لم أفاجأ بتعنّت وفد الحج الإيراني ومحاولته فرض شروط سياسية وعقائدية تتعارض مع قدسية المناسك ومع توجه ضيوف الرحمن بقلوبهم وأرواحهم وألسنتهم نحو خالقهم العظيم في الأيام المباركة، ذلك أن الأهداف السياسية والمذهبية التي تبنّتها (الثورة الخمينية)، سعت منذ اليوم الأول الذي استولت فيه على إيران وأحكمت قبضتها على الشعب الإيراني، إلى تسيِيس جميع أمور ذلك البلد بما فيها تسخير موسم الحج لرفع شعارات الثورة وإقامة المظاهرات والحشود وإغلاق الشوارع المؤدية إلى المسجد الحرام وتعريض أمن ضيوف الرحمن ونُسكهم للخطر والمضايقات وإخراج المناسك عن أهدافها السامية وعن طقوسها النبيلة وروحانيتها وجمالها، حيث تنصرف خلالها قلوب الحجاج إلى البيت الحرام والكعبة المشرفة والمشاعر المقدسة في هدوء وسكينة وراحة بال، وكل ذلك لم يعجب الوفد الإيراني فأخذ يكرر محاولاته لتسييس موسم الحج، حيث تفاقمت الأمور في عام 1407ه فحصل ما حصل وأدى إلى منع ملاِلي طهران لحجاجهم من أداء المناسك لعدة أعوام شنّوا خلالها حملة إعلامية كاذبة خاطئة بأن المملكة هي التي منعت الحجاج الإيرانيين من أداء مناسكهم، فلما بُحَّ صوت طهران ولم تجد له صدى لدى حكومات المسلمين وعامتهم عادت إلى رشدها أو تظاهرت بالعودة إليه وسمحت لحجاجها باستئناف أداء مناسكهم مرة أخرى، وها هي بعد ثلاثين عاما من أكاذيبها السابقة التي ارتدت عليها، تعود إلى الادعاء بوجود عراقيل تحول دون تمكين حجاج إيران من أداء مناسك الحج، وهو مجرد ادعاء فجّ قميء؛ لأن واقع الأمر يؤكد بأن وفد حجهم الذي يُشرف عليه الحرس الثوري الفاشي يشترط أن يميز عن جميع وفود الحجاج القادمين من الدول الإسلامية ودول الأقليات المسلمة، فإذا لم تستجب لهم وزارة الحج والعمرة انسحبوا وزعموا أنها وضعت العراقيل أمام أداء الإيرانيين لمناسكهم وهو ادعاء قد لا يصدقه الحجاج الإيرانيون أنفسهم؛ ناهيك عن أن يصدقه مسلم عاقل، أما قطط إيران وأذنابها من أحزاب وأفراد فلا عجب أن تموء وتنق بأمر منها، ولكن من سيسمع المواء أو النقيق؟.