دعا خبير سعودي متخصص في مجال حماية البيئة، إلى أهمية حماية اللؤلؤ الطبيعي من أجل بيئة نظيفة في البحر، مشيراً إلى أن الثلوث في البيئة البحرية أدى إلى موت الكثير من الحيوانات الرخوية على الشاطئ؛ بسبب التعرض للشمس والجفاف ودفن البحار والخلجان. وقال المهندس حمود العتيبي، رئيس جمعية إدارة وتقنية البيئة "ETMA"، التي نظمت أعمال المنتدى والمعرض الدولي الأول للبترول والبيئة 2014م، الذي اختتم أعماله في ظل نتائج إيجابية ستنعكس على البيئة البحرية في كافة مجالاتها وحمايتها من التلوث.
ولفت العتيبي إلى أن النشاطات البشرية والعوامل الطبيعية، هي السبب الأول في انقراض اللؤلؤ، مشدداً على أن البيانات المسجلة تستبعد فكرة الصيد الجائر "العامل البشري" والعامل البيولوجي "الطبيعي"، وأن الأحجام المرصودة من اللؤلؤ صغيرة، وليست من الأحجام المقصودة للصيد.
وقال: إن دراسات بحرية أُجريت، رُصد من خلالها ندرةٌ غير عادية من نجوم البحر، وإن الباحثين جمعوا عينات مياه البحر لإخضاعها للفحوصات المخبرية الكيماوية، وتحديد نوع الملوثات الكيماوية؛ من المعادن الثقيلة والمواد الهيدروكربونية التي يمكن أن تؤدي إلى اندثار اللؤلؤ.
وأفاد العتيبي بأن عوامل كثيرة أثرت في أماكن وجود اللؤلؤ؛ منها: قلة الأمطار، ومياه الصرف الصحي، ودفن الأراضي؛ الأمر الذي أثر في انتشار اللؤلؤ.
ولفت المهندس حمود العتيبي، إلى أن صناعة اللؤلؤ على سواحل الخليج العربي، وفي المملكة، اشتهرت منذ فجر التاريخ في مختلف أرجاء المعمورة، بجمال ونوعية لؤلؤها، وإنتاجية مصائده من محار اللؤلؤ التي يطلق عليها محليّاً "الهيرات"؛ حيث تتميز المغاصات بوفرة إنتاجها وجودة لؤلؤها؛ إذ يبدو أن التكوين الجيولوجي لقاع بحار الخليج ودرجة الحرارة وضحالة مائه، مناسبة بدرجة عالية لتربية ونمو المحار؛ فالكواكب، وهي ينابيع في ساحل الخليج، يخرج منها الماء العذب لتنقيح المحار.
وأوضح أن أول ذكر للبحث عن اللؤلؤ في التاريخ، ظهر في "ملحمة غلغامش" قبل 3000 عام قبل الميلاد، وأطلق عليه "عيون السمك"، مفيداً بأن اللؤلؤ استطاع عبر التاريخ بقدرته، أن يزين العالم باللآلئ الطبيعية الجميلة؛ إذ خاطر بحياته وممتلكاته بركوب أمواج أعالي البحار ومحاربة عوامل الطبيعة والأهوال، في البحث عن كنز مدفون في بحار وطنه.
وأضاف أن البحارة القدامى كانوا مولعين باستخراج اللؤلؤ من البحر، فكان لكل دولة خليجية ما يربو من 1500 سفينةٍ، يُقدّر عدد بحّارتها ب"30.000" صياد وبحار وغواص، ولم يبقَ من السفن سوى القليل جداً تعمل في الغوص، وأصحابها هواة أكثر منهم محترفون.
وقال: "الدول الخليجية تعمل على إحياء تجارة اللؤلؤ، الذي اندثر صيده في منطقة الخليج منذ خمسينيات القرن الماضي، نتيجة تغيّر مسار الاتجار به، وظهور مزارع اصطناعية في اليابان، وانتشارها في أنحاء العالم. وتسعى الدول الخليجية إلى تنشيط هذه التجارة، التي يبلغ حجم الاستثمار فيها حول العالم 146 بليون دولار، يعتمد معظمها على اللؤلؤ الاصطناعي، ويُتداول ما تبقى من اللؤلؤ الطبيعي من خلال مزادات عالمية، وبأسعار مرتفعة للغاية.
من جهة أخرى، كشف مستثمرون خليجيون عن أن هناك بورصةً خليجية تختص بتجارة اللؤلؤ الطبيعي مشابهةً لبورصات الذهب والألماس، تهدف إلى محاولة الاستفادة من كميات اللؤلؤ الموجودة في منطقة الخليج، وصولاً إلى سوقٍ منظمة تسهم في تطوير وتوسيع الاستثمار في استخراج اللؤلؤ من الخليج العربي والبحر الأحمر.
ويهدف المستثمرون، بحسب صحيفة "الاقتصادية"، من خطوة تأسيس بورصة اللؤلؤ، إلى حماية هذه الثروة الطبيعية التي تتمتع بها المنطقة بعد دخول مستثمرين من خارج البلاد؛ من اليابانوالهند، يعمدون إلى تصدير كميات كبيرة من اللؤلؤ الطبيعي لبلدانهم، ومن ثَمَّ يعاد تصديرها لدول المجلس بعد إدخالها في صناعة المجوهرات.
وأشاروا إلى أن اللؤلؤ الطبيعي يدخل في تصنيع مشغولات الذهب والمجوهرات الأغلى سعراً، موضحين أن المجوهرات التي يدخل اللؤلؤ في تركيبها تشكل تجارة رابحة للمستثمرين، وتحظى بقوة شرائية جيدة من البيوتات التجارية في منطقة الخليج.
وقالوا: إن الاقتصاد في منطقة الخليج العربي أصبح يعتمد بالدرجة الأولى على تجارة اللؤلؤ الذي ترك مكانه بعد ذلك للذهب الأسود، الذي صار يشكل عماد اقتصاديات الدول الخليجية.
من جهة أخرى، قال خبراء وباحثون ومهتمون باستخراج اللؤلؤ وتصنيعه: إن اللؤلؤ مادّة صَدَفيّةٌ ذات لمعانٍ خاصٍّ تنتجُه بعض أنواع المحار، وذلك عندما تتعرّض لظروفٍ معيّنةٍ. ويتكوّن اللّؤلؤ نتيجةً لدخول جسمٍ غريبٍ بين صدفة المحار وغلافها اللّحمي، ولأجل أن تحمي المحارة نفسها من هذا الدّخيل الصّغير، تحيطه بمادّةٍ كلسيّةٍ "كربونات الكالسيوم مع قليل من المواد البروتينيّة"، طبقةً بعد طبقةٍ.
ويتألّف اللّؤلؤ من مادّةٍ كلسيّةٍ صَدَفيّةٍ تُشبه السّطح الدّاخلي لغلاف المحار من حيث التّركيب الكيماويّ. وإذا ما طال العهد بهذه المحارة، فإنّ اللّؤلؤة تلتصق بداخل الصّدفة نفسها، وقد لا تظهر للعَيان لأوّل وهلةٍ، بل تحتاج، لإخراجها من الصّدفة في بعض الأحيان، إلى قَطعِ الصّدفة نفسها.
واللّؤلؤ الطّبيعي داخل المحار لا يكون كرويًّا تامًّا، وإلَّا لما التصق في مكانٍ واحدٍ. والحقيقةُ أنّ اللّؤلؤ يحتاج إلى صقلٍ فنّيٍ بعد إخراجه من المحار؛ وذلك لإزالة الشّوائب النّاجمة عن التصاقه بصدف المحار، الأمر الذي يجعل اللّؤلؤ على هيئةٍ تقرب من نصف الكرة.
ولقد تعدّدت مصادر استخراج اللّؤلؤ من سواحل أستراليا وأمريكا الوسطى وبعض الجزر الواقعة جنوبي المُحيط الهادي وخليج المكسيك، حيث كان يقوم الهنود الحُمر باستخراجه.
أمّا أشهر مناطقه فكانت: الهند، والخليج العربي؛ وامتاز لؤلؤ البحرين عن غيره بالجودة، وقد عُرِفَ ب" لؤلؤ بومباي"؛ لأنه يُباع في هذه المدينة.
وكان البحّارة المُسلمون يعرفون مناطق الغوص التي تتوافر فيها اللآلئ بكثرةٍ. وقد عَرَف صيّادو اللّؤلؤ، نتيجةً لخبرتهم الطّويلة، أنّ المحار المشوّهَ الشّكلِ والقليلَ النّموِّ بالنّسبة لأقرانه، والَّذي يحتوي على خراجات ودمامل أو ثقوب تشبه خلايا النّحل، أكثرُ احتمالاً لوجود اللّؤلؤ في داخله من غيره السّويّ.
وقد تعدّدت أسماء اللؤلؤ في اللّغة العربية؛ فاشتهر منها: اللّؤلؤة، والمرجانة، والنّطفة، والتّوأمة، والنّوامية، واللّطيميّة، والصّدفية، والسّفانة، والجمانة...إلخ. أمّا عند الجوهريِّين فقد اختلفت المُسمّيات وفق أشكالها المُختلفة: فيذكر البيروني في كتابه "الجماهر": "إنْ كان كُرويًّا رائعًا، سمّوه نجمًا؛ أمّا المُستطيل المُتشابه الطّرفين بالاستدارة، فيُشبَّه بِبَعر الغنم أو بِبَعر الظّبي؛ وقد يُشبّه بالزّيتونة، فيُقال: زيتونيّ؛ ومنه البيضيّ؛ نسبةً إلى البيضة؛ والغُلامي هو المخروطيّ، الذي تكون قاعدته جزءًا من الكرة. وقد يُقال عن اللّؤلؤ: لوزيّ وشعيريّ ومضرس؛ فاللّوزي شبيه باللّوزة، والشّعيري ما شابه شكله حبة الشّعير، والمضرس ما التحم بعضه ببعض".
ويتناسب ثمن اللّؤلؤ مع لونه وحجمه وشكله ومدى صلاحه لصنع الحُلي. فمن ألوان اللّؤلؤ الأبيض، وهو أغلبه، ومنه الأصفر والورديّ والأزرق الفاتح.
ويذكر البيروني: "أنّ الذي فيه صفرة يسيرة يُفضّل على الأبيض كفضل الذّهب على الفضّة؛ ولأن الدّرة النّفيسة النّاصعة البياض القريبة العهد بالبحر، فما يلحقها كدرٌ وتغيّرٌ، ما يزال فيها ويزداد إلى أن تسود كالبعرة. فإذا بدت فيها الصّفرة اليسيرة المعروفة، أمن منها ذلك الدّاء واستيقن أنّها لا تتغيّر على الزمان".
ثم يستدرك على قوله في مكانٍ آخر من الكتاب: "إنّ الصفرة في اللؤلؤ تغيّرٌ فاسدٌ يتولّد لأسبابٍ كثيرةٍ؛ منها: الدّهن، والعروق، وروائح الطّيب من الزّعفران".
وقد يصادف أن تدخل حبّة رملٍ مثلاً، أو حصًى صغيرةٌ جدًّا، داخل صَدَفَةٍ، فتزعج حيوان المحار الذي يعيش في داخلها، ويحاول هذا الحيوان الدّفاع عن نفسه. وحتّى يسهل فهم هذه العملية، فكّر بما تفعله العين عندما يدخلها جسمٌ غريبٌ.
إنّ العين إذا دخل فيها جسمٌ غريبٌ تفرز من الدّمع الذي يحمل هذا الجسم ويطرده خارجًا. يقوم المحار بعمليةٍ تشبه ما تفعله العين في هذه الحالة، لكنّه لا يستطيع أن يطرد الجسم الصّغير الغريب، وإنّما يفرز مادةً تصبح صلبةً حول هذا الجسم، وتغطّيه بطبقةٍ بيضاء اللّون. ومع الأيام تتراكم أعداد طبقات هذه المادة فتُعطينا حبّة لؤلؤ.
وليس الحصول على اللؤلؤ الطّبيعي بالأمر السّهل؛ فوراء صيده قصّةٌ من التّعب والشّقاء والجهد والصّبر.
عملية الغوص وصيد اللؤلؤ:
وفيما يلي بعض المعلومات المتعلّقة باللؤلؤ وصيده وعملية الغوص عليه:
أجمل اللآلئ هي التّي تُستَخرج من سواحل الخليج العربي؛ كسواحل الكويتوالبحرين ومسقط وعمان وقطر وأبو ظبي. ومن الأسباب التي جعلت من الخليج أشهر مغاصات اللّؤلؤ في العالم: تكوين الخليج، وطبيعة أرضه، وضحالة مياهه ودفؤها في الصّيف.
وقد مارس عرب السّاحل الغوص على اللّؤلؤ قبل ظهور الإسلام، ولا يزالون. وكانوا يُصدّرون اللّؤلؤ إلى الهند والعراق وحلب ومصر وتركيا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا.
وبلغت هذه المهنة أوج ازدهارها في أوائل القرن العشرين، إلَّا أنّها تراجعت بسبب الأزمة الاقتصاديّة التي أعقبت الحرب العالميّة الأولى، وزاد في تدهور أسواقه وأسعاره ظهورُ اللّؤلؤ الصّناعي في اليابان، الذي كاد يقضي تمامًا على اللؤلؤ الطّبيعي. وكان "مهراجات" الهند في طليعة مَن يشترون اللّؤلؤ. وبسقوطهم زادت عوامل كساد تجارة اللّؤلؤ.
وتُعتبر مهنة الغوص من أصعب المِهَن التي مارسها الإنسان وأخطرها، وهي تحتاج إلى صبرٍ شديدٍ. أمّا موسم الغوص فيبدأ في شهر حزيران وينتهي في أواخر شهر أيلول.
وتتقيّد مهنة الغوص بنصوصٍ غير مكتوبةٍ؛ إذ يحكم السّفينة أثناء الموسم نظامٌ دقيقٌ صارم: يُعطى الرّبان سُلطَةٌ مُطلقةٌ لا تحدّها حدود، كما تحكمها تقاليد بحريّةٌ عريقةٌ وعادات مُتّبعة، أهمّها الطّاعة المُطلقة والنّظام الدّقيق. ومن صفات الغوّاصين: الأمانة التّامة، والثّقة التي يوليها البحّارة ربّانهم.
وينقسم الغوّاصون إلى عدّة درجاتٍ، ولكلٍّ منهم مهمّةً يقوم بها، وفئاتهم هي: فريق أصحاب السّفن، وفريق الغوّاصين، وهم الذين يستخرجون اللّؤلؤ من قاع البحر، وفريق السّيوب "جمع سيب"؛ وهم الذين يسحبون الغوّاصين من قاع البحر إلى السّفينة، وفريق الصّبية الصغار الذين يُرافقون السّفن لأداء الخدمة والتّدرب على المهنة.
وعندما يُوَزّع المحصول آخر الموسم، يأخذ صاحب السّفينة والغواص حصّتين متساويتين، ويأخذُ السيب حصّةً أقل؛ أمّا الصّبية الصّغار فلا يحصلون على شيء.
ومن عادة أهل الغوص في اصطياد اللّؤلؤ؛ أنّهم ينهضون في الصّباح الباكر، ويتناولون القهوة العربيّة والتّمر بقدرٍ قليلٍ، خاصّةً الغوّاصين؛ حتّى يتمكّنوا من أداء عملهم براحةٍ، ومن دون أيّ تعبٍ من الأكل والشّرب، ويعملون طوال النّهار من دون أن يتناولوا الطّعام حتّى المساء، حين يتناولون عشاءهم. وهذه هي الوجبة التي يعتمدون عليها في تغذية الجسم ومقاومة التّعب.
وفي اليوم التّالي يقومون بفتح المحار بطريقةٍ فنّيةٍ تتطلّب مهارةً وحذرًا؛ حتّى لا يُصاب اللؤلؤ بخدوشٍ تُقلّل من قيمته.
وعندما ينزل الغوّاص إلى الماء يلفّ على خاصرته قطعة قماشٍ تتدلّى على ركبتيه، ويضع على أنفه مشبكًا "ملقطًا" يمنع دخول الماء، ويعلّق في رقبته كيسًا من الشّبك القطني، يضع فيه ما يصطاده من اللّؤلؤ. ويربط في إحدى رجليه ثقلاً من الرّصاص يزن نحو 6 كيلوغرامات أو أكثر؛ ليُعينه على النّزول إلى قاع البحر. كما يربط رقبته والكيس حبلٌ طويلٌ يمسك بطرفه السيب.
وفي قاع البحر، يمشي الغوّاص على يديه، ورجلاه مرفوعتان إلى فوق في الماء، وحبل الاستغاثة مربوط بقدمه. ويبدأ البحث عن المحار. وعندما يمتلئ الكيس، يشدّ حبل الاستغاثة، فيحسّ به السّيب ويسحبه إلى سطح السّفينة.
ويتعرّض الغوّاص لمخاطر كثيرةٍ؛ منها: السّمك، ووحوش البحر، والسّيب الذي يتولى سحبه من الماء. والخطر أن يغفل عن استغاثة الغوّاص وإغاثته، فيموت مختنقًا في البحر. هذا، ما عدا عواصف الجوّ والرّياح، التي قد تهبّ على السّفينة فتقلبها في البحر، وتضيع السّفينة ورجالها في قاع البحر.
ومراحل الحصول على اللؤلؤ ثلاث: مرحلة جمع المحار، ومرحلة فرز المحار؛ الفارغ منه والحامل، ومرحلة تصنيف اللّؤلؤ.
أنواع اللؤلؤ وقيمته:
بعد جمع المحار "المرحلة الأولى" وفرزه "المرحلة الثانية"، تأتي المرحلة الثالثة؛ وهي مرحلة تصنيفه.
فاللؤلؤ ألوان؛ منه الأبيض، والزّهري، والأزرق السّماوي، والرّمادي المسوَد. ويُعتبر اللّؤلؤ الأبيض أغلى هذه الأنواع، يليه الزّهري، فالأزرق، فالرّمادي. ويرجع التّفاوت في قيمته إلى جمع اللّؤلؤة ودرجة نقاوتها وصفاء لونها.
بقي أن نذكر أنّ انعكاس مهنة الغوص على مجتمع الخليج، قبل ظهور النّفط فيه، كان كبيرًا؛ فتزدهر التّجارة، بحسب موسم اللّؤلؤ، وينشط البحّارة بتزويد أسرهم بما تحتاجه من غذاء وكساء، ويدب النّشاط في البلد. ومَن لم يفرح من النّساء والأطفال بما كسبه ربّ الأسرة الغواص، فإنّه يفرح بعودته سالمًا بعد غيبةٍ طويلةٍ شاقّةٍ.
لمّا كانت عملية دخول جسمٍ غريبٍ داخل الصّدَفة قد تحصل مصادفةً، وقد لا تحصل، فإنّ اللّؤلؤ الطبيعي نادر وغالي الثّمن. لكنّ الإنسان استطاع، بما وهبه الله من عقلٍ، أن يكتشف طريقةً لصنع اللّؤلؤ الطّبيعي؛ فتتمّ تربية المحار في مناطق مناسبةٍ، ثم استخدامه لصنع اللؤلؤ، وهذا ما يطلق عليه اسم "مزارع اللّؤلؤ".
ويقوم الغطّاسون بجمع المحار الذّي بلغ عمرًا مناسبًا، وفي الغالب يجمعون المحار الذي بلغ سنتين من العُمر أو أكثر، ويحملونه خارج البحر إلى أماكن خاصّةٍ، حيث يتمّ تحضيره لإنتاج اللّؤلؤ. وهذه المرحلة هي الأخطر؛ لأنّها يمكن أن تقتل المحار إذا لم تتمّ بدقةٍ وانتباهٍ. يقوم العُمّال بفتح الأصداف وبإدخال جسمٍ صغيرٍ داخل المحار في مكانٍ محدّدٍ.
بعد ذلك، تُحمَل الأصداف في أقفاصٍ مصنوعةٍ من شباكٍ حديديّةٍ، وتُعاد إلى قاع البحر، حيث يمكنها أن تتابع حياتها. ويقوم الغطّاسون برعاية هذه المزرعة والاهتمام بها، وتأمين الغذاء للمحار لمدّة ثلاث سنواتٍ أو أربع، حتّى يحين موعد جمع الأصداف من جديدٍ والحصول على اللّؤلؤ الموجود فيها.
إنّها عمليّة زراعة؛ يزرعُ العمّال حبّة الرّمل التّي تدفع المحار إلى صنع اللّؤلؤ، ثم ينتظرون حتّى ينمو اللؤلؤ ويكبر، وبعد ذلك يقطفونه.