يتزامن حديثنا عن «حفريات الشوارع» لايصال الخدمات الرئيسية للمنازل مع صدور ميزانية العام الجديد واعتماد مليارات الريالات لتنفيذ المزيد من مشاريع الصرف الصحي وتصريف مياه الامطار وغيرها من مشاريع الطرق والكباري وغيرها. ومعاناة السكان مع «حفريات الشوارع» في جميع مدن المملكة نزيف لا يتوقف منذ سنوات طويلة خاصة وان الكثير من الاحياء اقيمت بدون ايصال الخدمات الكهربائية والهاتفية والماء والصرف الصحي اليها عند البدء في تخطيطها والبناء فيها. والغريب في قضية «حفريات الشوارع» ان الناس يشاهدون الحفريات وخطوط وانابيب الصرف الصحي وتصريف مياه الامطار الا انه وحتى الآن لم تصل خدمات الصرف الصحي الى السواد الاعظم من السكان كما ان هطول الامطار يكشف ان هناك عجزا واضحا في شبكات تصريف مياه الامطار. وما يلبث العمال ان يردموا حفرية في احد الشوارع حتى يأتي عمال آخرون للقيام بعملية حفريات أخرى ويبدو ان هناك غيابا للجان تنسيق تنفيذ المشاريع بين شركة الكهرباء والاتصالات والماء والصرف الصحي وتصريف مياه الامطار لأنه على ما يعتقد ان كل جهة تقوم بعمليات الحفر بشكل مستقل عن الجهة الأخرى. واصبحت «حفريات الشوارع» من الامور التي تعود السكان على التأقلم معها ومع تلك اللوحات التي توضع بجوارها تحت عنوان «نحن نعمل من اجلكم» ولكن السكان في جميع مدن المملكة يتساءلون على مدى عشرين عاماً واكثر عن جدوى هذه الحفريات في حل المشاكل المزمنة للصرف الصحي وتصريف مياه الامطار خاصة وان واقع الحال ان معظم المنازل تعمل بخزانات للصرف الصحي يتم تفريغها بواسطة الوايتات وعند هطول امطار لدقائق معدودة فإن الشوارع تمتلىء بالمياه دون ان يكون هناك منفذ واحد يصرف هذه المياه. والسؤال الملح هنا هل هو سوء تخطيط تسبب في عدم جدوى وجدية هذه المشاريع او انها عملية انفاق للاموال واهدار لها دون وعي وادراك او ان الشركات المنفذة لهذه المشاريع غير مؤهلة للقيام بالاعمال المطلوبة منها وفي كل الحالات فإن الضرر جسيم وكبير سواء على السكان او على ميزانية الدولة واقتصادها وخاصة في مشاريع الكباري والطرق التي تنفذ في القرى والتي تتهاوى سريعاً عند هطول الامطار والسيول وتنقل الصحف وبشكل واضح صور «هشاشة» هذه المشاريع وسوء تنفيذها. والظاهرة الصحية انه وفي الفترة الأخيرة اصبح هناك نوع من الترصد والمتابعة يقوم بها المواطن من بدء الاعلان عن توقيع عقود الصرف الصحي وتصريف مياه الامطار وحتى البدء بتنفيذها، وهناك من يؤكد من خلال متابعته لبعض هذه العقود ان عملية التنفيذ هي المشكلة الحقيقية التي تواجه العمل الفعلي لانجاز هذه المشروعات المهمة حيث لا تهتم الشركات المنفذة بالمدة المحددة لتعطيل حركة المرور في الشوارع فتقوم بالحفر وتترك الحفريات بدون عمل لفترات طويلة ثم تعود الشركة المنفذة لاكمال المشروع بطريقة عشوائية رغبة منها في سرعة اغلاق الحفريات وتسليم المشروع في اقصر وقت ممكن. وهنا تبرز اهمية وجود مشرفين يتابعون خطوات تنفيذ المشاريع المتعلقة بشبكات الصرف الصحي وتصريف مياه الامطار وان تكون عملية المتابعة بشكل دقيق يتم التأكد من خلاله ان المشروع الذي يتم تنفيذه مطابق لأحدث المواصفات ومناسب لاحتياج المنطقة الذي ينفذ فيها، لذلك فإنه بدون وجود هذه المتابعة الدقيقة لن تحل مشاكل السكان مع الصرف الصحي وتصريف مياه الامطار مهما انفق عليها من مليارات الريالات.