في إطار تعزيز التواصل والتفاهم بين مختلف الثقافات والأديان، نظم برنامج التبادل المعرفي التابع لوزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد ندوة عالمية بعنوان «التبادل الثقافي والتواصل بين الحضارات» بالتعاون مع جامعة بكين، والملحقية الثقافية في سفارة المملكة في بكين، بحضور عدد من الشخصيات الرسمية من أساتذة الجامعات، والكتاب، والمؤرخين، والإعلاميين، وعدد من ممثلي الأديان، والباحثين. المشرف على برنامج التبادل المعرفي بالوزارة الدكتور عبدالله اللحيدان، أشار إلى حاجة عالمنا إلى منهج التراحم الإسلامي ليعم السلام والأمن، مطالبا المسلمين اليوم الأكاديميين، والعلماء، والجمهور، والخطباء، وعامة الناس في الدول الإسلامية، وفي دول الأقليات على حد سواء، ألا يحملوا الكراهية والبغضاء في صدورهم تجاه الحضارة بحد ذاتها، فلا يوجد موقف سلبي تجاه الحضارة الغربية أو الشرقية أو تجاه المعرفة أو العلوم، ولا يوجد أي موقف سلبي تجاه أي إنسان كائنا من كان. وأكد أن على المؤسسات الدينية والثقافية ومنسوبيها في عصرنا الحاضر مسؤولية جسيمة للوقوف والتصدي لتيارات التطرف الداعية للعنف، وذلك بالتعاون البنَّاء والصادق مع الحكومات والمنظمات الدولية لمحاصرة الأفكار المتطرفة، ومحاولة بذل الجهد في دراسة الأسباب والدوافع الحقيقية لظاهرة التطرف، والعنف، والحروب، والإرهاب الذي يجتاح العالم الآن. وبين أن جهود المؤسسات الإسلامية في المملكة في محاربة الأفكار المتطرفة أصبحت تجربة معروفة على مستوى العالم، حيث كان لمبادرات ودعم ومتابعة حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أكبر الأثر في النجاح الذي تحقق في البلاد في محاربة الإرهاب والتطرف؛ ونشر وإرساء قيم التسامح، والحوار، والسلام. وأوضح أن التفكير الإسلامي ميز بين المجالين الحربي والسلمي فلا يلجأ للخيار الحربي إلا عند الضرورة وهذا المنهج شرع الأبواب لعلاقة منفتحة مع الحضارات الأخرى، ولذلك فإن نظرة المسلمين إلى الصين عبر التاريخ كانت نظرة إعجاب خصوصا فيما يتعلق بتنظيم الدولة، والبناء السياسي، والحرف الدقيقة؛ حيث حصلت على اهتمام المؤرخين والرحالة العرب. وأبان أن المسلمين واجهوا على مدار تاريخهم الطويل كثيرا من التحديات الكبيرة، واليوم يواجه المسلمون والعالم تحديات ضخمة بسبب ظواهر مثل الإرهاب، والتخويف من الإسلام «الإسلاموفوبيا» والتي تؤدي إلى توترات غير مسبوقة حيث إنها تأخذ الطابع الديني، وتقف عائقا أمام أي تبادل علمي وتواصل ثقافي مما يجعل أثرها أكبر في السلام العالم، وهناك أسباب كثيرة للفشل في التواصل بين الثقافات منها الانطباعات المسبقة غير الصحيحة لدى العلماء، والمثقفين، وأساتذة الجامعات؛ فتخرج كتابات تكون على قدر كبير من الارتجال، والبعد عن الموضوعية والإنصاف والنزاهة؛ لأنها تقوم على افتراضات غير واقعية وتحليلات تعوزها المنهجية السليمة، واستنتاجات وهمية، تبنى على معلومات غير موثوقة، غالبا ما تستقى من وسائل الإعلام العالمية. وأشار إلى أن العواقب كانت وخيمة وما زالت، مؤكدا أن غالب السياسات والاختيارات المعتمدة عالميا تأتي بعيدة عن الواقع، وتقوم على أساس غير سليم، تنبع من المفاهيم والنظريات وأفكار هي أبعد ما تكون عن حقائق الأمور، هذا بدوره غالبا ما يسبب الضرر بالتفاهم الحضاري.