سجّلت المملكة العربية السعودية حضورها البارز في مشهد التراث العالمي، بفضل الجهود الكبيرة التي تبذلها الهيئة العامة للسياحة والآثار بقيادة ربّان سفينتها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز.. فمع احتفال العالم بيوم السياحة العالمي الذي صادف يوم السابع والعشرين من سبتمبر الماضي وأقيم هذا العام تحت عنوان «دور السياحة في التقارب بين الثقافات والشعوب»، كانت المملكة قد طبقّت هذا الشعار خير تطبيق، وذلك من خلال سعي هيئة الآثار إلى تحويل السياحة إلى قطاع منتج اقتصاديًا ومثرٍ ثقافيًا واجتماعيًا، وموفرًا لفرص حقيقية للنمو والاستثمار تصب في مصلحة الوطن والمواطن.. فقد قامت الهيئة بتعزيز الثقافة السياحية في المجتمع ونشر المعرفة في هذا المجال، بتنفيذ العديد من البرامج الموجهة لفئات مختلفة شملت المجتمع التعليمي والمجتمعات المحلية، كما أقامت 150 مركزًا للمعلومات السياحية الإلكترونية في عدد من المطارات ومراكز التسوق الكبرى والمتاحف، وأطلفت عددًا من الجوائز التشجيعية لدعم جهود التوعية والتميز، مثل جوائز عكاظ للحرف والصناعات التقليدية، وجوائز التميز السياحي للمنشآت والبرامج السياحية، ومسابقة العدسة الذهبية للتصوير. وعلى الصعيد الإعلامي وفي سبيل التعريف بالمملكة وما تزخر به مواقع سياحية والجهود التي تبذل للنهوض بالسياحة في المناطق، قامت إدارة الإعلام خلال العام الماضي ببث نحو خمسة آلاف مادة إعلامية تنوعت ما بين التلفزيونية والإذاعية والصحفية، وما بين الخبر واللقاء والتقرير والتحقيق، إضافة إلى الحملات الإعلانية التي واكبت الأحداث السياحية كالمهرجانات، والتصنيف الجديد لقطاع الإيواء، وسياسة التسعير والمعارض والملتقيات والمؤتمرات السياحية. وقد شهدت السياحة إعلان تسجيل حي الطريف بالدرعية في قائمة التراث العمراني لليونسكو، كما قدمت أول عرض للآثار السعودية في الخارج، من خلال معرض «روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور» في كل من فرنسا وأسبانيا وروسيا، وتنظيم أول مؤتمر للتراث العمراني بالدول الإسلامية، بالإضافة إلى إطلاق أول مشاريع تطوير القرى التراثية من خلال تدشين مشروع قرية رجال ألمع بعسير، وإطلاق مبادرة «تثمين» للعناية بالتراث العمراني، ومشروع (التراث يغني) بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم لتعزيز البعد الحضاري في التعليم. كما تم إطلاق الهوية السياحية للسعودية، وتدشين تصنيف قطاع الإيواء السياحي، وإعلان سياسة التسعير، وإقامة ملتقى السفر والاستثمار السياحي السعودي 2010م، وحصدت الهيئة عددًا من الجوائز المحلية والإقليمية لتميزها في عدد من المجالات. وقد تنوعت إنجازات الهيئة في العديد من المجالات ومنها معرض روائع الآثار السعودية، والذي يعرض في مدن أوروبية وأمريكية، حيث عرضت المملكة ممثلة بالهيئة 320 قطعة أثرية تعرض للمرة الأولى خارج المملكة في كل من باريس وبرشلونة وأسباينا وبرلين. كما نظمت الهيئة معرض الصور الفوتوغرافية عن صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، تحت عنوان «سلطان الخير.. تاريخ وإنجازات»، احتفاء بعودة ولي العهد من الرحلة العلاجية، وذلك في المتحف الوطني في الرياض وافتتحه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض في العاشر من يناير الماضي، كما أتمت الهيئة توقيع عقود إنشاء خمسة متاحف إقليمية جديدة في كل من الباحة، الدمام، تبوك، عسير، وحائل بقيمة إجمالية تصل إلى 182 مليون ريال بخلاف التكاليف الخاصة بتجهيزها، كما رفعت الهيئة للجهات المختصة بمشاريع ستة متاحف في مناطق أخرى، بالإضافة إلى تطوير المتحف الوطني، ومتحف خزام في جدة، ومتحف الصور التاريخية في قصر الملك عبدالعزيز بالبديعة بالتعاون مع دارة الملك عبدالعزيز، وتطوير قصر السقاف بمكةالمكرمة، ومشروع دار القرآن الكريم الذي تقوم عليه الهيئة بالتضامن مع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في المدينةالمنورة. وتعمل الهيئة بالتضامن مع مدينة المعرفة لتطوير متحف السيرة النبوية في المدينةالمنورة، إضافة إلى البدء في مشروع تأهيل واستكمال ترميم 20 مبنى تراثيًا من قصور ومقرات الدولة في عهد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، وتحويلها إلى مراكز تراثية وثقافية ومواقع تاريخية؛ ليكون المواطن قريبًا من تاريخ بلاده وتاريخ منطقته في هذه المواقع والتي سيتم تشغيلها بالكامل. كما تعمل الهيئة على استعادة أكثر من 2200 قطعة من الآثار الوطنية التي خرجت من بلادنا بطريقة غير مشروعة، وذلك في إطار سعيها الجاد لاسترداد آثار المملكة الموجودة في الخارج، بتوجيه سام كريم بالعمل في هذا المجال بشكل قوي، وستنظم الهيئة قريبًا معرضًا متخصصًا للآثار المستعادة. وأولت الهيئة عناية خاصة بحماية الآثار، حيث تم بدء صرف التعويضات المترتبة على نزع ملكية عدد من المواقع الأثرية التي تم نزعها منذ عدة سنوات بتكاليف تجاوزت 20 مليون ريال، ويجري العمل على استكمال إجراءات صرف تعويضات مواقع أخرى تم نزع ملكيتها بتكاليف تزيد عن 155 مليون ريال، تم اعتماد ميزانيتها بالكامل. وفي مجال البحث العلمي في الآثار، عملت الهيئة على برامج متنوعة تقوم بها فرق متخصصة من قطاع الآثار والمتاحف، حيث قامت بإعادة تطوير منسوبي قطاع الآثار والمتاحف وإخراج الكثير منهم من مكاتبهم للعمل في الميدان، بالإضافة إلى منسوبي الجامعات السعودية من المواطنين الذين تخصصوا وعملوا في هذه القطاعات الآن كخبراء، وأتاح وجود المواطن الخبير في مجال الآثار للهيئة فتح العمل المشترك مع وزارة التربية والتعليم، وجامعات وباحثين سعوديين بالتعاون مع فرق دولية متخصصة بلغ عددها حتى الآن أكثر من 14 فريقًا دوليًا، ونتج عن ذلك العديد من الاكتشافات المهمة في تاريخ المنطقة والإنسانية أجمع. ومن بوادر ذلك اكتشاف قرية أثرية بالمنطقة الشرقية تعود لفترة صدر الإسلام تتكون من مجموع منازل يقدر عددها حتى الآن ب 20 منزلاً، وتحوي غرفًا وحدات سكنية قائمة عثر فيها على قطع من الفخار والخزف والزجاج والحجر الصابوني والقطع المعدنية التي يمكن إرجاعها للقرنين الأول والثاني . كذلك كشفت الهيئة العامة للسياحة والآثار عن أول آثار فرعونية في الجزيرة العربية تعود للقرن الثاني عشر قبل الميلاد، والكشف عبارة عن نقش هيروغليفي على صخرة ثابتة بالقرب من واحة تيماء، يحمل توقيعًا ملكيًا (خرطوش مزدوج) للملك رمسيس الثالث أحد ملوك مصر الفرعونية الذي حكم مصر بين (1160 – 1192) قبل الميلاد. كما أسهمت جهود الهيئة في موافقة مجلس الوزراء الموقر على إلحاق كادر موظفي قطاع الآثار بموظفي الهيئة العامة للسياحة والآثار. وسعت الهيئة إلى تنفيذ برنامج استطلاع تجارب أكثر من دولة متقدمة في مجالات التنمية السياحية والآثار، الذي بدأته الهيئة من خلال نموذج غير مسبوق في استقطاب مسؤولي المحافظات والمناطق، ومن ذلك تنفيذ زيارات لوكلاء المناطق والمحافظين ورؤساء البلديات وغيرهم للتجارب المميزة في تنمية مواقع التراث وتحويلها إلى موارد اقتصادية، حيث تم تنفيذ رحلة إلى تونس شارك فيها أكثر من 35 مسؤولاً محليًا ليتجاوز عدد المشاركين في هذا البرنامج منذ بدء تفعيله ما يقارب 320 مسؤولاً، وقد نتج عن ذلك تحول جذري وكبير جدًا حقق النتائج الإيجابية فيما يتعلق بحماية المواقع الأثرية والتراثية وتنميتها. وعلى صعيد المهرجانات الصيفية والمناطقية ومهرجانات الربيع والعيد، رعت الهيئة العديد من المهرجانات في مختلف المناطق خلال أشهر الصيف، إضافة إلى فعالية سياحية وتراثية ورياضية وترفيهية وثقافية في مناطق المملكة المختلفة، وتضمنت مئات الفعاليات الترفيهية والثقافية والاجتماعية والتراثية، التي لبت احتياجات كافة شرائح المجتمع وتميزت بالجدة والتطوير وتنفيذ العديد من الفعاليات الجديدة. وتزامنت المهرجانات مع اعتماد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار هوية جديدة للسياحة السعودية بعنوان «السياحة السعودية... غنية بتنوعها» لتكون هوية خاصة لتسويق المملكة كوجهة سياحية. إشادة واسعة ومطالبة بالحفاظ على التراث العمراني وأمام هذه الجهود الكبيرة، أشار عدد من الأكاديميين المتخصصين في مجال التراث العمراني السعودي أن المملكة تشهد مرحلة انتقالية وتاريخية في مجال الحفاظ على التراث العمراني، حيث يتم العمل على عدد من البرامج في مجال التراث العمراني، لافتين إلى أن العناية بالتراث العمراني ضرورة وطنية وحضارية، لإبراز هوية المجتمع وعراقة تاريخه، كما أنها تؤكد استمرار تفاعل المجتمع وحيويته، وتمسكه بعناصر هويته ومكامن قوته وتميزه. وأشاروا إلى ما تملكه المملكة من تاريخ عريق حيث تضم المئات من المواقع التراثية القيمة التي ينبغي المحافظة عليها واستثمارها. حيث يقول الدكتور سعيد السعيد عميد كلية السياحة والآثار بجامعة الملك سعود: إن الحفاظ على التراث العمراني يتطلب إيجاد وعي مجتمعي به والحفاظ عليه وتطويره، وتشجيع التعامل معه بوصفه منطلقًا لعمران مستقبلي أفضل ينبع من ثوابت العمران للمملكة، وتحقيق ذلك يتطلب تحفيز الاهتمام بالتراث العمراني، من خلال التأكيد على أن التراث امتداد وأساس للتطور المستقبلي، وأنه قلعة تشمل العمران بجميع جوانبه، ومن المهم وجود تراث عمراني له أبعاد وطنية واجتماعية. وأكد السعيد ضرورة الاهتمام بالتراث العمراني «والذي يعد الحفاظ عليه من سمات التميز للدول المتحضرة، فتلك الدول تخوض سباقًا مع الزمن للحفاظ على تراثها العمراني والثقافي، معطية أولوية كبيرة للقرى والمدن معًا». ولفت في هذا الصدد إلى مهرجان الجنادرية السنوي الذي يحفظ تراث أمة لديها مخزون وافر من الحضارة والتراث، حيث صدرت التعليمات بمنع هدم أي تراث عمراني في أية مدينة أو قرية، وإنشاء صندوق لإحياء القرى التراثية تشارك فيه عدد من الجهات الحكومية ذات العلاقة، بحيث تكون القرى وعاءً لحياة الناس اليومية وموردًا اقتصاديًا لهم. تعبير عن الهوية وأوضح الدكتور عمرو طيبة عميد كلية تصاميم البيئة بجامعة الملك عبدالعزيز أن التراث الوطني يمثل الجذور الحضارية للأمة، ويعبر عن هويتها وانتمائها الحضاري، وعن مدى ما قدمته من إسهامات في تطور الحضارات الإنسانية، مشيرًا إلى أن التراث العمراني يكتسب أهمية خاصة، لأن العمارة والعمران كانتا دائمًا وعلى مسار التاريخ المعبر الحقيقي عن أخلاق المجتمع والقيم السائدة فيه، وعن مدى ما توصل إليه من تطور في شتى مجالات المعارف والعلوم. وأوضح طيبة أن التوعية بأهمية التراث العمراني الحضاري تعتبر الخطوة الأولى نحو الحفاظ عليه، وهي عملية مستمرة تتطور أساليبها ومضامينها مع تطور الأنشطة المتعلقة بالحفاظ على هذا التراث. أما المهندس عبدالله بن عبدالمحسن الشايب رئيس جمعية علوم العمران في الأحساء، فأوضح أن التراث العمراني يشكل رافدًا محسوسًا في هوية أي بلد، واتساع مساحة المملكة أوجد بانوراما في المباني، بسبب اختلاف المناخ ومواد البناء والحالة الاقتصادية والعادات، وانعكس هذا على تنوع كبير لكل تجمع سكاني. واعتبر الشايب أن المحافظة على هذا الموروث العمراني جزء من هوية بلادنا، إذ إن المحافظة عليه هو معنى من معاني الربط بين الأجيال المتعاقبة بتاريخهم ووجودهم وقدراتهم وإسهامهم. وقال إنه «يمكننا ترسيخ هذه الهوية بنشر الوعي في المجتمع، خصوصًا لدى الصغار والشباب، بقيمة التراث العمراني، وإظهار خصائصه وإعادة تأهيله، بل وتعميق ذلك بزيارة هذا التراث، وإقامة المهرجانات المتعددة في المواقع الأصيلة». تنوع عمراني ويقول الدكتور عبدالناصر الزهراني أستاذ الآثار بجامعة الملك سعود: إن المملكة العربية السعودية تتمتع بمتنوع التراث العمراني، على نطاق مناطقها الإدارية المختلفة، فهناك المناطق الساحلية والصحراوية والجبلية، وتختلف هذه في مبانيها التراثية وما تحمله تاريخية وقصور وتراث شعبي وعمارة تقليدية. ومن الواضح أنه لم تبذل جهود تذكر قبل وقت قريب للحفاظ على هذه الثروة. فقد أثرت المشروعات الضخمة التي شهدتهما المملكة في الآونة الأخيرة على التراث بشكل عام والتراث العمراني خاصة، وظهرت وجهات نظر عديدة حيال التراث يمكن إجمالها في: التنكر لهذا الموروث والخجل منه رابطًا التطور المعاصر بضرورة إزالته والاحتفاظ الوثائقي به. أما وجهة النظر الأخرى فترى ما يمكن وصفه بالتقديس، والحفاظ عليه دون تغيير. وبين الوجهة الأولى (الإزالة) والثانية (الحفاظ) يمكن اتخاذ الكثير من المواقف التي تجمع بين الحفاظ والإزالة لمواقع دون آخر، وأيًا كان الوضع لابد من معرفة هذا التراث ورصده وتوثيقه وذلك لأهمية هذا التراث العمراني وقيمة ومعاينة ودلالاته التاريخية والمعمارية والفنية المتعددة. ويمكن حصر هذه الاتجاهات في: 1- سياسة الحفاظ وما تشمله من ترميم وصيانة وحماية تعكس القيمة الرمزية والمعنوية للمباني التراثية. 2- سياسة الإزالة والإحلال والتجديد وإعادة البناء والتعمير وتعكس هذه السياسة القيمة النفعية للمباني التراثية. 3- سياسة إعادة التأهيل والارتقاء، وتعكس القيمتين النفعية والمعنوية للمباني التراثية. مختتمًا بقوله: عندما تنبهت حكومة المملكة لأهمية التراث العمراني ظهر عدد من القرارات والتوجيهات التي كان آخرها توجيه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية أصحاب السمو أمراء المناطق بعدم إزالة أي مبنى تراثي إلا بعد التنسيق مع الهيئة العامة للسياحة والآثار؛ للتأكيد على أهميته التاريخية والعمرانية والإبلاغ عن أي تعديات أو إزالة للمباني التراثية. وقد جاء هذا التوجيه بناء على ما رفعه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار من ما لوحظ من خلال الزيارات الميدانية للمختصين في الهيئة من ورود بعض المعاملات التي تفيد بقيام بعض المواطنين بإزالة مبان تراثية دون ترخيص مسبق. قصة الإنسان وتقول حورية السملي أستاذة التاريخ بجامعة أم القرى: لا نعدوا الحقيقة إذا قلنا إن المباني الإسلامية تميزت دون غيرها فإن البحث في تراثنا عن الماضي والرغبة في الوصول إلى معرفة الحضارات القديمة والاهتمام بما خلفته هذه الحضارات من أشياء مادية وأعمال فنية كانت وما تزال موضع اهتمام علماء الآثار لأن هذا العلم هو في جوهره علم البحث عن قصة الإنسان كما تحكيها الأشياء التي تخلفت عنه. وإن إرتياد المواقع الأثرية المختلفة أملاً في الحصول على نفائس المخلفات الحضارية للإنسان يؤدي ذلك إلى الانتشار. كما أن الاهتمامات التي تشهدها المملكة العربية السعودية وما يواكبها من بحوث ودراسات، ومحافظة على آثارها التاريخية والمعمارية، ستجعل منها بلدًا رائدًا في السياحة الثقافية والانتعاش الاقتصادي، فمملكتنا الحبيبة تزخر بمواقع التراث العمراني الكثيرة، وأهمها بغير شك الحرمان الشريفان، ولايزال الحرم المكي يحمل أعمدة رخامية من العهد العباسي فما بعده. وثمة أماكن عمرانية تراثية في مكةالمكرمة غير ذلك وباقي آثار عين زبيدة في الطريق إلى عرفات وغار حراء وغار ثور وغيرها. ومن الجميل أن تقوم المدارس بعمل رحلات طلابية إلى هذه الأماكن، وشرح ما يتعلق بها من مسائل في السيرة والتاريخ، فهذا أجدى في فهم النصوص التاريخية، وبهذا نربط طلابنا بالآثار العمرانية من خلال الدراسة الحية لتاريخ عبق. هوية تاريخية وتقول الدكتورة مها اليزيدي أستاذة التاريخ بجامعة الجوف: لاشك في أن التراث العمراني يمثل الهوية التاريخية والمعرفية لكل منطقة وبالتالي هو قيمة لايمكن تجاهلها، وحينما يتم ربط الأجيال الشابة بمواقع التراث العمراني فهو يتم بالاتي: أولاً: تدريس ذلك في المراحل الابتدائية وتخصيص كتب دراسية بصور تعريفية مختلفة. ثانيًا: عمل زيارات ميدانية للطلبة وتخصيص رحلات لذلك. ثالثًا: افتتاح أقسام للسياحة والآثار في الجامعات الناشئة وخاصة في المناطق التى بها مواقع أثرية، فمثلاً نحن في منطقة الجوف نحتاج لمثل هذا القسم يربط بقسم التاريخ لأن الجوف من مناطق المملكة الأثرية. رابعًا: تشجيع القطاع الخاص والمتمثل في الشركات السياحية والفنادق على توظيف الشباب وربطهم بهذه المواقع الأثرية. ومثال على ذلك أن تقوم بعض الفنادق في المملكة بجولة تعريفية ترفهية لنزلاء هذه الفنادق وإن كانوا من المواطنين لبعض هذه المواقع الأثرية داخل المنطقة، وبإرشاد طاقم مثقف سياحيًا ولديه معرفة تاريخية بهذه المواقع وتشجيع السياحية لمثل هذه الأعمال يعنى تكاتف الجهود من جميع الجهات والأفراد.