لست من المستفيدين من قناة العربية في قليل أو كثير. ولا تعنيني إلا بقدر ما أشاهدها باعتباري إنسانا عربيا سعوديا يهمه أن يتابع إعلاما إخباريا محترفا بعد أن طال به المقام مع قنوات يديرها ويشغلها هواة لا علاقة لهم بفنون الإعلام التلفزيوني. هذا الإعلام الذي تبدل كثيرا عند غيرنا وبقي، قبل العربية، يراوح مكانه عندنا. وحين أقول عندنا أقصد المملكة ودول الخليج بالرغم من وجود محاولات واجتهادات هناك وهناك. الآن لدى أوروبا وأمريكا وروسيا وتركيا وإيران قنواتهم العربية التي تنقل أخبارهم وأخبارنا وتحلل أوضاعهم وأوضاعنا الداخلية والخارجية؛ وتؤثر، حسب أجنداتها وأهدافها، في الرأي العام العربي من المحيط إلى الخليج، بينما نحن، إذا استثنينا الجزيرة والتباساتها التاريخية والآنية، ليس لدينا إلا صوت هذه القناة. العربية، التي بناها عبدالرحمن الراشد، باقتدار إعلامي كبير، من الصفر ويديرها بعد أن شبت عن الطوق، تركي الدخيل، هي القناة المحترفة الوحيدة في عالمنا بالرغم مما قد يظهر أحيانا من ملاحظات أو تحفظات على بعض موادها شأنها شأن أي قناة تقع في هنة أو خطأ لسبب أو لآخر. وبالتالي لا أستطيع أن أحمل الحملات ضدها بين وقت وآخر سوى على محمل التربص لغايات أقل ما يقال عنها إنها مشبوهة، إذ ليس من الحصافة، على المستوى الوطني للمملكة والمستوى الإقليمي لدول الخليج، أن يتفرغ تويتر كل شهر ليشتم ويسب في هذه القناة ومديرها ومذيعيها وكأنها من قنوات الأعداء الذين يسلقوننا بألسنتهم وبرامجهم طوال أربع وعشرين ساعة. في الحملة الأخيرة، بعد إنقلاب تركيا الفاشل، وصل التربص بهذه القناة مداه حين شُنت حملة رعناء عليها تحت دعوى أنها فرحت للانقلاب على أردوغان، مع أن وظيفة أي قناة إخبارية، وهذا ما قاله مديرها، هو الإخبار والتحليل وليس توزيع الفرح في الأعراس أو فتح مجالس العزاء في الأحزان. لكن، وهذا هو مربط الفرس، من وضع ذلك الهاشتاق، القذر في ألفاظه وفحواه، وشن تلك الحملة لم يقصد، في باطن أهدافه، لا الفرح للانقلاب ولا الحزن على مآل تركيا ولا قصد حتى احترافية ومهنية الإخبار عن هذا الحدث. ما قصده يأتي في سياق تحزم أعضاء حزب (الإخوان) ورقصهم في شوارع الحدث نفسه والردح من أجل بلوغ هدفهم الأكبر وهو الإجهاز على قناة عربية مخلصة ومحترفة ليخلو الجو الإعلامي لقنواتهم المعروفة. لا يخفى علي وعليكم أن من أساليب (الإخونجية) الإرجاف ولوي عنق الأحداث إعلاميا لتوافق هواهم وأجندتهم. وما دام هناك مجال للإساءة إلى قناة العربية وأي وسيلة إعلامية ناوأتهم أو فضحت أجنداتهم فلن يترددوا في استغلالها؛ دون أن يسمحوا لك حتى بالسؤال ماذا فعلت العربية أكثر مما فعلته كل القنوات الإخبارية العالمية والإقليمية في الدقائق الأولى للانقلاب.؟! ودون أن تبحث لديهم عن ذمة أو ضمير تجاه ما يقولون ويفعلون ويهشتقون. وبالنتيجة، بعيدا عن المرجفين ومن تبع أجندتهم أو أصيب بمرض ضمائرهم، فإن ما يفترض بكل مواطن سعودي وخليجي هو أن يعي دور قناة العربية على المستوى الوطني والإقليمي. وأن يفكر مليون مرة قبل أن ينساق خلف حفلات الشتم المقصودة حتى لا يحسب على الأغبياء الذين تنطلي عليهم الإرجافات والأكاذيب والتزيدات الرخيصة، إذ ليس هناك، وأقول ذلك مخلصا مع نفسي ووطني، من قناة ستسد مكان العربية في هذه الظروف الصعبة، سعوديا وخليجيا وعربيا.