تكتسب زيارة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز المرتقبة إلى تركيا، وهي تعتبر الأولى له منذ تعيينه في هذا المنصب، أهمية إستراتيجية لعدة أسباب منها، أن العلاقات السعودية - التركية انتقلت منذ زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في أبريل الماضي من الشراكة إلى التحالف الإستراتيجي نظرا لما تمثله الرياض من موقع مهم على المحيط الخليجي والعربي والإقليمي والإسلامي والدولي، وتأثيرها على المتغيرات الجيوسياسية السريعة، التي تمر بها المنطقة والعالم، وكون تركيا لاعبة رئيسية في الوسط الإسلامي ولها دور كبير في إرساء السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي. كما تمثل زيارة ولي العهد تجديداً للعلاقات الإستراتيجية المتينة والتاريخية بين البلدين الشقيقين، لما يمثلانه من ثُقل دولي وإقليمي وإسلامي. وتأتي على رأس الملفات التي سيناقشها ولي العهد مع القيادات التركية تعزيز الشراكة بين البلدين، والأزمتان السورية واليمنية، والتصدي الحاسم للإرهاب، ومنع التدخلات الخارجية في شؤون دول المنطقة، وهناك تطابق في رؤى البلدين حيال قضايا المنطقة كافة، وهما حريصان على دعم الشرعية في اليمن، ومتفقان على حتمية رحيل نظام بشار الأسد، والحل السياسي للأزمة، مع المحافظة على سيادة ووحدة التراب السوري، وحق شعبه في الحرية والكرامة والعدالة. وسيمثل ملف الإرهاب الذي ضرب المنطقة بقوة مهدداً أمنها، محورا رئيسيا في المناقشات واللقاءات التي سيجريها الأمير محمد بن نايف مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدرم، خصوصا أن الرياض وأنقره حريصتان على تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب لما له من انعكاسات سالبة على مستقبل الاستقرار في المحيط الإقليمي والدولي. مرحلة جديدة ومن المؤكد أن الشراكة السعودية - التركية دخلت مرحلة جديدة عقب زيارة الملك سلمان لأنقرة، إذ تميزت العلاقات بمجموعة ملامح أبرزها التركيز على المصالح المشتركة والسعي لاستكشاف فرص تعزيز سبل التعاون من أجل تحقيق هذه المصالح. ومن أبرز الاتفاقيات التي تم توقيعها بين الجانبين التي أعطت دفعة قوية لشراكتهما إنشاء المجلس السياسي الإستراتيجي بين البلدين ليكون بوابة جديدة نحو تعزيز العلاقات، إذ يرى مراقبون أن هذا المجلس يمثل خطوة متقدمة في تصاعد وتيرة التعاون والتوافق بين البلدين، حول القضايا الجوهرية في المنطقة، إذ يتيح الفرصة لعقد اجتماعات سنوية دورية لمناقشة مجالات التعاون السياسي والاقتصادي والتجاري بين البلدين. ويركز المجلس الإستراتيجي بين البلدين على تعزيز التعاون المشترك في مجالات عدة على رأسها الأمنية، والعسكرية، والسياسية، والاقتصادية، والتجارية، والاستثمارية، والطاقة. ومن المؤكد أن الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين السعوديين والأتراك لها أهميتها البالغة كونها تعطي دفعة قوية للشراكة الإستراتيجية وتمثل فرصة لبحث المستجدات على الساحات العربية والإسلامية والدولية، خصوصا أن هناك تقاربا في رؤى الجانبين تجاه العديد من ملفات المنطقة، وتتسم مواقفهما بالتنسيق والتشاور وتبادل الآراء في ما يخص القضايا ذات الاهتمام المشترك، بوصف البلدين جزءاً إستراتيجياً مهماً في الخريطة العربية والإسلامية، والدولية ويحرصان على إيجاد حلول عادلة وشاملة لقضايا الأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي تعتبر جوهر الصراع العربي الإسلامي، إضافة إلى الأزمتين السورية واليمنية، ومكافحة الإرهاب. وازدادت أهمية تعزيز العلاقات السعودية - التركية بحكم توافق المصالح والرؤى لمحاربة تنظيم «داعش» الإرهابي، ورفض التدخلات الإيرانية في شؤون دول المنطقة، ومنع تمدد الفكر الطائفي، ودعم تطلعات الشعب السوري الذي يعيش رهينة للنظام الأسدي القميء، ومع استمرار بيئة الاضطراب السياسي في المنطقة العربية وتفاقم عوامل عدم الاستقرار السياسي واستفحال نشاط التنظيمات الإرهابية التي لجأت إلى العنف والتطرف، فإن البلدين أدركا تماما ضرورة تعزيز الشراكة لإيجاد شرق أوسط آمن ومستقر، بعيدا عن الإرهاب والطائفية القميئة.