سيؤدي إلى تباطؤ معدلات توظيف السعوديين بالدولة بمعدل السنتين اللتين سيُرفع بهما . -"الشمري ": علينا انتظار إحالة نظام التقاعد الجديد للمدنيين والعسكريين وموظفي القطاع الخاص الذي يُدرس حالياً في مجلس الوزراء. - "الشامان": الشباب يمثلون 60% من المجتمع.. والنظام الحالي يغلق الأبواب في وجوههم . - "الحارثي": نحتاج إلى ضخ الدماء الشابة وإزالة التفكير القديم؛ ولكن نفاجأ برفع سن التقاعد. - "الدوسري": تمديد سن التقاعد جاء مخالفاً لآمال وطموحات الكثير من الشباب. -"مهجع": مجلس الشورى استجاب لقرار مؤسسة التقاعد؛ لعدم إرهاقها مالياً.
خلود غنام- سبق- الرياض : بعد أن وافق مجلس الشورى، خلال جلسته العادية الخامسة والثلاثين التي عقدها برئاسة رئيس المجلس الشيخ الدكتور عبدالله آل الشيخ، على ملاءمة دراسة مقترح بتعديل المادة الخامسة عشرة من نظام التقاعد المدني، ينص على رفع سن التقاعد إلى اثنين وستين عاماً.. توالت الأصوات المعارضة والمؤيدة للموضوع؛ حيث أكد عدد من الاقتصاديين أن نسبة الشباب في المجتمع السعودي مرتفعة بشكل لا يقارن بمجتمعات ترتفع فيها نسبة الشيخوخة، وأن رفع سن التقاعد سيؤثر على القوى العاملة الشابة، وسيصعّب من فرصها في الحصول على العمل.
سلطت "سبق" الضوء على الموضوع، وأخذت آراء اقتصاديين ومواطنين للوقوف على تداعيات القرار وآثاره السلبية والإيجابية.
قرار مثير للجدل حيث قال الرئيس التنفيذي للمركز الدولي للاستشارات الاقتصادية والكاتب الاقتصادي الدكتور حسن الشقطي ل"سبق": "يُعتبر قرار رفع سن التقاعد إلى 62 سنة من القرارات المثيرة للجدل؛ لأنه ذو تداعيات وأبعاد مختلفة؛ بعضها إيجابي وبعضها الآخر سلبي، ومن الأبعاد السلبية أن النسبة الغالبة من السعوديين تتجه للعمل في القطاع الحكومي الذي هو الداعم الأكبر للتوطين بلا مقابل؛ فنسبة السعوديين بالقطاع الحكومي تصل إلى 93%؛ في حين أنها تصل في القطاع الخاص إلى حوالى 13.4% فقط؛ أي أنه برغم قلة ضخامة أعداد العمالة في القطاع الخاص، التي تصل إلى حوالى 8.5 مليون عامل؛ فإن عدد السعوديين العاملين فيه يكادون يُعادلون عدد السعوديين في القطاع الحكومي.
وتابع: "الموظف الحكومي نادراً ما يغادر وظيفته إلا في سن التقاعد؛ فإن معدل الدوران في القطاع الحكومي يعتبر قليلاً جداً ونادراً؛ وبالتالي فإن المخرج الرئيس لتوظيف المزيد من السعوديين بالقطاع الحكومي يرتبط بتقاعد الموظفين الحاليين، ومن ثم فإن رفع سن التقاعد، سيؤدي إلى تباطؤ معدلات توظيف السعوديين بالدولة بمعدل السنتين اللتين سيُرفع بهما سن التقاعد؛ الأمر الذي يمكن أن يساهم سلباً في زيادة معدلات البطالة بين السعوديين، نتيجة وجود فجوة إبطاء جديدة تعادل عامين".
ويضيف "الشقطي": "من المتوقع لو طُبّق هذا القرار، أن ترتفع معدلات البطالة بين السعوديين من الذكور والإناث، بما يعادل فجوة إبطاء التوظيف بمدة عامين؛ نظراً لقلة أعداد الإناث السعوديات في القطاع الحكومي (يصل إلى 370 ألف موظفة)، ولأن معدلات البطالة في صفوف السعوديات عالية وتزيد عن 30%؛ فإن هذا القرار في ظل فجوة الإبطاء الجديدة لعامين، يمكن أن يكون له تداعيات سلبية عميقة على توظيف السعوديات في القطاع الحكومي؛ الأمر الذي يعمق بطالتهن".
وأضاف: "من أهم التداعيات السلبية، حرمان الشباب السعودي من ممارسة العمل القيادي؛ نظراً لتأخر سن توليهم وممارستهم له في ظل ارتفاع سن التقاعد، وبقاء القياديين لفترات طويلة؛ لذا ينبغي تقدير معدلات توظيف وبطالة السعوديين من الذكور والإناث وتطوراتها حال تطبيق هذا القرار، وهو ما يجب تفحصه وتدارسه بدقة؛ للتيقن من جدواه الاقتصادية".
قدرات تفاوضية ويؤكد د. الشقطي ل"سبق" أنه مع ذلك قد يكون هناك أبعاد إيجابية للقرار "هو الاستفادة من خبرات ومهارات الكفاءات الوطنية وخاصة بعد صقلها بالكثير من القدرات والإمكانات في العمل القيادي والحكومي؛ فالقدرات التفاوضية والخبرة بشؤون الدولة والبيئة الحكومية وغيرها؛ كلها أمور وجوانب تصب في مصلحة رفع سن التقاعد للاستفادة من هذه الكفاءات الوطنية، وخاصة أن القطاع الحكومي بالدولة يعمل به 1.1 مليون موظف؛ منهم 1 مليون سعودي في مقابل 76.4 ألف وافد، أي أن نسبة السعوديين هي الغالبة بنسبة تصل إلى 93% تقريباً، ويوجد عنصر آخر يدعم رفع سن التقاعد، وهو الحالة الصحية الممتازة، وتأخر معدلات الشيخوخة لدى السعوديين؛ بمعنى أنه في سن الستين تكون الحالة الصحية لغالبية السعوديين ممتازة، ويكونون قادرين على العطاء، بما يؤيد الاستفادة من إمكاناتهم وهم في أوج حالة النشاط غالباً".
استثمار طاقات جديدة من جهة أخرى استغرب عدد من المواطنين إدراج مثل هذا القرار ودراسته، وإهمال مواضيع أهم بكثير تعالج البطالة لدى الشباب.. حيث قال "عبدالعزيز": "أستغرب من قرار رفع سن التقاعد إلى 62 سنة! الشباب يعانون من البطالة، يجب أن يكون التقاعد المفروض من 45- 50 سنة وبراتب كامل، يكون بصحته ويعطي فرصة للشباب".
أما "سليمان المهجع" فيقول: "مجلس الشورى استجاب لرغبة مؤسسة التقاعد لعدم إرهاقها مالياً، ومع الأسف كثير من القرارات تقاومها مؤسسة التقاعد حتى لا تدفع. إن معدل ارتفاع نسبه البطالة للخريجين في تزايد، والشورى يتشبث بحلول تعيق استثمار طاقات جديدة والاستفادة من حماسها، وهذا سينعكس سلباً على طاقة الشباب وحماسهم".
أما المواطن "فهد العنزي" فيؤكد أن "البلد يعاني من أزمة بطالة، ومجلس الشورى يرفع سن التقاعد إلى 62 سنة! ويتساءل هل يجب أن نتقاعد في المقبرة؟ هذا القرار طبعاً من مصلحة التأمينات والتقاعد".
أما "سعد الحارثي" فيقول: "في وقت نحتاج فيه إلى ضخ الدماء الشابة في الوظائف الحكومية، وإزالة التفكير القديم، نرى مثل قرار رفع سن التقاعد".
وقال المواطن "فهد الدوسري" ل"سبق": "إن قرار مجلس الشورى الأخير في تمديد سن التقاعد جاء مخالفاً لآمال وطموحات الكثير من الشباب الذين يأملون في تقليل سن التقاعد؛ لكي تتوفر لديهم فرص وظيفية أكثر لسدّ رمق العيش بين التأييد والرفض".
وأوضح مساعد رئيس مجلس الشورى الدكتور فهاد بن معتاد الحمد في تصريح صحافي بعد الجلسة، أن موافقة المجلس جاءت بعد أن ناقش تقرير لجنة الإدارة والموارد البشرية الذي تلاه رئيس اللجنة بشأن مقترح تعديل المادة الخامسة عشرة من نظام التقاعد المدني، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/41) وتاريخ 29/ 7/ 1393ه، المقدم من عضو المجلس الدكتور حسام العنقري؛ استناداً للمادة (23) من نظام المجلس.
وجاءت موافقة المجلس بعد تصويت إجرائي؛ حيث صوّت 59 من الأعضاء بتأييد ملاءمة دراسة المقترح؛ فيما عارضه 56 عضواً.
المؤيدون ورأى عدد من المؤيدين لدراسة المقترح أن سن التقاعد الحالي لا يتوافق مع ما وصل إليه مستوى الرعاية الطبية والاجتماعية التي يحظى بها المواطن السعودي، التي أدت إلى ارتفاع متوسط الأعمار ارتفاعاً يتطلب دراسة السن الحالي للتقاعد، و أن سن التقاعد الحالي هو السن الذي يكون فيه الموظف في أوج عطائه واستعداده لصبّ خبراته في مجال عمله، وأن الوضع المالي لمؤسسة التقاعد يتطلب العمل على إقرار إجراءات تُسهم في زيادة موارد المؤسسة بما فيها رفع سن التقاعد.
وركّز المعارضون على ضرورة انتظار المجلس لحين إحالة مشروع نظاميْ التقاعد المدني والعسكري اللذيْن يخضعان للدراسة لدى الجهات المختصة؛ مشيرين إلى أن الموظف لا يجب أن يدفع ثمن عجز مؤسسة التقاعد المالي.
60 % من الشباب وقالت عضو مجلس الشورى الدكتورة أمل الشامان، خلال جلسة المناقشة: "إن فئة الشباب في المملكة تمثّل نسبة 60 % ؛ فيما تنتشر البطالة في هذه الفئة بين سن 20 – 40 سنة؛ مُبيّنة أن النظام الحالي يغلق الأبواب في وجه الشباب، كما أن المؤسسة العامة للتقاعد التي تحاول رفع إيراداتها عبر الاشتراكات من هؤلاء الموظفين، يجب عليها البحث عن بدائل أخرى وليس السعي لرفع سن التقاعد، كما أننا بحاجة لدراسات لتغطية الاشتراكات وسنوات الخدمة".
فيما دعا العضو سعود الشمري المجلس إلى انتظار إحالة النظام التقاعدي الجديد للمدنيين والعسكريين وموظفي القطاع الخاص -الذي يُدرس في مجلس الوزراء- إلى مجلس الشورى؛ مشيراً إلى أن مجلس الشورى لا يستطيع القيام بالدراسات التي يقوم بها مجلس الوزراء.