أبدى عدد من المبدعين على مستوى الشعر والقصة عدم رضاهم عن التجربة النقدية في المملكة كونها غير مواكبة للنتاج الأدبي الضخم، لأن ماكينة النقد السعودي تعمل وفق مزاجية وانتقائية وبحث عن درجة علمية وترقية، فيما تتجه الإمكانات النقدية الوافدة من أساتذة الجامعات العرب إلى مجاملات وبحث عن منفعة من جوائز أو ترقيات أو كسب مودات شخصيات نافذة ولها كلمة تعود بالنفع على النقاد الوافدين. ويؤكد القاص فهد الخليوي أنه لا ينتظر أن يتولى ناقد ما أعماله القصصية بالنقد، مثمنا لعدد من الأكاديميين والأكاديميات دراسة نصوصه في أبحاث ماجستير ودكتوراه، مشيرا إلى أن المبدع يفرح بأي لفتة من ناقد إلا أن ثقة المبدع في نفسه تحول بينه وبين انتظار ما لا يأتي، كون الكاتب يكتب لتوافر أدوات الكتابة لا استجداء واستجلابا لرؤية وإشادة ناقد. فيما عبر الشاعر عبدالرحمن الموكلي عن عدم رضاه عن النقاد المحليين. بل نفى وجود نقد محلي فعلي، عدا تجربة الناقدين سعيد السريحي وسعد البازعي. ووصف الموكلي بعض من يتصدرون المشهد النقدي بأنهم لا يملكون أدوات النقد الحقيقية والمنهجية. وأضاف أنهم ينطلقون من انطباعات ومجاملات وكتابات توصيفية لا ترقى إلى مستوى النقد الفعلي. وعزا ذلك إلى غياب المنهج النقدي الحديث، وانطلاق الأكاديميين إلى النقد بذهنية القرن الهجري الثالث، لافتا إلى أن البعض ألف كتبا نقدية ليفوز بجائزة دون أن يرقى كتابه لمستوى النقد. ويرى الموكلي أن بعض كتب نقادنا الحاليين لا يعول عليها عندما نرصد حركة النقد في المملكة. وتساءل عن أساتذة أكاديميين يحضرون في العام خمسة ملتقيات ويقدمون خمس دراسات لا تعدو توليفات غير جادة وتنطلق من ذهنية تراثية، مشيرا إلى أن شعراء قصيدة النثر في المملكة من أبرز الشعراء ولم يلتفت أحد للتجربة بوعي وإخلاص وإنصاف، ناهيك عن التفعيلة، كما قال. فيما يذهب الشاعر أحمد الملا إلى أن هناك تغيرا في المزاج النقدي بحكم معطيات العصر، والانفتاح الكوني، وتعدد وسائل التعبير، ومزاحمة فنون جديدة للنص الإبداعي. مبديا تحفظه على مصطلح (هضم التجارب) كون التجربة الجادة والجيدة تفرض نفسها سواء انتبه لها النقاد أم لا. واستعاد تجارب إبداعية عالمية وكونية لم يتنبه لها النقاد إلا بعد مئات الأعوام . منها على سبيل المثال رواية «دون كيشوت» التي لم يعرها أحد اهتماما إلا بعد 400 عام. وحمل الملا الجامعات المسؤولية كون مخرجات الجامعات من النقاد ضعيفة. وثمن للدكتور سعد البازعي عنايته ببعض التجارب الشعرية. وأضاف: إلا أنه كلما اتسعت دائرة الكتابة ضاقت دائرة النقد. فيما وصف الشاعر إبراهيم زولي النقد في المشهد الثقافي السعودي بالظالم، كونه ظلم كثيرا الجيل الذي جاء عقب جيل الثمانينات، (جيل التسعينات وما تلاه) مع استثناءات بسيطة. ويؤكد زولي أن الدرس النقدي لم يواكب منجزنا الشعري. وظل مرابطا كما يرابط جندي بائس على الجبهة، فيما جيشه قد ترك مواقعه وانسحب. وأضاف: ما انفك خطابنا النقدي يلوك أسماء أكل الدهر عليها وشرب وربما نام أيضا، وراح أغلب النقاد يتمترس متواريا خلف سديم النظرية، فيما جيل جديد شرع يكتب نصوصه بلغة طازجة، لغة منفتحة على كل التجارب العالمية من سينما ومسرح، وعلى كل الأجناس الأدبية سواء شعرا أو قصة أو رواية، مشيرا إلى أن جيل التسعينات والألفية الثالثة لم يرتهن للسائد والمألوف، بل جاء متجاوزا للنقد المعلب والتنظيرات المثلجة.