أكد الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، أن التراث العمراني في المملكة أصبح اليوم مشروعاً وطنياً تقوده الدولة، وتُسْهِم فيه مؤسسات المجتمع وجامعاته وهيئاته التعليمية ومجتمعاته المحلية. ودعا المواطنين إلى التعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار في جهودها للعناية بالتراث العمراني وتأهيله. وقال: "نهيب بالمواطنين المحافظة على كل ما يتعلق بالآثار الوطنية. عندما يرى المواطن أثراً في مكانه لا يمسه، بل يبلغ عنه؛ لأن إخراج الأثر من مكانه قد يفقده 50% من قيمته". وأضاف: "إذا سمعوا أو عرفوا عن آثار مهربة أو لديهم آثار قيمة يقدمونها لدولتهم لتحفظ بأسمائهم، وأن يتواصلوا مع الهيئة لذلك، وإذا رأوا تخريباً أو امتهاناً لابد أن تُبَلَّغ الهيئة بذلك". وقال: إن الجامعات السعودية لم تكن تتقبل برامج التراث العمراني قبل 17 عاماً، لكنها اليوم تتسابق لتدريسه وتطويره وتنظيم أنشطته؛ إيماناً منها بأهميته الوطنية والاقتصادية ودوره في ربط الأجيال بتاريخ بلادهم وترسيخ وحدتهم الوطنية، إضافةً إلى ما يقدمه من جماليات معمارية. وأعرب في تصريح صحفي بعد افتتاحه لفعاليات الاحتفال بيوم التراث العالمي الذي انطلق صباح أمس الثلاثاء تحت شعار "إرث الماضي للحاضر"، وتنظمه جامعة دار العلوم بمشاركة الهيئة العامة للسياحة والآثار بمقر الجامعة في الرياض عن اعتزازه بتكريم الأمير سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الحائز على جائزة الإنجاز مدى الحياة للتراث العمراني لمؤسسة التراث الخيرية، والاحتفاء بسموه كشخصية العام، ضمن الاحتفال بيوم التراث العالمي الذي يقام في المملكة لأول مرة، وتنظمه جامعة دار العلوم بمشاركة الهيئة العامة للسياحة والآثار. وقال الأمير سلطان: "إن سمو سيدي دائماً يكرر أن جميع ما يقوم به هو من توفيق الله سبحانه وتعالى، ثم بتوجيهات سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله، ودعمه الكبير ودعم المواطنين ومؤسسات الدولة وتعاونها في تحقيق مثل هذه الإنجازات، وسموه حينما استلم هذه الجائزة قال: [إنني أجيرها للكثير من الناس الذين عملوا لتحقيق هذه الإنجازات]". وأضاف بأن الشراكة بين الهيئة العامة للسياحة والآثار وجامعة دار العلوم شراكة رائدة، وقال: "أعتز هذا اليوم بهذه الجامعة، فرحلتي مع قضية التراث والتعليم بدأت منذ تقريباً حوالي 17 سنة، ولم يكن التعليم في ذلك الوقت مهيئاً لاستقبال هذا العنصر الجديد، فبدأنا ببرنامج التراث والتعليم الجامعي منذ سنوات طويلة جداً، ولم يكتب له النجاح؛ بسبب أن كوادر الجامعات لم تكن مهيأة ومرحبة به، مع العلم بأن وزير التعليم العالي كان من أكثر الناس المشجعين لهذه الفكرة، ومع مرور الوقت نرى اليوم الجامعات السعودية وقد دعمت هذا البرنامج الجديد". وقال: "نحن كمواطنين وعينا أن التراث جزء من تقدمنا في حياتنا، وأن هذا التراث فيه عناصر تقنية كبيرة جداً وعناصر اقتصادية، وفيه نموذج يمكن الاحتذاء به في المستقبل بالنسبة للعمارة المحلية والتراث العمراني، لذلك نعتز بهذه الجامعة التي جعلت محور التعليم العمراني فيها هو محور التراث". وأشار إلى أن مشروع التراث الوطني بشكله الكامل أصبح بحمد الله، ثم بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، يأخذ مكانه الصحيح، ويأخذ الشمولية المنظمة، وهناك برامج وشركاء سواء في الدولة يعملون يبنون ويحافظون، وهناك برامج علمية وبرامج على مستوى المدارس والحملات التوعوية، وهناك برامج معلنة في كل المسارات (الآثار، والتراث المادي، والحرف، والصناعات التقليدية)، وكل البرامج التي أطلقتها الدولة ونظمتها. وقال: إن الهيئة تتشرف بأنها تشرف على معظم هذه البرامج، وتتضامن مع وزارة الثقافة والإعلام في التراث اللامادي والحملات التوعوية فهي مشروع وطني رائد، ولا يمكن أن ينطلق لولا توفيق الله سبحانه وتعالى، ثم التوجيهات الواضحة والمؤكدة، ودعم خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين- حفظهما الله-، مضيفاً بأن الدولة ملتزمة بهذا المشروع؛ لكونه مشروعاً وطنياً مهماً لمستقبل البلاد ومستقبل توطيد اللحمة الوطنية. وشدد على أن "اللحمة الوطنية لابد أن يراها المواطن ماثلة في تاريخ هذا البلد، وأجدادنا نحن المواطنين جميعاً ضحَّوْا حتى تستقر الدولة، ونحن أبناؤهم سلَّمُوها لنا على طبق من ذهب، فلابد أن يعرف الشباب أن هذه البلاد لم تكن يوماً من الأيام فقيرة بقيم أهلها وأخلاقهم ودينهم، ولكن أهلها كانوا يعيشون فقراً مادياً، ومع هذا حافظوا على هذه القيم، وهذا هو سبب استمرار هذه البلاد واستقرارها". وعن مزامنة إقامة الاحتفال بيوم التراث العالمي مع الجنادرية قال: "إن هذه المزامنة أتت بالصدفة؛ بسبب تأخر انطلاق الجنادرية، فهذه فرصة جميله جداً ليكون هذا التزامن". وأضاف: "أنا أحيي مهرجان الجنادرية؛ لأنه من خلال زيارتي لها أو من مشاهدتي للتلفاز أرى أن المواطن يعيش تجربة ولا يقرأها فقط، فهي تجربة حياتية، ويملئ ذاكرته بذوق التراث وعبق التراث وطعم التراث هو وأبناؤه، وهذه ذكرى تستمر معه لاحترام هذا التراث في المستقبل". وعن التطور في النمو العمراني وتأثيرها في العمران القديم قال: إن "الخطأ الذي وقع فيه الكثير من المعماريين- وحتى من المطورين- هو اعتقادهم بأن التراث شيء وأن العمران الحديث شيء آخر". وأضاف: "الواقع أن التراث العمراني فيه قيمة مضافة بأنه تراث عمراني متجدد وعنصر التجديد هو الذي نحاول أن نؤصله في الجامعات بأن يعرف طلبة وخريجي كليات العمارة التراث العمراني، لا يمكن أن يتوقف على شيء بُني قبل مائة سنة". وتابع: "لذلك لابد أن تضيف روح التراث العمراني والمحافظة على البيئة والمواد المستخدمة التي تقلل من الصيانة واحتياجات التكيف والكهرباء والجماليات والأشكال الجمالية، التي تتطابق مع البيئة المحيطة". ولفت إلى أن "السعودية غنية بأنواع من البيئة، فهناك عمارة الساحل وعمارة الجبل والعمارة بالحجر والعمارة بالطين والصحراء حتى عمارة الصحراء فيها تنوع لذلك هي عمارة تقدمية، ويجب أن يُفهم بأن تطوير العمران المستقبلي لابد أن يكون مستوحىً ويأخذ روح وتقدم هذا العمارة، ولابد أن الموطن السعودي يدفع بهذه العمارة للتقدم في المستقبل".