على لسان (شيخ غفلة) مصري، فإن المرأة لا تصلح أبدا أن تكون عالِمة ومحدثة على قنوات التلفزيون سواء أكانت محجبة أو منقبة، ليس لأنها تخرج على شاشة التلفزيون بل لأنها فقط (امرأة) والنساء يخلقن من العوام ويمتن من العوام، فكيف تسمح بعض النساء في هذا الزمان أن يخرجن في برامج مختلفة ليحدثن الملايين في أمور دينهم. العلم، بحسب الشيخ العجيب، للرجال فقط!!. من أين أتى بهذه الفتوى أو بهذا الرأي الغريب؟!. لا أحد يعلم، خاصة أن تاريخ الإسلام يشهد على وجود أسماء نسائية نقلت العلم وحفظت الصبيان والبنات القرآن، بل ونقلت مجمل الأحاديث الشريفة كما فعلت عائشة رضي الله عنها. يبدو أن هذا الشيخ (الذكر) لم يطلع على كتب التراث الإسلامي والعربي وإلا لعرف أن كبار كتاب الطبقات لم يغفلوا الترجمة للمرأة المسلمة خاصة في الرواية، فمحمد بن سعد ذكر كثيرًا من الصحابيات والتابعيات الروايات في كتابه (الطبقات الكبرى)، و(ابن الأثير) خصص جزءًا كاملاً للنساء في كتابه (أسد الغابة)، وفي كتاب (تقريب التهذيب) لابن حجر العسقلاني ذكر أسماء (824) امرأة ممن اشتهرن بالرواية حتى مطلع القرن الثالث الهجري. أيضا، حسب بعض الروايات، فإن المحدث الشهير (الخطيب البغدادي) صاحب كتاب (تاريخ بغداد) سمع من الفقيهة المحدثة (طاهرة بنت أحمد بن يوسف التنوخية) المتوفاة 436ه. وكانت أمة الواحد بنت الحسين بن إسماعيل المتوفاة 377ه من أفقه الناس في المذهب الشافعي. وكانت على علم بالفرائض والحساب والنحو، وكانت تفتي ويكتب عنها الحديث. أما جليلة بنت علي بن الحسن الشجري التي عاشت في القرن الخامس الهجري، فكانت ممن رحلن في طلب الحديث في العراق والشام وسمع منها بعض كبار العلماء كالسمعاني، وكانت تعلم الصبيان القرآن الكريم. ولو أردتم أن أسرد ما روي عن حضور المرأة العربية والمسلمة في حواضر العلم، حديثا وفقها وحسابا ولغة، ما وسعتني مجلدات، لأن السابقين اعترفوا لها بفضيلة التعلم وفضل العلم؛ فأولوها عنايتهم واحترامهم ولم يخجلوا من تعليمها والتعلم على يدها والرواية والنقل عنها. لم يكن في أذهانهم ما في ذهن هذا الشيخ الذي يريد أن يجردها من عقلها وقدراتها وحقها في تعليم ما تعلمت لأنها (أنثى) لا تصلح لذلك مثل الرجال. نسي أن الرجولة صفة أو مجموعة صفات تدل على حسن التصرف وحسن الخلق والحصافة في وزن الأمور، سواء أصدرت من امرأة أو رجل. مصيبتنا في هذا الزمان ليس خروج المرأة لتعلم الملايين دينهم، بل مصيبتنا في أمثالك الذين لا ينظرون إلى أبعد من أنوفهم إذا تعلق الأمر بالمرأة. ومن يدري فقد يخرج لنا غدا شيخ غفلة آخر يحرم دخول المرأة إلى معامل العلم الحديث ومراكز البحث واختبارات العلوم المتقدمة. لماذا؟ لأنها امرأة!!. [email protected]