فكرة إنشاء جسر يربط بين المملكة ومصر طرحت عام 1988، إلا أنها ظلت في نفق النسيان 26 عاما، حتى ظن كثيرون أنها ماتت، إلى أن خرجت إلى النور بعد أن وقعت المملكة ومصر، بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، اتفاقية لإنشاء جسر اقترح الرئيس السيسي تسميته ب «جسر الملك سلمان»، وهذه كانت مفاجأة لجميع من ظن أن الجسر لن ينفذ، وكان في مقدمتهم وزير النقل السابق وصاحب الدراسات وحلم تنفيذ المشروع الدكتور إبراهيم الديميري. وقبل أن تسرع «عكاظ» في إجراء الحوار مع الديميري تذكر -وهو يبتسم- ما حدث حين تفقد موقع الجسر في أكتوبر 2013، وكان حينها وزيرا للنقل، وعندما شاهد الموقع على الطبيعة قال «من السهل جدا تنفيذه» إلا أنه فوجئ بصدور بيان، جاء فيه أنه لم يتم التنسيق بشأن الجسر بعد، وأكد أن الجسر يسترد تكلفته في 10 سنوات، ويؤدي لزيادة فرص الاستثمار الخليجي في مصر، وفرص التبادل التجاري بين الدول العربية. 30 دقيقة من مصر إلى المملكة وفق الدراسات والتصميمات التي قمتم بإعدادها، نود المزيد من التفاصيل حول مشروع «جسر الملك سلمان»؟ يعد هذا الجسر حلماً مشتركاً للربط بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، ويتراوح طوله بين 26 و30 كيلومترا، يبدأ من شمال مدينة «رأس نصراني» المصرية القريبة من «شرم الشيخ» ليصل إلى الشاطئ الشرقي لمنطقة «رأس الشيخ حميد» شمال ميناء ضباء، مرورا بجزيرة تيران في البحر الأحمر، ويختصر المشروع زمن الرحلة من مصر إلى السعودية إلى 30 دقيقة، ويعتبر أول محور بري في العصر الحديث يربط مباشرة قارتي أفريقيا وآسيا عبر الأراضي المصرية، ويفضل أن يكون القطاع العرضي للجسر بعرض 36 متراً كالآتي: ثلاث حارات مرور في كل اتجاه بعرض الحارة الواحدة 3.75 متر، وفي منتصف الجسر مسار لخط سكة حديد مزدوج بعرض 11.30 متر يسمح بمرور قطارات تصل سرعتها إلى 250 كم/ الساعة، وقبل وبعد الجسر إلى 350 كم/ الساعة، لتربط بشبكة قطارات فائقة السرعة بدأت المملكة في تنفيذها، وبخطوط قطارات سريعة من المخطط تنفيذها في مصر، ومع وجود خط سكة حديد، والميول الطولية للجسر يجب أن لا تزيد على 1% بأي حال من الأحوال. 3 سنوات للجسر ما هي المدة الزمنية التي يستغرقها تنفيذ هذا المشروع، وتكلفة إنشائه؟ يستغرق تنفيذ الجسر ثلاث سنوات، وتتراوح تكلفة إنشائه بين ثلاثة وأربعة مليارات دولار، وسيسترد تكلفة إنشائه في عشر سنوات على الأكثر. هل الجسر قريب من مدينة شرم الشيخ؟ وهل سيكون له تأثير على الوضع السياحي داخل المدينة؟ راعيت خلال تصميمات الجسر وضعه بعيدا عن مدينة شرم الشيخ بنحو 50 كيلومترا، وسينزل على الدائري، وممتد 10 كيلومترات داخل سيناء، ويمتد جسم الجسر على خليج العقبة بنحو 10 كيلومترات، وبذلك يكون بعيداً عن شرم الشيخ، وتربطه بشبكة الطرق، ما يؤدي لتنمية هذه المنطقة، لاسيما أنه في المسافة من شرم الشيخ حتى دهب لا توجد تنمية، وخلال 10 سنوات ستصبح سيناء مثل الدلتا، إضافة إلى إنشاء جامعة الطور التي تم توقيع اتفاقيتها خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى مصر. ما هي الفوائد الاقتصادية التي تعود على البلدين بعد تنفيذ الجسر؟ يشكل الجسر رابطاً اقتصادياً قوياً بين دول المشرق والمغرب العربي، ويؤدي لزيادة فرص الاستثمار الخليجي بشكل عام في مصر، وفرص التبادل التجاري بين الدول العربية، إضافة لتشجيع الدول الخليجية على إقامة صناعات مختلفة على الأراضي المصرية، لتوافر الأيدي العاملة الرخيصة، وإعادة نقل المنتج إلى الدول الخليجية، أو تصديرها إلى الدول الأفريقية، وتسهيل نقل الحجاج المصريين والعرب من دول المغرب العربي إلى الأراضي السعودية، إضافة إلى إنشاء مناطق جذب للإعمار على مسار الجسر وخلق تجمعات سكنية في هذه المناطق. تحالف مشترك ما هو الشكل الأمثل لتنفيذ مشروع الجسر من وجهة نظرك؟ أرى أن الشكل الأمثل لتنفيذ المشروع يتمثل في تكوين تحالف مشترك منذ البداية، لأن هذا العمل مشترك وباتفاق بين قيادتين سياسيتين هما خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ولابد أن يتم هذا العمل بصورة مشتركة من الجانبين على أعلى مستوى من الدولتين، ويمكن تشكيل لجنة فنية للبدء في الإعداد لهذا المشروع لإدارته والإشراف على تشغيله في المستقبل، وتحديد ما إذا كان سيتم تنفيذه بتمويل كامل من الدولتين الشقيقتين، أم من خلال نظام BOT، ويمنح ذلك المستثمر الرئيس أو مجموعة المستثمرين، حق إدارة المشروع. هل الأفضل للمشروع أن تعمل الدولتان على إنشائه وإدارته أم يتم بنظام حق الانتفاع؟ بالطبع لو أن الدولتين قامتا بإنشائه وإدارته سيكون الأفضل، مع تشكيل اللجنة الفنية المتخصصة، وطرح المشروع على استشاريين عالميين متخصصين في تصميم الجسور ذات الأطوال الكبيرة. ما هي الدول التي لديها خبرة في إنشاء هذا النوع من الجسور؟ تعد اليابان وأمريكا من أكثر الدول التي لها خبرة واسعة في هذا المجال، وسبق أن ساهمت اليابان في تنفيذ جسر السلام في مصر، بقرض قيمته 600 مليون دولار. لماذا تأخر إنشاء هذا المشروع بين البلدين حتى الآن؟ عندما تم طرح فكرة المشروع في الماضي، كان يلزمها التنسيق والإعداد الجيد بين القيادتين السياسيتين في البلدين، كما أن مصر مرت بظروف مختلفة منذ فترة حرب 1967 حتى ثورة 2011 وهذه الحقب شهدت تقلبات سياسية عدة. حسب دراستكم، تم تحديد ثلاثة مسارات للجسر.. كيف تم تحديدها؟ بالطبع تمت الاستفادة من جزيرة تيران، في وضع المسارات المناسبة لجسم الجسر، بهدف تقريب المسافة بين جنوبسيناء، وشمال تبوك، كما أن جزيرتي تيران وصنافير ساعدتا في تقليل مسافة الجسر، وعندما تم الاتفاق بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، على إنشاء المشروع بدأت أدرس المسارات، لتحديد المسارات المثلى، ووضعت في اعتباري مجموعة من المعايير، منها: وجود خط سكة حديد على الجسر، لأن المملكة بدأت في إنشاء شبكة قطارات فائقة السرعة، وهذا يمثل حلماً بالنسبة لنا، ونسير في تنفيذه. ماذا عن ارتفاع الجسر؟ سيكون ارتفاعه 75 مترا، ونسعى للاستفادة من ال5 أمتار في تمرير أنابيب الماء والغاز والكهرباء، لزيادة وتقوية شبكة اتصالات الربط بين مصر ودول الخليج، كل هذا سيحقق عوائد على الهيئة المشتركة السعودية المصرية التي ستدير هذا المشروع بعد تشغيله، ويمكن أن يسترد تكلفة إنشائه في أقل من 10 سنوات من خلال عوائد البترول والغاز والكهرباء ورسوم عبور الشاحنات والركاب والقطارات.