طالب تشكيليون بضرورة الارتقاء بمسابقة «لوحة وقصيدة» إلى مستوى يليق بسوق عكاظ، مؤكدين أنها تحتاج التي مناخ ثقافي وفني ونقدي، معتبرين أن لجنة التحكيم ابتعدت عن قواعد التحكيم العالمي، إضافة لعدم تخصصهم في التحكيم كونهم فنانين أو يعملون في مهن أخرى بعيدة عن التشكيل. وأكدوا أن أغلب اللوحات الفائزة في المسابقة الأعوام السابقة اقتباس لا يخدم مفهوم المسابقة وأهدافها السامية التي وضعها مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل. الفنان محمد الخبتي قال عن المسابقة: «تشكل وتتشكل كبصمة للفن البصري، ومزاوجة بين نسقين مهمين؛ لفظي وبصري، كالشعر والتشكيل وكل عام تشهد المسابقة زخما ومشاركة أكبر من فناني الساحة، محليا وعربيا ودوليا، وهي في تصاعد مستمر كقيمة فكرية وفنية، ويسعى القائمون عليها لنجاحها وتميزها وبث روح المنافسة الشريفة لحصد مراتبها الأولى، وهذا العام حصدها فنانون سعوديون لهم وجودهم بالساحة، عملوا على مقاربة النصوص الشعرية المطروحة ضمن شروط المسابقة باللون والتكنيك، ومستواها جيد ويدعو للتفاؤل بقادم الأيام بتميز المسابقة وفرسانها». من جانبه، يقول الفنان والناقد أحمد فلمبان: «لا نستطيع الحكم عليها في مفهوم الإبداع الشامل والمتميز الأصيل، الرسام يلون مشاعره الخاصة وتجاربه كما نستشعر في القصيدة فيترجمها رسما تشكيليا أو نحتا معبرا بالمضامين والخصائص المستقلة ذات النكهة الخاصة والمتعة المتفردة يبهر الناظر ويخاطب وجدانه». وأشار إلى أن أغلب الأعمال الفائزة بالمسابقة إلى الآن هي اقتباس من هنا وهناك ومباشرة تقليدية في أكثرها، وبعضها أعمال خطية كتب عليها عنوان وأبيات القصيدة أفقدتها النكهة المرتقبة، فكانت في حيرة وارتباك، فلا هي لوحة خطية ولا هي لوحة تشكيلية، وبعض الأعمال تتجه إلى فلسفة الفن للفن ومطلب تحقيق الجمال من أجل تقديم عمل فني قائم بذاته، ولكنها يائسة بائسة، لعدم تبلور فهم نظري لطبيعة هذه الأعمال، وعدم وجود مفاهيم محددة لطبيعتها. وأوضح فلمبان أن السبب المباشر في تخلل المشاركات الفنية للمسابقة هو خطأ التحكيم والطريقة التي يتم بها اختيار الأعمال، التي يلعب التشاور والتناصح ولوي الأذرع دورا رئيسيا فيها، تؤطرها المجاملة والتوصيات والمحاباة، وهذه الطريقة أسلوب مدرسي بدائي بعيدا عن المعايير والضوابط الفنية والعلمية، هذه الأمور المعروفة لدى لجان التحكيم العالمية، لأن الحكام في مثل هذه المسابقات الكبيرة، يجب أن يكونوا على قدر من المستوى والخبرة والحرفية والسمعة الحسنة في التحكيم بموجب معايير واستبانة دقيقة منظمة. ورأى فلمبان أن حل الخروج من هذا الروتين الرتيب والوصول إلى المعيار العالمي والارتقاء إلى مستوى مهرجان سوق عكاظ الخالد هو: ألا تكون المسابقة سنوية للحفاظ على قيمتها الفنية، وصياغة رؤية مغايرة، وتحديد معالم المسابقة وضوابطها، وأن يكون الحكام من المؤرخين والخبراء والنقاد المحترفين من خارج المملكة. وتمنى فلمبان أن تهتم لجنة الجائزة بما يطرحه كبار التشكيليين السعوديين، لأن مسابقة لوحة وقصيدة تعد ميدان تنافس للتشكيليين ليحاوروا إبداعاتهم في سوق عكاظ، حيث باتت المسابقة هدفا للكثير من التشكيليين، لما تنطوي عليه من فتح آفاق رحبة للإبداع، ولقيمتها المعنوية وضخامة جائزتها، وخلود اسم من يفوز بها في ذاكرة التاريخ الجمالي. ففي كل موسم من مواسم سوق عكاظ يتبارى التشكيليون محاولين تقديم لوحات تقارب بين إحساسهم بالقصائد ورؤاهم الفنية في تجلياتها الإبداعية، مقدمين لوحات يتزين بها السوق، وتحتفي بها القوافي الصادحة في جسد القصائد وارتباطها بالشعر العربي، كون الفنان يستوحي لوحته من خلال قصيدة ما يجعلها أكثر قوه وجمالا. من جانبه، يؤكد الفنان عبدالله إدريس أن معظم المسابقات المحلية لا تمثل الواقع الحقيقي لمستوى الحركة التشكيلية، ومسابقة «لوحة وقصيدة» بالرغم من أهميتها إلا أنها أخذت منحى لا يرتقي لسمعة سوق عكاظ. وتساءل: هل المسابقة تهدف إلى التنافس لكل من يخوض الفن التشكيلي، أم من المفترض أن تكون تكريما للمبدعين؟ أم أنها ساحة لاكتشاف المواهب الشابة وإيجاد منافسة بينهم؟ وأضاف: مثل هذه المسابقة وارتباطها بسوق عكاظ يشترط أن يكون لها معايير ومستوى يليق بتاريخ السوق، ومن خلال معرفتي ومتابعتي وتقديري لكل القائمين على المسابقة، ومن خلال لجنة تطوير المسابقة من فنانين ونقاد وصحفيين؛ لم نشهد أي تغيير أو تطوير لها، واعتقد أنها تسير باجتهادات شخصية ومحاولة لاستمرارها فقط، ويشكرون على ذلك، لكن الأمر متعلق بضرورة إيجاد فكر وثقافة معينة تنهض وترتقي بمستوى المسابقة وجوائزها، وهي تحتاج إلى مناخ ثقافي وفني ونقدي أكثر مما تحتاج إلى لجنة محكمين تصنف وتفرز بآلية مدرسية تقليدية.