شدد أكاديميون ومتخصصون في التراث العمراني السعودي على أن المملكة العربية السعودية تشهد مرحلة انتقالية وتاريخية في مجال الحفاظ على التراث العمراني، حيث يتم العمل على عدد من البرامج في مجال التراث العمراني. وقالوا إنه إضافة إلى برامج الحفاظ على التراث العمراني فإن هناك مشاريع وبرامج لرفع الوعي المجتمعي بأهمية المحافظة على التراث. واعتبر هؤلاء أن الحفاظ على التراث العمراني السعودي من سمات التميز للدول المتحضرة، التي تخوض سباقاً مع الزمن للحفاظ على تراثها العمراني والثقافي. وأضافوا أن العناية بالتراث العمراني ضرورة وطنية وحضارية، لإبراز هوية المجتمع وعراقة تاريخه، كما أنها تؤكد استمرار تفاعل المجتمع وحيويته، وتمسكه بعناصر هويته ومكامن قوته وتميزه. وأشاروا إلى ما تملكه المملكة من تاريخ عريق حيث تضم المئات من المواقع التراثية القيمة التي ينبغي المحافظة عليها واستثمارها. وأكد الدكتور سعيد السعيد عميد كلية السياحة والآثار بجامعة الملك سعود أن الحفاظ على التراث العمراني يتطلب إيجاد وعي مجتمعي به والحفاظ عليه وتطويره، وتشجيع التعامل معه بوصفه منطلقاً لعمران مستقبلي أفضل ينبع من ثوابت العمران للمملكة. ورأى أن تحقيق ذلك يتطلب تحفيز الاهتمام بالتراث العمراني، من خلال التأكيد على أن التراث امتداد وأساس للتطور المستقبلي، وأنه قلعة تشمل العمران بجميع جوانبه، ومن المهم وجود تراث عمراني له أبعاد وطنية واجتماعية. وأكد السعيد ضرورة الاهتمام بالتراث العمراني (والذي يعد الحفاظ عليه من سمات التميز للدول المتحضرة، فتلك الدول تخوض سباقاً مع الزمن للحفاظ على تراثها العمراني والثقافي، معطية أولوية كبيرة للقرى والمدن معاً). ولفت في هذا الصدد إلى مهرجان الجنادرية السنوي الذي يحفظ تراث أمة لديها مخزون وافر من الحضارة والتراث، حيث صدرت التعليمات بمنع هدم أي تراث عمراني في أية مدينة أو قرية، وإنشاء صندوق لإحياء القرى التراثية تشارك فيه عدد من الجهات الحكومية ذات العلاقة، بحيث تكون القرى وعاءً لحياة الناس اليومية ومورداً اقتصادياً لهم. و أوضح الدكتور عمرو طيبة عميد كلية تصاميم البيئة بجامعة الملك عبدالعزيز أن التراث الوطني يمثل الجذور الحضارية للأمة، ويعبر عن هويتها وانتمائها الحضاري وعن مدى ما قدمته من إسهامات في تطور الحضارات الإنسانية. وأشار إلى أن التراث العمراني يكتسب أهمية خاصة، لأن العمارة والعمران كانتا دائماً وعلى مسار التاريخ المعبر الحقيقي عن أخلاق المجتمع والقيم السائدة فيه، وعن مدى ما توصل إليه من تطور في شتى مجالات المعارف والعلوم. وأوضح طيبة أن التوعية بأهمية التراث العمراني الحضاري تعتبر الخطوة الأولى نحو الحفاظ عليه، وهي عملية مستمرة تتطور أساليبها ومضامينها مع تطور الأنشطة المتعلقة بالحفاظ على هذا التراث. أما المهندس عبدالله بن عبدالمحسن الشايب رئيس جمعية علوم العمران في الأحساء، فأوضح أن التراث العمراني يشكل رافداً محسوسا في هوية أي بلد، واتساع مساحة المملكة أوجد بانوراما في المباني، بسبب اختلاف المناخ ومواد البناء والحالة الاقتصادية والعادات، وانعكس هذا على تنوع كبير لكل تجمع سكاني. واعتبر الشايب أن المحافظة على هذا الموروث العمراني جزء من هوية بلادنا، إذ إن المحافظة عليه هو معنى من معاني الربط بين الأجيال المتعاقبة بتاريخهم ووجودهم وقدراتهم وإسهامهم. وقال إنه (يمكننا ترسيخ هذه الهوية بنشر الوعي في المجتمع، خصوصاً لدى الصغار والشباب، بقيمة التراث العمراني، وإظهار خصائصه وإعادة تأهيله، بل وتعميق ذلك بزيارة هذا التراث، وإقامة المهرجانات المتعددة في المواقع الأصيلة).