أحدثت مشاركة الأمير تركي الفيصل في مؤتمر المعارضة الإيرانية الذي عقد في باريس قبل أيام، ضجة كبيرة سواء في الدوائر السياسية أو في الإعلام وبين المثقفين، فقد ألقى الفيصل في المؤتمر كلمة أشار فيها إلى تأييد العالم الإسلامي للمعارضة الإيرانية وأعلن أنه شخصيا (يريد إسقاط النظام في إيران). كان الأمير تركي يتحدث في المؤتمر بصفته الشخصية ولم يكن ممثلا للمملكة بصفة رسمية، إلا أن كثيرين عدوا حديثه بداية نقلة مختلفة في السياسة السعودية، فالمعروف عن سياسة المملكة العزوف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، لكن هذه المرة بدا الأمر مختلفا، فهل حقا أن مشاركة الأمير تعني حدوث تغير في السياسة السعودية؟ رغم أن إيران لم تكف لحظة عن التدخل في الشؤون العربية، ولم تدخر جهدا تستطيعه في التحريض والتمويل لإيقاد الفتن هنا وهناك ونشر الممارسات الإرهابية في كل مكان تستطيع الوصول إليه، إلا أنها من المتوقع أن تستغل مشاركة الأمير تركي الفيصل في المؤتمر الذي تقيمه المعارضة الإيرانية وإعلانه خلاله تأييده إسقاط النظام، بتوجيه الاتهام للمملكة بالتدخل في شؤونها الداخلية ودعمها للمعارضين الذين تسميهم إرهابيين، فإيران لا ترى ما تحدثه في المنطقة العربية من إثارة الفتن وسفك الدم وترويع الآمنين، لذا هي أهل لأن تفعل ذلك فينطبق عليها المثل (رمتني بدائها وانسلت). الأستاذ عبدالعزيز قاسم نشر مقالا في جريدة الشرق القطرية، أبدى فيه حماسة بالغة نحو تأييد مشاركة الأمير تركي في ذلك المؤتمر، هو يرى أن دعم المعارضة الإيرانية والوقوف معها، يسبب حدوث مشكلات داخلية في إيران تضطر الحكومة إلى الانشغال بها والانصراف عن التدخل في شؤون المنطقة العربية، فهذا هو الحل الأمثل للقضاء على التدخلات الإيرانية، إلا أن ذلك يقتضي (من وجهة نظره) تصعيد دعم المعارضة الإيرانية بحيث يكون الدعم رسميا من المملكة ومن بعض دول الخليج. لكن ما يقترحه كاتب المقال في أن يكون تدخل المملكة أو دول الخليج في دعم المعارضة الإيرانية رسميا، فضلا عن كونه يتنافى مع سياسة المملكة التي تنأى بنفسها عن التدخل في الشؤون الداخلية لغيرها، يتيح لإيران فرصة تشويه صورة المعارضة وتظهر المعارضين عملاء مدعومين من دول أخرى، وبهذا بدلا من أن تنشط حركة المعارضة في داخل إيران، قد تفتر بعد أن تفقد الثقة والمصداقية في عيون المناصرين لها.