صنّف الناقد سعيد السريحي الروائي الراحل عبدالعزيز المشري ب«الكاتب المؤدلج»، إذ تنطلق رؤاه من أيديولوجيا هيمنة على صوته الخاص منذ أن عمل في ملحق الزميلة صحيفة «اليوم» في عام 1982، ولم يتقاعس المشري من مواجهة الأيديولوجيا المستعمرة بناء من منطلقات فكرية كان يتمترس خلفها المشري في عمله الإبداعي «السيف والوردة»، مشددا على ضرورة قراءة السياق الذي كتب فيه المشري أعماله في الحلقة النقدية ب«أدبي جدة» أمس الأول (الأربعاء) حول ورقة قدمها الدكتور محمد ربيع الغامدي بعنوان «الرد بالكتابة» من خلال أعمال المشري. وساند الدكتور عبدالله الخطيب رأي السريحي من أن المشري تلبس الأيديولوجيا في مواجهته المحتدمة مع تحولات كبرى مسّت قرى الجنوب، وأضحت سياقا يقدم المشري من خلالها رؤاه، وأكد الخطيب أن المشري نافح عن التجويف الثقافي الذي أصاب قريته في منطقة الباحة منطلقا من أيديولوجيا يسارية تحاول إسقاط «البرجوازية»، وعزا الخطيب هذه الحالة التي يكتب بها المشري إلى مفهوم «غرامشي» للهيمنة. لكن الدكتورة أميرة كاشغري ذهبت إلى أن مصطلح «الرد بالكتابة» جاء تعبيرا لما قامت به الإمبريالية في لغة «المستعمرين» من الإيغال في التحولات التي جرت تحت الاستعمار الأوروبي بكافة أشكاله، لكن «الاستعمار المجازي» في سطوة الأيديولوجيا لما يدور في أعمال المشري من تلكم الزاوية التي تناولها الغامدي في ورقته النقدية، وتساءلت كاشغري، لماذا لم تؤثر أعمال المشري على غرار تأثر المفكر الإيراني علي شريعتي في الثورة الخمينية في القرن الماضي؟ أما الدكتورة لمياء باعشن فهاجمت الورقة قائلة إن المترجم لكتاب «الرد بالكتابة» أخطأ في إزاحة «الإمبراطورية» من العنوان في اللغة الإنجليزية، ما أثار حفيظة مقدم الورقة (أي الغامدي) في أنه اطلع فقط على النسخة المترجمة، وأيقظ الجدال بينهما. وأوضحت باعشن أنها لم تستطع فهم روايات المشري ويحيى امقاسم لاستعمالهما للهجتهما المحلية، وأشارت إلى أن القرية مرّت بذات التحولات التي مرت بها مدينة جدة. بينما ذهب الناقد علي الشدوي إلى أن المشري حاول من خلال اللغة المحلية أن يقاوم الأيديوجيا الزاحفة إلى قريته، مشيرا إلى أن اللغة مرتبطة بالعمل في محاولة إلى تقديم المهنة الأساسية لأهالي القرية (الفلاحة)، مستخدما لهجته كسلاح مناوئ للفصحى التي دخلت إلى بيوتهم.