رسالة إلى كل مهموم وحزين، إلى كل فقير ومكسور، إلى كل حبيس ومسجون، إلى كل مريض أرهقه الداء والدواء وإلى كل عقيم. يقول الله تبارك وتعالى: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون). فبالاستغفار تدعوا الملائكة وأكبر الملائكة وأفضلهم عند الله وحملة العرش يستغفرون للذين آمنوا قال تعالى (الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم). ومن هنا نخلص إلى عظم مكانة الاستغفار في ديننا الإسلامي وأن له شأنا هاما في جلب كل خير ودفع كل شر. قال ابن تيمية «إذا أحب الله عبدا ألهمه التوبة والاستغفار فلم يصر على الذنوب». إن للاستغفار أهمية عظمى في الإسلام، فقد كثرت الآيات في القرآن الكريم التي تتكلم عن المغفرة والاستغفار أمرا وطلبا ومدحا. ولقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم فقال (واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما)، وأمر الله المؤمنين به فقال تعالى (واستغفروا الله إن الله غفور رحيم).. إلى غير ذلك من الآيات. ولقد كثرت الأحاديث الصحيحة التي تبين أهمية الاستغفار وثوابه عند الله وحاجة العبد إليه. فقد قال صلى الله عليه وسلم «إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة» وقال صلى الله عليه وسلم «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله تعالى فيغفر لهم». والاستغفار ذو أهمية كبيرة في حياة المسلم لأن فضائله كثيرة وبركاته غزيرة وقد أعلى الله شأنه في كتابه العزيز وذكره آمرا المسلمين بالاستغفار في أكثر من 18 آية وذكره بصيغة الندب في 16 آية وهذا يدل على عظم منزلته ومحبة الله له من عبده لأن به تكشف الكروب وتمحى الذنوب وتستر العيوب وتطهر القلوب وبالاستغفار تنزل البركات من السماء وتكثر الأموال والبنين وأعظم من هذا كله ما يحصل في الآخرة من رفعة الدرجات في جنات النعيم. والاستغفار عبادة لله عز وجل قائمة بذاتها نتعبد الله بها وقربة من القربات فالكل محتاج إلى الاستغفار حتى الأنبياء والرسل والملائكة عليهم جميعا الصلاة والسلام فهذا نبينا محمد وقدوتنا خير مثل في ذلك. فقد كان يكثر من الاستغفار والعبادة الشيء الذي نحن أشد حاجة إليه لدنو حالنا وضعف إيماننا فكان صلى الله عليه وسلم يلهج بالاستغفار دائما جالسا وقائما.. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال (ما رأيت أحدا أكثر أن يقول: استغفر الله وأتوب إليه من رسول الله صلى الله عليه وسلم). ويقول الله تبارك وتعالى (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا). يقول ابن كثير «أي إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه، كثر الرزق عليكم وأسقاكم من بركات السماء، وأنبت لكم من بركات الأرض وأنبت لكم الزرع، وأدر لكم الضرع، وأمدكم بأموال وبنين أي أعطاكم الأموال والأولاد وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار وخللها بالأنهار الجارية». أسأل الله لي ولكم أن يغفر لنا كل ذنب يحجب الدعاء ويعق الأبناء ويقتر الأرزاق برحمته التي وسعت كل شيء إنه غفور رحيم.