مشعل العبدلي قاص سعودي ومن اعضاء جماعة السرد في نادي الرياض الأدبي ويعمل في مجال التحرير الثقافي في صحيفة الحياة كان ل (الرياض) الحوار التالي مع العبدلي في مناسبة صدور مجموعته القصصية الاولى: @ بين عنوان مجموعتك (رسام الحي) وبين مقدمتها تضاد تتضح به فكرة الهدم التي تنقض بها الأجيال الجديدة أجيالها السالفة فكريا في صور من العصيان المتمرد على طاعة الخضوع لما ليس (أنا) وقد يكون (الآخر) وهذه الفكرة العالقة باستمرار طغت على جيلك وقصصك وأنت واحد من هؤلاء بماذا تفسر هذا الحضور القوي للذات المفكرة الذي لم يتضح في سابق جيلكم؟ - حقيقة لم أفكر في ذلك الاختيار أن أقدم فكرة ما كهدم أو نقض أجيال سابقة. كل ما في الأمر أنه عنوان يخص إحدى قصص المجموعة وأخترته لأنه يحيل إلى فكرة الرسم - الكتابة، حيث أن القاص ما هو إلا رسام بشكل مل ينقل واقعه على هيئة قصص. ورغم أن كثيرين وصفوه بالتقليدي إلا أنه راقني فأخترته. أما الذات المفكرة وحضورها في قصصي فتعود إلى أني أفكر دائما وأحلل ما يعترضني من مواقف وشخوص في منصة تفكيري، ولا أملك سوى كتابة القصص كنتاج لها التفكير، أتقمص أدوارا وأتغلغل في نفوس وهذا اعمال للفكر، ولا علاقة لهذا بهدم ونقض أجيال سابقة، أو التمرد عليها. فكل جيل له أدواته وطبيعته وظروفه، وبالتالي يكون شخصيته المستقله. أنا أمثل نفسي لا أكثر، وغيرمتمرد إلا عليها لأن التمرد هو مراجعة وسؤال وتفكير. @ (هأنذا): السرد في سيرة الإبداع - إبداع السيرة، التي يمكن أن تكون وتعتبر وتعبر عن صور ولقطات مرصودة لحياة القاص من ذات القاص وبإيجاز... ويمكن لها أن تعبر عن رؤيتك للمرأة وتأثيرها أيضا. هذا يدعوني إلى السؤال عن السيرة واختلاف نموذجها الآن. كيف تراك وانت تكتب عبثا مبتورا لسيرتك هنا؟. - اختلطت قصصي بكثير من السير التي تخصني وتخص غيري ورؤيتي لهذا الخلط نابع من قناعتي أن القاص لا بد له أن يتقاطع مع أحداثه وتاريخه وما يمر به وبمحيطه فيعيد توظيفها أو ينقلها كما هي. إن نقلها كما هي فهذا سرد سيري كما يطلقون عليه، وهذا ما لم أقم به حرفيا، فقط أعدت تشكيل وتوظيف بعض مما علق في ذاكرتي في سياقات أخرى لأخدم فكرة ما أو لأوصل رسالة ما أو لأجل الفن الخالص. ونص (هانذا) كان نصا قصصيا قصيرا جدا ضمن مجموعة القصص القصيرة جدا في آخر المجموعة، وجئت به لمقدمة الكتاب لأني فيه شكل من تقديم النفس للقراء. أحببت أن أقدم نفسي بطريقة نص قصصي قصير وحسب. @ ما الفرق في نظرك بين مدرستين اجتماعيتين هما المرأة والرجل فصل بين صورتيهما في الذهنية الاجتماعية وشوهت إحداهما على حساب الاخرى؟ وهل مشروعك القصصي جزء من علامة تصويب وإنصاف في حق المرأة أم ماذا؟ - من الفخر لي لو أعتبرتي أن كتابتي ستساهم في تصويب هذه الذهنية الاجتماعية المشوهة.أما حضور المرأة في كتاباتي فيعود لكونها جزء من طبيعة المحيط الذي أتعاطى معه، لم أفكر في تصويب فكرة ما. فقط كنت ناقلا أمينا لما أراه للمرأة أو حتى للرجل وقد أطرح أسئلة وأكتفي. حضورها لم يتعدى أطرها التقليدية جدة وأما وزوجة وحبيبة أو حتى حلما لا يجىء. لا فرق لدي في صورة المرأة وصورة الرجل ضمن إطاراتها الأخلاقية كلاهما كائن ولكل منهما طبيعته وتشكلاته وفصلهما في الذهنية الإجتماعية قريب عهد ساهمت ظروف ما فيه. المرأة لدينا مختطفة سواء من الذين يريدون لها صورة نمطية وكائنا من درجة ثانية أو من الذين يتاجرون بقضيتها. الشكل الأخلاقي الذي يلعب فيه الدين دورالمحور هو الحل في نظري، لكن تبقى مشكلتنا فيمن له يحق تفسير هذا الشكل أو غيره بصورته المثلى بين الفريقين. @ ما العلاقة بين المقدمة السطرية التي تذيل بها عناوين نصوصك القصصصية..وبين نصك كرؤية كاملة متكاملة؟ هل يمكننا ان نعد تلك المقدمة إيجازفكرة..أوإضافة او تمهيد..أو إيحاء.. او تقليد لنصوص رائدة سبقتك إلى هذا المجال الابداعي.. ام ماذا برأيك.ماذا تريد أن تقول او تكتب في عبارة تتوسط بين عنوانك ونصك القصصي؟. - كل ما قلتيه صحيح. فالمقدمات بعد عناوين القصص لدي تأخذ شكلين: إما أنها اهداء يلعب دورا في النص من ناحية دور المهدى له أو علاقة الكاتب به، وإما تكون حكمة أو تمهيد أو تلخص فكرة في النص بهدف جذب وشد القارئ. وهو عموما تجريب أخذته من غيري قد يروق للبعض ولا يعجب البعض الآخر. بغض النظر عن اعتبار إضافة عنصر ثالث غير العنوان ومحتوى النص تجديد أم لا، يخدم النص أم لا، يظل هذا الأمر يعتمد على الإجابة على سؤال: هل ساهمت هذه الإضافة في وصول النص جميلا ومعبرا أم لا. @ قلما تحضر الإهداءات في النصوص القصصية كماهي حاضرة في الشعر وحضرت في بعض قصصك، أيمكن اعتبار هذا النموذج إيحاء ما للمتلقي يمكن وصفه بسيرة واقعية للنص القصصي.. حيث تم ربطه بأسماء لها حضورها الرمزي؟ او أن المسألة مجرد إهداء لااكثر؟. كيف ترى الأمر؟ - الإهداء يأخذ بعدا آخر في النصوص. هو يوثقها بشكل ما. وهذا يثبت أن سير واقعية بشكل ما أيضا. أحيانا أحب بطل قصة ما، أحبه لأني عشته وتفاعلت معه فأهديه القصة كما حصل مع المزركش كما أهديت القصة لمجموعة الأصدقاء الذين تعاطيت معهم يوما حكايته. هذا نوع من العرفان. فعلت هذا أيضا للأب ولأم العيال وللتي لم تعد تحلم في قصص أخرى. @ يلاحظ على قصصك توثيقها لاقتباساتها وهذا نادرا مايكون أن يشار إليه مرجعيا داخل النص الإبداعي..إلام ترمي وأنت تشير إلى المبدعين الذين استعرتهم وأسماء أعمالهم التي استعرت منها: هل كان الهدف اعتراف بالمبدع ام أنها أمانة إبداعية لا أكثر؟ أم لذلك الأمر إحالاته الأخرى بالنسبة إليك؟ - ليس لهذا دخل في الأمانة الإبداعية، وهذا لا يعني أني غير مؤمن بها. كل ما في الأمر أن هذه الاقتباسات جاءت لخدمة النصوص وموظفة فيها بشكل أو بآخر وكان لا بد من الإشارة كون هذه الاقتباسات أشتهرت في النصوص التي أقتبست منها أو وظفتها في قصصي كمفهوم قصة رسام الحي القائم على الرسائل الغيبية التي استخدمها كويلهو في الخيميائي أو فتاة الكما يجب في نفس القصة وهي قصة لأميمة الخميس. إضافة للأمثال العالمية كما في قصتي وجدتك وكريستينا. @ قلما أو نادرا مايحضر ضمير الأنا (المتكلم) في قصصك، والمخاطب ك(أنت) مقارنة بحضور ضمير الغائب (هو - هي -هما - الهاء) ما تفسيرك لذلك وعلاقته باللاشعور إبداعيا؟ - الكتابة صراع داخلي ما هو بين مكبوت وما هو معلن، وفي كتابة القصص تختلف مستويات الروي والكتابة وأسبابها فمرة يرى القاص أن استخدام (الأنا) مناسب ويعطي صورة أقرب في السرد من المخاطب (أنت) وأحيانا يلجأ لضمائر الغائب (هو). ويعود قلة الأنا في قصصي لخشيتي من يساء فهم نصوصي على أنها سرد سيري أو ذاتي رغم أني أزعم أنه لا مفر من أن يتقاطع القاص خاصة مع حياته ومشاهداته وتجاربه وحتى أحداث يومه ويعيد توظيف ما يراه من كل ذلك في قالب قصصي، ورغم ذلك الأنا والأنت المخاطبة للذات موجوده في أكثر من نص لي مثل ذاكرة حية وأحلام العمة جعدة ورغبات لا ترحم وكريستينا، كما أن غالبية القصص القصيرة جدا أتكأت على هذه الأنا وأنا أرى أن كون اللاشعور أثناء السرد قائد للعربة فذلك يعطي القاص فرصة أن يتماهى مع بطل قصته وفي هذا صدق فني كبير وبعد عن الصنعة. @ لماذا فصلت في مجموعتك بين قصصك القصيرة جدا وقصصك الأخرى متوسطة الطول؟ ولماذا جمعت بين القصيرة جدا تحت عنوان مشترك هو (قصص قصيرة جدا) ثم وضعت لها عناوين فرعية داخل االصفحات دون فهرستها ضمن فهرس الكتاب؟ هل لذلك الأمرعلاقة بك ام أن الأمر تقني طباعي فقط؟ - ربما لطبيعتها اللاذعة والسريعة جاءت القصص القصيرة جدا مستقلة تحت تبويب واحد. وهو أمر درج عليه كثيرين في طباعة مجموعاتهم القصصية ثم أن العنوان في القصة القصيرة جدا يحمل قيمة كبيرة جدا فقد يحمل نصف معنى النص في أحيان كثيرة ولذلك فضلت أن تكون العناوين في سياق النص وليس في الفهرست وأكتفيت بتبويبها (قصص قصيرة جدا). @ باعتبارك من أعضاء جماعة السرد في النادي.. ماذا أضافت إليك هذه التجربة حتى الآن؟وماذا أخذت منك؟ - أضافت الكثير ولم تأخذ شيئا. حضور الجلسات بشكل مستمر وخلال أكثر من عامين والالتقاء بقاصين ومهتمين والمشاركة في قراءات نقدية وانطباعية إضافة لأمور التنسيق الأخرى للجماعة كلها أعطتني روحا جديدة وصدقيني أني بتّ أشعر أن هذه الجماعة كبيت آخر لي ولمجموعة الأصدقاء الذين بعثوها من مرقدها بعد شتات منتدى السرد. الأصدقاء الرائعين الذين كنا نلتقي مع بعضهم ولا زلنا مع آخرين لأجل هم واحد هو السرد ولم يكن أمر المكان مهما جدا سواء في خيمة النادي أو حتى في مقهى أو في مكتبة أحدنا، كان الأمر سيان. الجماعة أضافت لي خزينة وافرة من الأصدقاء والمعارف وأصدقاء السرد إضافة للخبرات كما ساعدتني في نزول إصداري الأول. @ كيف رأيت كتابك الأول بعد صدوره؟ وكيف يمكن تقدير تجربة نادي الرياض في هذا الشأن؟ وكيف تنظر إلى إخراجه؟ - أشير أولا لأنه ثمة عوامل تظافرت سويا لنشر الكتاب بدءً من إلحاح ورغبة أصدقاء ومتابعين لما أكتب إضافة لكون هذه الكتابات ظلت حبيسة أدراجي وصفحات النت فترة طويلة أما ما يخص أصداؤه فقد أسعدني تلقي القراء له في معرض الكتاب الأخير إضافة لآراء قراء ومتابعين وتلقيّ عدة قراءات للعمل ولعل هذا أضاف للثقة التي نمت قبل الصدور كون مؤسسة ثقافية بحجم ناد أدبي تبنت نشر كتابي. وحقيقة سعدت أكثر لتعدد الرؤى حول بعض القصص وتأويلها ما يعني أني نجحت ولو بشكل بسيط أن أستحث قارئي ليفكر. وبالنسبة لتجربة الإصدار الأول فأعتقد أنها تجربة فريدة يجب أن تستمر وتعمم في الأندية الأخرى وهي فكرة تخدم الكتاب الشباب بشكل كبير وأرى أن نجاحها يعود بعد جهود عرابها نائب رئيس النادي الدكتور عبدالله الوشمي كونها تمثل أخذا بيد المبدع الشاب ليسلك طريق الكتابة كما أنها أثبتت إمكانية التعاون بين ما هو فعل ثقافي خاص ممثل في رعاية السلسلة من ثلوثية المشوح وبين ما هو فعل ثقافي رسمي ممثلا بنادي الرياض الأدبي الذي سعى لتفعيل الفكرة وطباعة السلسلة بشكل فني لافت. @ تعمل في الصحافة الثقافية مامدى تأثير عملك الثقافي الصحافي على عملك الإبداعي إيجابا وسلبا؟ وهل ترى أن التجربة الصحافية ضرورية للمبدع أو العكس؟ ولماذا؟ - من الصعب أن نحدد التأثير سلبا أو إيجابا فكما تضررت من الانشغال بالعمل الصحفي الثقافي اليومي كوني أبتعدت نوعا ما عن الكتابة الإبداعية أو قلت عن السابق إلا أن هناك فوائد كثيرة أكسبتني إياها الصحافة من ناحية دربة القراءة اليومية والمتابعة لكل ما يستجد ولقاء كثير من الأسماء المبدعة. الأمر يعود لقدرة المبدع على الموازنة بين عمله الصحافي وحالته الإبداعية فلا يطغى عمله ليحجب كتاباته وكما أن عمله وقربه من الوسط الثقافي من خلال الصحافة يحثّه أكثر لينجز ويبدع. أنا حقيقة لم أستطع حتى الآن أن أوفق في هذا بدليل أن أصدقاء يلومونني دوما على قلة النتاج الإبداعي وأتمنى أن أوفق.