هل توجد لدينا في السعودية بطالة؟ أم هناك خلل واضح بين مخرجات التعليم وسوق العمل. هذا هو السؤال الصعب الذي نحتاج للإجابة عليه، في ظل وجود إحصاءات رسمية تقول إن معدل البطالة بين السعوديين وصل إلى 11.5% خلال عام 2015، وفقا لنتائج مسح أجرته الهيئة العامة للإحصاء، بما يعني أن 647 ألف شخص خارج منظومة العمل. هذا الإحصاء الرسمي ذكرني بمقولة لأحد الاقتصاديين حين قال إن «السعودية لا يوجد بها بطالة، بل هناك خلل في سوق العمل».. يومها قامت الدنيا عليه ولم تقعد، لكن الكثيرين اكتشفوا مع الوقت أنه كان على حق، لاسيما بعد أن كشف مسؤولون عن المسارات الوظيفية الوطنية التي جرى تنظيمها في أغلب المدن السعودية، أن الكثير من الشركات تطرح فرصا وظيفية عديدة ولا تجد من يتقدم إليها بعد نهاية كل مسار. إذن علينا أن نعترف بشجاعة أن هناك خللا في سوق العمل، ولا يوجد ارتباط وثيق بين المتطلبات التعليمية وسوق العمل، ما يجعل قاعدة السوق لا تستوعب مخرجات التعليم ولا تتجاوب بشكل إيجابي معه، الأمر إذن يحتاج إلى مصارحة مع النفس ورغبة صادقة في الحل، بدلا من تصدير كلمات معلبة نسمعها كل يوم عن السعودة والتوطين والشباب الباحث عن الوظيفة دون أن نوجههم بشكل صحيح. الحل يبدأ من وزارة التعليم، فعليها البدء في إقامة مجموعة من ورش العمل بمشاركة القطاع الخاص للتعرف على حاجات السوق الحقيقية، ينبغي البدء في إعداد دراسة تدعم هذا العمل والتوجه، ويكون هناك طرح استثماري توافقي منظم بين الوزارة ورجال الأعمال، وأحبذ الاستثمارية المستدامة التي تضع الواقع في الحسبان والانضباط أولوية وتعمل على مكتسبات ومخرجات تعود على الوطن بالنفع الأكبر. لا أريد أن أستبق هذه الدراسات، لكن الواقع يؤكد أننا في حاجة إلى معاهد عليا وجامعات في كثير من التخصصات التي يعاني المستثمرون في مختلف القطاعات من شح كبير فيها، ينبغي التوسع في كليات الطب وخدمات المطارات المساندة والخدمات الأرضية والطاقة والخدمات المساندة للوزارات العسكرية والتقنيات والصناعات البترولية والفندقة والإعلام وهندسة الإعلام، ويكون التركيز على الأعمال المتوسطة وما فوقها؛ لأنها ستحقق مكتسبات مزدوجة للوطن، من خلال تحويل المبالغ الكبيرة التي تدفع للموظف الأجنبي للمواطن السعودي، وبالتالي تدعم اقتصاد الوطن. من المهم أن نفتح المجال لإقامة المعاهد والكليات والجامعات العالمية داخل السعودية ونحفزها على ضم وتعليم وتأهيل شبابنا، لتكون أحد الروافد المهمة التي تدعم رؤية 2030، وتعزز من مكانة الشباب ليحمل شعلة المسؤولية ويكون قادرا على تحقيق طموحات وآمال هذا الوطن المعطاء.