كل من يحمل قلماً أو مرساماً يكتب به ما يشاء، لكن الأهم من ذلك القدرة على الإبداع فيما يكتب ومدى تقبل القراء لذلك. أخي الأستاذ محمد علي قدس عمل في الوظائف الحكومية، ولكنه أعطى قلبه وفكره فرصة العمل المبدع. فمن خلال النوادي الأدبية التي عمل بها سنوات طويلة، ومشاركاته في الندوات الأدبية ومداخلاته للأحاديث في المجالسات والجلسات الأدبية. كل ذلك مع القراءة لكل ما يصدره الأدباء العرب قد جعل منه صاحب قدرة على سبك الحرف الأنيق. وفي كتاب بعنوان: «في أروقة الثقافة» وقد اشتمل الكتاب على مسيرة من أهل الفكر والثقافة. وفي الفصل الأول وهو بعنوان: «رحلة عشق القراءة وسحر الكتابة» يقول الأستاذ محمد علي قدس: «لطالما وقفت أمام مشاهد أتأملها طويلا وأرسلت فيها خيالي، أبحث لها عن تفسير على نحو أتخيله، وأستمتع في خيالاتي بواقع أعيشه أو أتمنى العيش فيه كما أشاء، وما أكثر الشخصيات التي تأثرت بها، منها ما كرهته ونفرت منه، ومنها ما كان قريباً ومحبباً إلى نفسي، تعمقت في ملامح تلك الشخصيات، وصنعت لها أقنعة، وجدت في صفاتها وما يكتنفها من أسرار واكتشفت فيها ما لم يكتشفه سواي، لا أدري سر ذلك الاهتمام وأنا في تلك السن المبكرة، لم أدرك سر ذلك الاهتمام وما كنت أفكر فيه، لكني عرفت سر ذلك بعد أن طال تفكيري .. في كل المسائل كنت أختزن في داخلي أسئلة كثيرة، اجتهدت في الإجابة على بعضها، واستعصت الإجابة على أكثرها، لكني في النهاية وجدت ضالتي .. ومضيت خلف ما كانت نفسي تريد». ثم يمضي في الحديث عن الثقافة ودورها في الحياة إلى أن يقول: «كنت وما أزال على يقين أن الكتابة الإبداعية في تجليات السرد تعد عملاً انقلابيا، مادام المبدع يتطلع لنص يدهش القارئ ويستفز النقد، والنظرة إلى الفن أو الأدب في كل زمان ومكان. كانت القصة القصيرة في الثمانينات الميلادية تعيش أزهى عصورها، وكان لها فضل انتعاش الحركة النقدية، فالنص القصصي القصير يخضع لموازين ومقاييس نقدية تحدد أبعاده الجمالية، وهذه الموازين مكنت النقاد من قراءة النصوص والوصول إلى دلالاتها، جيل القصة الذين كانوا رواد هذه المرحلة انصرف بعضهم متقاعدا عن كتابة نصوص جديدة، وتكاسل البعض أو ابتعد لانحسار الضوء عنهم، وانساق الغالبية نحو الرواية وسرقتهم أضواء بريقها، وعزاؤنا أنهم يسجلون نجاحهم في سرد آخر. السطر الأخير : ما عاتب المرء اللبيب كنفسه والمرء يصلحه الجليس الصالح