كان مسلمو "سيت كوين" في ميانمار دائماً جماعة صغيرة لا يتجاوز عدد أفرادها مائة شخص في القرية التي يعيش فيها ألفا شخص. لكن مع انتشار العنف الطائفي الذي تقوده حشود بوذية في وسط ميانمار بدأ المسلمون يختفون من القرية وغيرها من المناطق. ودمرت منازل المسلمين ومتاجرهم ومساجدهم وانتهى الحال ببعضهم في مخيمات للاجئين أو اختبؤوا في منازل أصدقاء أو أقارب لهم. وقتل العشرات منهم.
وقال أونج كو مينت وهو سائق سيارة أجرة في سيت كوين "24 عاماً": "لا نعلم أين هم".
وأضاف: "فررت هذا الصباح قبيل وصول العصابات إلى هنا". ونهب بوذيون متجراً مملوكاً لأحد المسلمين المتبقين في البلدة. وقتل 42 شخصاً في أعمال عنف ببلدة ميختيلا يوم 20 مارس وامتدت الاضطرابات التي يقودها بوذيون متشددون إلى عشر بلدات وقرى أخرى على الأقل في وسط ميانمار ووقعت أعمال العنف الأخيرة على مسافة ساعتين فقط بالسيارة من يانجون العاصمة التجارية للبلاد. وقال شهود إن الاضطرابات في "سيت كوين" بدأت قبل نحو أربعة أيام عندما تجول نحو 30 شخصاً يركبون دراجات نارية بالبلدة وأخذوا يحثون السكان على طرد المسلمين. ونهبوا مسجداً بعد ذلك ومجموعة من متاجر وبيوت المسلمين.
وإلى الجنوب من "سيت كوين" كثّفت الشرطة الدوريات بقرية "ليتبادان" التي يقطنها 22 ألف نسمة على بعد نحو 160 كيلومتراً من يانجون.
وقاد ثلاثة رهبان مجموعة من 30 شخصاً متجهين إلى مسجد لكن الشرطة فرقت الحشد الذي كان كثيرٌ منهم مسلحين بسكاكين وهراوات واعتقلت شخصين لفترة وجيزة. وقالت الشرطة إنها أفرجت عنهما بناءً على طلب من مسؤولين بالبلدة.
وقال الراهب خامايندا الذي قاد الاحتجاج إنه خرج إلى الشارع بعدما سمع شائعات نقلها إليه رهبان آخرون عبر الهاتف عن عنف بين بوذيين ومسلمين في بلدات أخرى. وقال إنه أراد الانتقام من المسلمين بعدما دمرت حركة طالبان تماثيل بوذية في إقليم باميان الأفغاني في 2001. وأضاف "سنعود مرة أخرى إذا سنحت لنا الفرصة".
وإلى الشمال من "سيت كوين" توجد قرية "مينهلا" التي شهدت عنفاً يومي الأربعاء والخميس. وقال ضابط بالقرية إن حشداً ضم المئات دمر ثلاثة مساجد و17 متجراً ومنزلاً خلال تلك الأحداث.
وقال شهود إن الرهبان لم يشاركوا في تلك الهجمات.
وقال أحد سكان القرية إن نحو 200 من أفراد الجيش والشرطة تدخلوا في نهاية المطاف لفرض هدوء هش.
وقال ضابط بالقرية إن قرابة 500 من سكان مينهلا البالغ عددهم مائة ألف هم مسلمون وقدر أن نحو ثلثي المسلمين فروا من البلدة.
وقال مقرر الأممالمتحدة الخاص بشأن حقوق الإنسان في ميانمار أمس إنه تلقى تقارير عن "ضلوع الدولة" في العنف الذي وقع في الفترة الماضية في "ميختيلا".
وميانمار ذات أغلبية بوذية وتصل نسبة المسلمين بين سكانها البالغ عددهم 60 مليون شخص إلى نحو خمسة في المائة. وهناك تجمعات كبيرة للمسلمين في مدن "يانجون" و"ماندالاي" وبلدات في قلب ميانمار.
وتمثل الاضطرابات أكبر تحدٍ حتى الآن للحكومة الإصلاحية التي تولت السلطة عام 2011 بعد نحو نصف قرن من الحكم العسكري.
وفرضت السلطات بالفعل حظراً للتجول ليلاً في أجزاء كثيرة من منطقة باجو حيث تقع "سيت كوين".
لكن قوات الأمن ما زالت تكافح جيوباً من الاضطرابات وذكرت وسائل إعلام رسمية أنه تم اعتقال 68 شخصاً فيما يتصل بالاضطرابات التي تسببت في تشريد 13 ألف شخص.