أمطار غزيرة شهدتها المناطق الجنوبية عموما، ومنطقة جازان خصوصا، سالت على إثرها الأودية والشعاب و «الشوارع»! ومن المفارقات الغريبة، أن الأودية المحملة بكميات هائلة من السيول لم تؤثر سلبا على حياة الناس، بل استمتعوا بها، لساعات معدودة، قبل أن تتحول إلى واحات خضراء فاتنة تسر الناظرين، بعكس تلك الشوارع التي أنفق عليها ملايين الريالات، ووقف عليها عشرات المهندسين، من أجل جودة التصريف ، ومع ذلك -تجدها بعد مضي أسابيع من فترة الأمطار- تبقى محملة بالمستنقعات والحفريات في صورة تجعل الإنسان يتمنى الشارع واديا بعيدا عن تدخل المهندسين! وأصحاب السعادة المسؤولين الذين يعشقون الماء المتدفق فوق أرصفة الشوارع، تلطيفا لحرارة الجو -ربما-! والعاملين بمقولة صاحبي المتهكم: «نعمة الله لا تحتاج إلى تصريف». لم يكن هذا هو ما أتعجب منه فحسب، بل العجب أراه حاضرا في بروز وصمود لوحة نزاهة التي تحمل قول الله تعالى: «إن الله لا يحب المفسدين»، حيث برزت تلك اللوحة وسط بحيرة من الماء مخاطبة الضمير الغائب، مذكرة إياه بعظم جرم الفساد، وما يجره من ويلات على الفرد والمجتمع. وحفظ الله القائل: ليت الشوارع في الحقيقة أودية في حسن تصريف السيول الجارية فهنا أرى الوادي يصرف سيله والواحة الخضراء تبدو حانية أما الشوارع إن قصدت سبيلها تلقيك في قعر السيول العاتية