إذا كان أمام الشاعر وردة وقتيلٌ، فمن العار أن يكتب عن الوردة! - بابلو نيرودا أفكِّر.. كم مرة حاولت أن أتحول إلى أعمى يبكي لوحده كي لا يحسدوه على بصيرته مبكِّرًا أغمضت عيني ومشيت اصطدمت بأصواتهم وهم يلعبون يتحسسون أطراف أقدامهم أصابع طرية ورئات تتنفس من ثقب صغير هكذا أسمعهم خلف زجاج محكم الغطاء أفكر.. وأفتح النافذة الصغيرة أصابعي تلمس رغوة أرواحهم إنهم يتبخرون ويتلاشون في الدخان الأسود ليس لقلبي ممر آخر هو يمسك بي إلى حيث الأحزان أنا أعرف ذلك النهر العميق وهو يطبع على مراياه وجوه الأصدقاء القدامى أولئك الذين يرتفعون دون شواهد أفكر.. كيف تُهرس أجسادهم دون رحمة؟ هل يؤلمهم نزع الروح؟ أم أنهم يتوقفون عن الحياة فجأة كمن يضغط على أزرار مدينة الألعاب؟! أعرف دجلة الله وأدرك بأنه يواسيني كما تواسيني سمكة غريبة أشويها وهي مشرعة العينين أعبره بجسدي الثقيل أبيع هزيمتي لأشتري لهم الحياة أطوِّح الموت لكنه لا يسقط أتحايل معه بالعمى لعله يخطئهم ويحرقني لكنني أُهزم الغدر يعلن عن حرائق مفتعلة وأنا أعلن عن نحيبي غير المفتعل هي التي أحرقتني معهم: الحياة التي لم تثبت في عيونهم أفكر.. الأم التي حلمت بشقيقين يلعبان معًا وأنا الذي مشى خلفها هائمة في وحشة اللاَّ أحد أنا أيضا لا أحد أجلس تحت شجرة اللبلاب أتأملُ حشداً يصرخ وينوح أحيانًا أتذكّر الجنازةَ التي انتصب فيها معي ثلاث عشرة جثة أغلبها عظام بلا جلود بلا لحم ولا حتى شرائط بلاستيكية حينها لمحتُ دجلة وهو يجري من بين أقدامهم كلمةٍ واحدة كان ينطقها الماء صامتة يتيمة ولامعة حمراء كدم الشهداء وبيضاء كالحليب الذي شربوه لا قبر يحفرونه ولا حوت كبير يبتلعهم كي ينجو من ألم مضغ الوحوش لا قبر يحفرونه غير أجساد معلقة على أعواد الانتظار أفكر.. بالجثث المرمية في المزابل والبساتين وفي ثلاجات الوطن المذبوح جثث بلا رؤوس رؤوس بل جثث وأقفاص روحية من زجاج من سيأبه بها أكثر من القطط والكلاب الشاردة..! ................................ كتبت هذه القصيدة رثاء لأرواح 13 طفلاً خديجًا قتلوا في حريق في مستشفى اليرموك المفتعل في بغداد بتاريخ 10- أغسطس آب 2016 ____________________ * شاعرة وقاصة سعودية