هذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها الرئيس التركي أردوغان عن تركيا الجديدة، هذه الأيقونة الجذابة من الناحية الشعبية ظلت كلمة السر للرئيس في كل المحافل المحلية الكبرى، وخصوصا في الحملات الانتخابية التي كان حزب العدالة بطلها. استعاد الرئيس التركي هذه العبارة في اليوم الثاني من فشل الانقلاب، لكن هل تركيا الجديدة التي يقصدها أردوغان تختلف عن تركيا التي كان يريدها في الأوقات السابقة. التطهير الذي قاده أردوغان في صفوف الجيش والقضاء، تشير إلى أن هناك فعلا تركيا جديدة يزول فيها سطوة «العسكرتارية»عن الحياة السياسية وعن إحداث متغيرات على المستوى الإقليمي كما كانت في السابق المؤسسة العسكرية تفعل. وبحسب مصادر مقربة من حزب العدالة والتنمية، أن المرحلة القادمة سيكون الاعتماد فيها على أجهزة الأمن والاستخبارات والقوى المدنية، ذلك إن جهاز الاستخبارات لعب دورا حيويا بالإطاحة برموز الانقلاب. وقالت المصادر في تصريحات ل «عكاظ» إن تركيا اليوم تختلف عن تركيا السابقة، إذ إن حزب العدالة يسعى بعد الانقلاب الفاشل إلى تحييد المؤسسة العسكرية عن المشهد، ليكون الجيش حاميا للنظام الحاكم منزوع المخالب والقدرة على تغيير الحياة السياسية. ولم تستبعد المصادر أن يتجه أردوغان إلى مصالحة تاريخية مع الأحزاب المعارضة، خصوصا الحزب القومي الخصم التاريخي لحزب العدالة وحزب الشعوب الديموقراطي الكردي العدو اللدود لأردوغان، ذلك أن هذين الحزبين ورغم الخلافات العميقة مع أداء أردوغان السياسي، إلا أنهما رفضا الانقلاب واعتبرا أن هذا العمل خروج على الديموقراطية ومعطل للحياة السياسية. مرحلة تقليم الجيش، باتت بالنسبة للنظام التركي أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى، بعد المشهد التاريخي الذي تداولته شاشات التلفزة ويظهر رجلا مدنيا يحمل السوط على مجموعة من العسكريين الذين ساهموا بالانقلاب. ولعل من أبرز مؤشرات صعود نجم الاستخبارات، ما تروج له وسائل الإعلام التركية للدور الذكي لرئيس جهاز الاستخبارات «هاكان فيدان»، الذي وصفته بالثعلب الذي استحكم خيوط اللعبة وأوقع بالانقلابيين من خلال الشبكة العنكبوتية الأمنية التي أسسها منذ توليه لمنصب رئيس الاستخبارات في مايو (أيار) من العام 2010. واحتفت الصحافة التركية بشخصية فيدان، معتبرة أنه بيت أسرار الرئيس التركي والمؤتمن على أسرار الدولة التركية.. هناك منعطف لا شك من ذلك في الحياة السياسية التركية، لكن المواجهة مع المؤسسة العسكرية ليس بالأمر السهل، في بلد تعتبر «العسكرتارية»من أحد المكونات الرئيسة في شخصيته.