كما هي الأرضُ تلدُ حياةً جديدةً كلَّ يوم تفترُّ عن ثغرها لتنبت شجرةٌ باسقةٌ كان يوم ولادته إيذانًا بإيداع روح في روح توديع واستقبال فقدٌ ولقاء نضوب الأمومة والحب من ينبوع الحنان وما بين أبوين استقى ماءَ طفولته صوتَ الحياة بين المداح والجابري تنامى الاسم وتسامى حتى غدا أنشودةً على شفاه الملايين بين الانضباطية والبساطة في أبهى صورها المداح يستشرف المستقبل الزاهر والجابري يسقي عروقَ الموهبةِ بماء الموسيقى وعلى ضفتي صديقين ربت روضة الخلان كان الأول يدس في ذاكرته عبدالوهاب والأطرش وأم كلثوم والآخر يصَعِّده فضاءَ المسرح ليزرعَ صوتَه في حقول الليل وينمي الذائقة في بساتين الوجدان بين الخبيتي والمجرور أطلق جماحَ الأغنية المكبلة إلى فضاء اللحن اللامتناهي كانت «خذاك الموعد الثاني».. «زمان الصمت» .. و «مقادير» ترمم الذائقة وتبني حدائق الإحساس الصادق في هدأة الليل تتنزه «أغراب» في بساتين المحرومين فتجري الغزلان والأسود في براري الوجد سويًّا وكأنهما حمامة سلام بين مكة والطائف سارت قافلة الإبداع لتزور عواصم الفن القاهرة.. بيروت.. تونس.. لندن.. باريس.. لتقف في أبها العشق عاد المهد إلى اللحد وما بين أغسطس 1940 وأغسطس 2000 مساحةٌ من الجمال لا تتوارى وسيرةٌ لن تضمحل ومعينٌ لا ينضب طلال ظلالٌ لشمسٍ لا تغيب إنه «صوتُ الأرض» و«الحنجرة الذهبية» و«قيثارة الشرق» و «زرياب»