كل يوم يمر يتأكد معه أن ميليشيات «الحشد الشعبي» الطائفية تحكم قبضتها وتبسط نفوذها بقوة على العراق، إلى درجة أنها وحسب مراقب عراقي لم تعد «جيشا رديفا» بل دولة داخل الدولة. وتعكس تصريحات أوس الخفاجي مؤسس ميليشيات أبو الفضل العباس المنتمية للحشد، بتنفيذ أحكام إعدام على من يتهم بالتورط في قضايا الإرهاب، حقيقة هذا التغول للحشد في المنظومة العراقية -إن وجدت-. هذا الخفاجي المعروف بتأجيج المذهبية واللعب على الوتر الطائفي سبق أن وصف الفلوجة ب «منبع الإرهاب» قبيل انطلاق معركة تحريرها من «داعش». وإعطاء ميليشيات «الحشد» نفسها حق تنفيذ الإعدامات يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن سلطتها أضحت فوق سلطة الحكومة، ما يؤشر على هشاشة حكومة العبادي وتركها الساحة لتغول ميليشيات طائفية وإحكام قبضتها على أروقة صناعة القرار. يس هذا فحسب بل إن الحكومة العراقية نفسها تسهم في تمكين هكذا عصابات مسلحة من حق قيادة معارك ورفع راياتها وشعاراتها الطائفية بعدما أدخلتها في جهاز الدولة الأمني، والغريب أن هذا الأمر لم يعد يزعج بغداد أو ينال من هيبتها في شيء بل على العكس أضحت تفاخر به، ولم تعد تلقي بالا ولا اهتماما لحجم الإدانة والتنديد الدوليين بجرائم وانتهاكات الميليشيات الطائفية التي تعيث فسادا في أرض العراق، رغم مطالبات المنظمات العالمية بالتحقيق في جرائمها. وبما أن إيران هي الآمر الناهي في العراق، لم يكن متصورا أن تغيب عن تشكيل هذه الميليشيات لتكون يدها التي تبطش بها، لذلك نظمت إيران حملات تطوع للمشاركة في هذه العصابات، وفرض هيمنتها عليها، وهنا يؤكد خبراء عراقيون أن ميليشيات الحشد الشعبي أصبحت بمثابة «العمود الفقري للجيش العراقي، وهي إطار جامع لعشرات الميليشيات الشيعية المعروفة مثل: منظمة بدر وسرايا السلام وعصائب أهل الحق والتيار الرسالي و «حزب الله» العراقي وغيرها من عشرات الميليشيات التي باتت تمارس نشاطاتها بشكل رسمي ما يمنحها صفة شرعية كأية مؤسسة من مؤسسات الدولة. ويضيف هؤلاء أن الحكومة تتولى تسليح وتمويل ودفع رواتب هذه العصابات التي أصبحت ترتدي الزي العسكري للجيش العراقي وتتسلح بسلاحه وتستخدم سياراته ومعداته.