فيما مضى من الزمن كان الحصول على لقمة العيش لا يأتي إلا بصعوبة بالغة من الكد والجهد والتضحية في الكثير من المهن التي كان يمارسها سكان الجزيرة العربية ومنها مهنة الغوص ، سواء على ساحل الخليج العربي أو حتى ساحل البحر الأحمر . ولقد شكلت مهنة الغوص رقما صعبا في الإقتصاد الخليجي حيث يعتبر الخليج أغنى مناطق العلم وأهمها في صيد اللؤلؤ، وتمتد المغاصات في الخليج الى مسافة طويلة تقدر بأكثر من ثلاثمائة ميل وتتركز في النصف الغربي من الخليج ، حيث تمتد من حدود الكويت شمالا الى جزيرة أبي موسى بالقرب من الشارقة في الجنوب .ويطلق على المغاصات إسم ( الهيرات) إذا كان عمقها عاديا أما إذا كان بعيدا فتسمى ( نجوات ) ومن أهم المغاصات قديما في منطقة الخليج . مغاصات البحريني وهي من أكبر مغاصات العالم وأهمها والواقعة بالقرب من جزيرة أوال، وتمتاز ببيئتها الصالحة لتكاثر اللؤلوء ، فضلا عن يسر الحصول على المياه العذبة من عيون تنبع من مياه البحر يملأون أسقيتهم منها . - مغاصات القطيف وهي مغاصات تقع بالقرب من الساحل الغربي للخليج أمام القطيف والجبيل . - مغاصات الكويت : وتتركز في جزيرة فيلكا ، وجزيرة قاروة ، وجزيرة أم المرادم وتمتاز بعمق المياه . - مغاصات قطر : وتقع أمام سواحل شبه الجزيرة القطرية . - مغاصات عمان : وتمتاز بصفاء مياهها وقلة التيارات المائية القوية . مواسم الغوص للغوص في الخليج العربي مواسم محددة في السنة وتتمثل هذه المواسم في الآتي : - المجنى : وهو يمثل جمع المحار من الصخر وقاع البحر وأفضل أوقاته بداية الشهر القمري حيث يصل الجزر مداه . - الخانجية : يأتي في آخر فصل الربيع في شهر نيسان ويستمر الى موسم الغوص الكبير. - الغوص الكبير : وتسمى ( ركبة الغوص ) ومدته أربعة أشهر. - الردة : ويبدأ هذا الموسم في أواخر شهر سبتمبر وأوائل شهر أكتوبر ويكون الجو فيها باردا. - الرويدة : ويبدأ موسمه بعد إنتهاء موسم الردة أي بداية شهر نوفمبر. رحلة الغوص تبدأ رحلة الغوص بآلام ودموع الوداع للأهل من نساء وصبية وعجائز ، وجرت العادة على تحديد أمير للغوص يطلق عليه اسم ( السردال ) وهو مسئول عن ترتيب أمور الغوص العامة وأن يدل السفن على المغاصات وتحديد الاتجاهات الصحيحة ويعرف اليوم الأول بيوم الركبة واليوم الأخير بيوم القفال أي موعد انتهاء الغوص . يقول الشاعر أحمد الخليفة مصورًا جزءاً من رحلة الغوص وآلامها : شراع تاه في عرض البحار كما طيف يهيم بلا قرار يسير على العباب ولا يبالي ترف عليه أرواح نشامى بسكر الدر لا بسكر العقار عماليق لهم في كل بحر حكايات تسطر بافتخار إذا ما هزهم للبحر قصد مشو نحو الصعاب بلا اعتذار وينقسم البحارة في السفن الى أقسام كل قسم له عمل محدد وهي : - الربان : ويسمى النوخذة وهو المسؤول عن السفينة ويجب أن يكون ذا خبرة في أعماق البحار وأماكن الأصداف . - الجعدي : وهو الذي يكون نائب الربان ويحل محله . - المقدي : وهو رئيس البحارة المسؤل عن العمل في السفينة . - الغاصة : الذين يباشرون الغوص داخل البحار للبحث عن الأصداف والمحار. - السيوب : ومهمتهم سحب الغاصة من قاع البحر وفق إشارات متعارف عليها . الرضيفة : وهم مجموعة من الصبية لاتزيد أعمارهم عن 14 سنة يقومون بالخدمة الخفيفة . - التباب : وهم أربعة أو خمسة صبيان مهمتهم خدمة السفينة ومناولة بحارتها الماء والأواني الخفيفة . - العزال : وهو الذي يعمل بمعزل عن طاقم الرحلة المعتاد فهو يغوص على حسابه الخاص ويكون معه سيبا خاصا يعمل معه . - الجلامة : وهم مجموعة من العاملين يتراوح عددهم مابين 5 و 7 أشخاص يشكلون احتياطا للعاملين من الغاصة . - الجنان : وهو البحار المكلف بمهمة الإشراف على وضع الخراب ( حبل مرساة السفينة ) في المكان الملائم في قاع البحر. - النهام : وهو المنشد الذي يردد أهازيج البحر فوق السفينة طيلة أيام الرحلة . - راعي الشيرة : وهو بحار ذو خبرة بعملية تخليص الباورة ( مرساة السفينة ) من القاع في حالة إعاقتها أدوات الغوص. وللغوص أدوات معروفه وأبرزها هي : - الفطام : قطعة مصنوعة من عظام قرن الوعل أومن عظام السلحفاة على شكل ملقاط ويضعه الغواص في أنفه ليمنع التنفس حيث يكون تحت سطح الماء. - الحجارة : قطعة من الحجر أو أحيانا تكون من الرصاص تزن عادة 5 كيلو غرام وفيها ثقب تنفذ من خلاله حلة من الحبال حولها قطعة من القماش الناعم لئلا تؤذي الحجارة الغواص الذي يدخل إحدى رجليه في الحلقة ودورالحجارة في عملية الغوص الإسراع في إيصال الغواص إلى قاع البحر وحين يصل القاع يبادر فورا الى إخراج رجله من الحجارة فيقوم السيب بإخراج الحجارة الى ظهر السفينة ويبدأ الغواص السير في الأعماق بحثا عن الأصداف . - الديين : سلة من الشبكة الخفيفة المصنوعة من الخيوط الناعمة يجمع فيها الغواص أصداف البحر. - الأيدة : حبل رفيع وطويل طرفة متصل بالديين الذي مع الغواص في قاع البحر والطرف الآخر مع السيب ومهمة الأيدة مساعدة الغواص في عملية الصعود من قاع البحر الى السفينة سريعا. - الشمشول : قطعة من القماش الخفيف والأسود يلبسها الغواص ليستر بها جسمه حيث يكون عاريا إلا من الشمشول . - حلة الغوص : بدلة ضيقة جدا تلتصق بالجسم مصنوعة من القماش الخفيف الأسود الذي يستر جميع بدن الغواص عند العينين ، وهذه البدلة يلبسها الغواص لتجنب ظهور الدلو على سطح البحر وهو حيوان بحري صغير بطيء الحركة إسطواني الشكل يمتد منه خيوط دقيقة بطول نصف متر إذا لامست جسم الإنسان فإنها تحدث عنده حروقا سامة حمراء تبقى قدرا من الزمن ظاهرة . - الخبط : قطعة من جلد البقر مصنوعة على شكل أكياس صغيرة يضعها الغواص في أصابع يده لتحميه من أذى الصخور الحادة والأشواك . - الإزار : قطعة من القماش بطول مترين يستعملها البحارة إتزارا على أسفل البطن والفخذين أثناء الراحة . هذه كانت إطلالة على الماضي الجميل وما به من المشاق والتعب والصبر والجلد في سبيل حياة كريمة . وحيدا أمام أقداره يصارع الحياة من أجل اللقمة