هي ورقة امسكت بها وأصر القلم أن تكون رسالة عنوانها أبي، لعلها تروي جفاف السنين. أبي.. لا أملك الكلمات جلها، كل ما أملك هو شعور قلبي وأريد إيصاله إليك. أبي..لست هنا لأعارض القدر، تلك رسالة من قلمي يكتبها شعور قلبي وأريد انتباهك فقط. أبي.. امسكت يدي في السابع من شهر ذي الحجة قبل 23 سنة، حينها أحسست بالدفء وبعدها عاود البرد اجتياحي واستفزني لأنطقه "بد" كان بيتنا مليئا بك، رغم انشغالك الدائم، عيناي تعشقان الزرقة؛ لأنه اللون الوحيد الذي لا يزال مليئا بالذكريات.. أبي.. حان وقت إمساكي بالقلم لأعي ما حولي، جميلة هي الحياة التي جعلتني أتعلم من تلك المدرسة معنى الانضباط ومعنى الهدف إلى جانب اهتمامك بي لأني بكرك.. أبي.. مضت حياتنا بين حلو العسل ومر الصبر، وكان جميلا أن نحمد الله دائما على جميل عطاياه. يوم تخرجي ويوم استلامي لوثيقتي لم أر تلك السعادة ولم أر طائر الفرح ذاك، حينها اصبت بخيبة الأمل، وأنا التي كنت انتظر تلك اللحظة لأرى ما كنت آمل وما كنت أتمنى ولكن.. حطمت قلبي. أتعلم يا أبي أني كنت اعشق خنصر يدك فهو سر قربي منك.. أشياء صغيرة ولكن لها معان رائعة. رغم جمالك يا أبي إلا أن عيبا واحدا أنقص ذاك الجمال أتعلم ما هو؟ حين نجتمع كالورد عند سباته، كنت أنت فقط بعيدا. لا تملك تلك الروح المرحة التي نراها مع غيرنا، كان يجمعنا منزل فقط ولم تجمعنا روحك.. أتعلم، لم استطع تفسير عيديتك الغنية والأولى من نوعها لنا هذا العيد ولم استطع تفسير إصرارك على التعيد سويا، رغم أن العيد يحلو بقربنا من أهلينا وهذا ما نفعله كل عيد، لعله خوفك من أن يكون آخر عيد نجتمع فيه أم لتهون وتلين قلوبنا قبل موعد مغادرتك.. كثيرا ما كان فاهك ينطق بتفردك عنا وكأننا لسنا مجتمعين.. سعدت كثيرا باستقرارنا في منزلنا الجديد، ربما والغريب الذي جعلك بعيدا عنا. وكنت أقول ان اشتعال رأس أبي شيبا سيهدئ من أكبر أسبابه، لنعاود تعويض ما فاتنا من وقت ونسعد ونمرح ونرسم سويا أحلى الابتسامات، لم نحظ بأوقات كثيرة من المرح سويا.. أتعلم يا أبي.. رغم ألمي الأول ودموعي التي ذرفتها على تلك الوسادة إلا أن الأمل بقي مشتعلا بأيام جميلة.. يكون لشمس الفرح حضورها الأول وروحك أيضا.. أبي.. لم ينطقها لساني يوما ولكني سأجبره.. «أحتاجك كثيرا» فألمي الأول وأنت تعلمه جيدا يكاد يقتلني احتاج مساعدتك واحتاج روحك واحتاج لمسة يدك.. سأنتظر ذلك الموعد الذي سيجمعني بخنصرها حينها سأكون قريبة منك. شذا مدخلي