لايختلف اثنان على أن ميليشيا «الحشد الشعبي» تحولت إلى أداة إيرانية لنشر الطائفية وإشعال نار الفتنة في العراق، ولم يعد خافيا على أحد أيضا أن النظام الإيراني الذي ساعد في تكوين هذه الميليشيات الشيعية يسعى بكل قوة لإحلالها محل القوات النظامية والجيش العراقي، دعما لحلفائه وإحكاما للمزيد من السيطرة واحتلال العراق. السرعة والكيفية التي تصاعد بها نفوذ ميليشيات الحشد، خصوصا أنها تشكلت بفتوى سيستانية منتصف عام 2014، زادت من مخاوف العراقيين أن يتحول جيش بلادهم إلى ميليشيات طائفية وهو ما يؤدي إلى تغليب الطائفية على مفاصل الدولة. وحسب مراقب عراقي فقد تشكلت هذه الميليشيات من 42 فصيلاً مسلحاً وبعدد لايتجاوز ال5 آلاف مقاتل، إلا أنه بعد إعلان الحكومة العراقية عن تخصيص مرتبات مالية لهم بنحو 800 دولار شهري لكل مسلح ارتفع العدد إلى نحو 120 ألفا موزعين على 53 ميليشيا، إلا أن قيادي في ائتلاف الوطنية برئاسة إياد علاوي قدر أعداد قوات الحشد بنحو 250 ألف متطوع. ورغم أن منظمات حقوق الإنسان الدولية اتهمت هذه الميليشيات بارتكاب أعمال عنف طائفية بحق السنة وأنها قتلت عشرات المدنيين في إعدامات عشوائية وأنها ترتكب ممارسات تصل لمستوى جرائم الحرب، إلا أن المجتمع الدولي لايزال يغض الطرف عن هذه الميليشيات التي لاتقل بشاعة عن «داعش والقاعدة وحزب الله»وغيرهم، وقد أكدت المستشارة في منظمة العفو الدولية دوناتيلاروفير أن هذه الميليشيا نفذت عمليات انتقام ذات طبيعة مذهبية بحق السنة الذين لم ينخرطوا في الأعمال العدائية. الخبير في الشأن الإيراني د. محمد ناجي كشف أن ميليشيا الحشد تشرف حالياً على أكثر من 24 سجناً بطريقة غير شرعية وتمارس بها أفظع الانتهاكات. ولفت إلى أن الحشد نفذ حتى الآن 17عملية تغيير ديموغرافي خلال أقل من عام، شملت طرد العراقيين السنة وتوطين آخرين في عدد من المناطق. وأضاف أنها تورطت في أكثر من 10 آلاف عملية إعدام ميدانية في حق عراقيين مدنيين لأسباب طائفية، محذرا من أن إيران تؤكد توجهها من خلال هذه الميليشيا إلى تغيير الديموغرافيا العراقية وتدمير العراقيين بنيران الطائفية. وفي ظل إصرار نظام ولاية الفقيه على إشعال الطائفية وشيطنة العراق، فقد ضغطت طهران على البرلمان العراقي العام الماضي لوأد مشروع قانون بتأسيس حرس وطني لرفد أجهزة الأمن العراقية من أهالي المحافظات السنية للسيطرة على المناطق التي يتم تحريرها من قبضة «داعش»، مايؤكد إصرارها على المضي قدما في مخطط التفتيت والتقسيم. ويؤكد مراقبون عراقيون أن مخطط ميليشيات الحشد جرى تفصيل خيوطه في طهران بما ينسجم مع الميول الإيرانية في تشكيل عصابات طائفية تقتل على الهوية للقضاء على المناطق السنية، وتجاهر هذه الميليشيات المذهبية بالولاء لطهران التي تؤمن لها الدعم المالي واللوجستي والتسليح والتدريب. ويحذر هؤلاء من أن ممارسات «الحشد الشعبي»- والتي اعترف رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي شخصيا بتجاوزاتها وبارتكابها الجرائم - تدفع العراق إلى حافة الهاوية وإلى مستنقع التفتت والتقسيم. وهكذا لم يجد تحالف قوى التجمع السني داخل البرلمان حلا سوى تدويل قضية انتهاكات هذه الميليشيات ومطالبة الأممالمتحدة بالتدخل لإيقاف جرائمها.. فهل يجد مطلبه آذانا صاغية في أروقة المنظمة الدولية ؟.