"زيارة نائب أمير المنطقة الشرقية الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد لركني في سايتك أمس أحسست خلالها بأني أنجزت شيئاً عظيماً بالدنيا، حتى لو أموت تكون ذكرى جميلة لكل معاق".. بهذه الكلمات الجميلة دار حديثنا مع هيلة المحيسن ذات ال16 ربيعاً، التي وُلدت من دون يدَيْن، ولم تمنعها الإعاقة من أن تمارس حياتها الشخصية بنفسها من دون أي عائق. وزاد من إصرار هيلة على التميز أنها دخلت عالم الفن وهي صغيرة في السن، إضافة إلى إصرارها على دخول المدرسة حتى أكملت المرحلة المتوسطة.
وتقول هيلة خلال مشاركتها في ملتقى (رغم الإعاقة نبدع 4)، الذي اختُتم أمس الأول السبت في مركز سلطان بن عبدالعزيز للعلوم والتقنية (سايتك): "بدأت الرسم منذ أن كان عمري خمس سنوات كتجربة، ورسمت نفسي باستخدام رجلي؛ لأني كنت معتادة على استخدام رِجلي في جميع حياتي الشخصية".
وتضيف: مع أني عانيت في المدرسة؛ لأن الطاولة كانت مرتفعة، لكن الحمد لله قامت إحدى الأمهات بتفصيل طاولة خاصة لي لاستخدامها في المدرسة". وحول موهبتها قالت: "والداي كانا أول الداعمين لي عن طريق التشجيع والدعم المعنوي، وكانت بدايتي بالرسم باستخدام الرصاص، ثم قمت بتطوير موهبتي مع الفنانة التشكيلية شعاع الدوسري منذ سنة باستخدام الألوان".
وعن حياتها أشارت إلى أنها تقوم بعمل كل شيء في حياتها مستخدمة رِجلها، مثل استخدام برامج الشات في الجوال والرسم والكتابة والطبخ.. وتتمنى أن يكون لديها مركز خاص، تستطيع من خلاله أن تدرب أصحاب الظروف الخاصة؛ ليتجاوزوا العقبات في طريق نجاحهم. وأضافت بأنها تتدرب حالياً في أحد المراسم الخاصة؛ لتطور مهاراتها في الرسم. وحول رسالتها لذوي الإعاقة قالت هيلة: "لا تيأس؛ فالحياة جميلة".
وتحدثت والدتها عن موقفها مع ولادة ابنتها الأولى قائلة: "في بداية الأمر لم أر ابنتي؛ إذ أخفاها الأطباء عني معللين السبب بمرضها، لكني لم أستطع الصبر؛ فطلبت أن أراها، وعند مشاهدتي لها نزلت دموعي، وأُصبت بصدمة كونها الأولى لي، لكن مع أني حزنت في بداية الأمر إلا أني ارتحت؛ لأن هذا أمر الله، فحمدته، واسترجعت على ما قدر، وأصبحتُ فَرحة بها، والآن أنا أعاملها مثل أي واحدة من أخواتها في البيت".
وعن عيشتها في الطفولة ذكرت "أم هيلة" أنها كانت تتساءل "كيف ستكون حياة بنتي؟ وكيف ستحبو مثل الأطفال؟ وكيف ستقضي احتياجاتها من لبس الثياب؟ أو كيف تأكل؟ لكنها بدأت تلاحظ أن ابنتها أصبحت تعتمد على رِجليها في كل شيء حتى عندما تبكي كانت تضع رجليها على وجهها؛ لتمسح دموعها، بل صارت تستخدم رجليها في كل احتياجاتها، سواء في الأكل أو في الكتابة أو في الرسم، وتعيش حياتها بشكل عادي جداً". مؤكدة أنها لم تكن تتوقع أن ابنتها ستكون في يوم من الأيام متميزة دراسياً ومبدعة مهارياً في الرسم.
ووجهت أم هيلة رسالة للأمهات اللاتي يرزقهن الله بمواليد لديهم إعاقات قائلة: "عليكِ بأن تحمدي الله قبل كل شيء؛ لأن عقلها سليم. وثانياً تعطيها الثقة بنفسها، فلا تحسِّسي ابنك أو بنتك بأي نقص مهما كان؛ لأنهم سيستمدون الثقة منكِ، فعليك ألا تكوني مهزوزة أو محبطة لهم، أو تخفيهم عن الناس حتى لو كانت إعاقة بسيطة كفقدان أصبع؛ لأنها قد تجعلها تحس بإعاقة شاملة".
أما رسالتها للفتيات ذوات الإعاقة فقالت: "دائما انظري إلى إعاقة غيرك ستجدين أنك الأفضل، فقط قولي الحمد لله، أنا بخير؛ لأن هذه ليست إعاقة، لكنها قدر من الله عز وجل، فأنت تستطيعين تحويلها من إعاقة إلى معجزة".