنقل البضائع إلى القطاع بعد تفتيشها وأكد أن إسرائيل ستحتفظ بحقها في الدفاع عن النفس ولن تسمح بإنشاء ميناء إيراني في غزة. وأدانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" اعتراض السفينة. وقال أحمد يوسف رئيس اللجنة الحكومية لكسر الحصار في الحكومة المقالة والعضو في حركة حماس: إن "منع الاحتلال لهذه السفينة جريمة أخرى ترتكبها إسرائيل في أقل من أسبوع". وطالب يوسف وهو وكيل وزارة الشئون الخارجية في الحكومة المقالة "بضغط دولي لوقف القرصنة التي لا يمكن السكوت عنها لأن هذا الأسلوب فيه تهديد للبشرية بما تنتهكه إسرائيل وتحاول تدمير قوانين البحرية العالمية". ورأى يوسف أن هذه السفن "مقدمات لكسر الحصار". وكشف يوسف أنه يجري حاليا "الإعداد لعدد كبير من السفن تقل متضامنين يمثلون كل دول العالم إلى غزة ليرتفع صوت العدالة والحق رغم أن هذه الدولة المارقة (إسرائيل) تتصرف بعنجهية وغباء". وأضاف أن هذه السفن ستصل في "الأسابيع القليلة القادمة". ويخضع قطاع غزة الجيب الذي تبلغ مساحته 362 كلم مربعا ويضم 1,5 مليون نسمة، لحصار اسرائيلي مطبق منذ يونيو 2007 بعد سيطرة حركة حماس عليه وطردها قوات الرئيس الفلسطيني محمود عباس.