جدة – عبدالعزيز الخزام ابن القرية يستطيع الكتابة عن المدينة والعكس لا يحدث إلا نادراً أصدر القاص عبدالله ساعد المالكي مؤخرا مجموعته القصصية الأولى «شيئا من تقاسيم وجهها»، ويقدم فيها فضاءات القرية والمدينة في آن واحد. ويعد المالكي واحدا من جيل التسعينيات لكنه لم يأخذ المكانة اللائقة به كصوت إبداعي متفرد وهو يجهز الآن لإصدار مجموعتين قصصيتين جديدتين، بالإضافة إلى إصدار ثالث يتناول فيه التراث ويحمل عنوان «ذاكرة السراة». «الشرق» التقت المالكي وحاورته في إصداره الجديد وعديد من القضايا الأدبية المختلفة: ما بين القرية والمدينة * الذي يقرأ مجموعتك الجميلة «شيئا من تقاسيم وجهها» تتوزعه فضاءات القرية والمدينة، وربما يتساءل: لمن يكتب عبدالله ساعد المالكي؟ للقرية أم للمدينة؟ بماذا تجيب على هذا التساؤل؟ - لهما معا. فأنا إنسان المدينة الذي أنجبته القرية وارتحل عنها ذات مساء وبقيت في أعماقه وشماً لا يزول. كلا الفضاءين حرضاني على فعل الكتابة. وما بين المدينة والقرية يشتعل الحنين فأطفئ لهيبه بالحبر. وأنا أرى أنه بإمكان ابن القرية أن يكتب عن المدينة والعكس لا يحدث إلا نادرا. والبون لم يعد شاسعا كالذي مضى. * في نصوص المجموعة لا نجد الأشياء تكتمل ويلفت النظر وجود كثير من الفراغات التي يجب أن تكتمل. وربما قدم لنا الكاتب عمرو العامري الإجابة بأن القاص أبقى الفراغات لكي نملأها نحن. لكن أنت بماذا تجيب قارئك؟ - قراءة الأديب عمرو العامري أعتز بها وأسعدتني كما أعتز بقراءات سبقتها لأستاذي الدكتور يوسف العارف في الأربعاء، وعبدالله محمد العقيلي في عكاظ، وقراءات سبقت لبعض نصوص المجموعة لأستاذي الأديب حسن النعمي والناقدة المبدعة أمل القثامي. لكل ناقد أدواته ورؤيته. هناك نصوص لا تحفل بأي رمز وأخرى لا تستقيم بدونه، وفي الحالتين أنا أحترم ذكاء المتلقي وحذاقة تأويله، وربما يلتقي معي في ماهية التأويل وقد لا نلتقي. وجمال بعض القصص وميزتها خاصة تلك التي تحفل بالرمز في أن كل قارئ يسقطها على من يرى من حوله مانحا إياها تفسيره الذي يرتضيه وتدله عليه تجاربه وقناعاته. لم يلتفت لي أحد * من خلال هذه التجربة، كيف تقاطعت مع التجارب القصصية التي تخصصت في الكتابة عن فضاءات القرية؟ -النص القروي كما يسميه الدكتور يوسف العارف الذي نسب مجموعتي إليه ينبع من فضاء ثري واسع وعميق يتقاطع في السمات ويتباعد في المكونات للمادة والحدث وبراعة السرد والأخذ بناصية اللغة. ويبقى لكل مكان روحه وتقاليده وأصالته وأسراره التي يبوح بها لعاشقه. * طرحت مجموعتك القصصية اسمك بوصفه صوتا إبداعيا متفردا وذا تجربة أدبية لافتة.. فلماذا نجد صوتك متواريا داخل الساحة الثقافية؟ بخلاف هذا الإصدار لا نجدك متفاعلا مع الساحة؟ - خالص شكري لإطرائك الجميل أولاً، والأسباب عديدة ومتنوعة؛ على صعيد القصة القصيرة كنت دائما هناك ولكن لم يلتفت لي أحد. وأعني هنا فعل المشاركة في الأمسيات والفعاليات ولم أحظَ سوى بمشاركة في أمسية واحدة عام 2006م تَكرَّم ودعاني إليها نادي جدة الأدبي إلى جانب الأديب محمد علي قدس. وقامت بالقراءة النقدية للقصص الناقدة أمل القثامي، علما بأنني من جيل التسعينيات ونشرت أولى قصصي عام 1995 وعام 1997 في جريدة عكاظ، وحظيت تلك القصص بقراءات نقدية منها قراءة للناقد أستاذ الأدب الحديث الدكتور حسن النعمي وقراءة للأديب الراحل عبدالعزيز مشري -رحمه الله-. وكتب عني مرارا الأستاذ الكبير الراحل عبدالله جفري -رحمه الله-. كما نشرت إنتاجي في بعض المجلات المحلية والخليجية تباعا. أما على صعيد الرأي الثقافي والمقالة. فقد مارست التحرير الصحفي وكتابة المقالة وتوقفت؛ لأنني مجامل عريق ولا أحب أن أستفز أحدا. ولأنني اكتشفت وبالتجربة أن الخلاف عند البعض «لا يفسد الود» وحسب، بل يزلزله وينسف جسوره ويحيله إلى هباء منثور. كما أنك تحتاج إلى أن يكون لك علاقات شخصية ومعارف مسبقة لكي تُستقبل نصوصك كما يجب. وهذا الجانب في شخصيتي مندثر وغير فاعل. حوَّلوا تويتر إلى «توتر» * كيف ترى تفاعل المبدع مع الشبكات الاجتماعية على النت؟ أنت شخصيا كيف تنظر إلى الدور الذي يجب عليك كمبدع النهوض به في هذه الشبكات مثل الفيسبوك وتويتر من أجل إيصال رسالتك الثقافية؟ - أرى بأنه إيجابي وفاعل وموجود وخاصة على الفيسبوك من ذلك «نادي القصة السعودي» الذي أسسه الأديب الرائع خالد اليوسف. وبدأت أشارك بتشجيع منه من خلال طرح بعض النصوص قديمة وحديثة. وقد أعجبني جدا التفاعل المباشر لأساتذة كبار في النقد والأدب عموما. وهناك أيضا على الشبكة موقع «القصة العربية» بإشراف جبير المليحان. أما تويتر فليس لي به وجود البتة. ولا أحبه خصوصا بعد أن حوله البعض إلى «توتر» ولأن فيه ارتجال كثير والعرب تقول الارتجال مزالق الرجال. * كيف تقيم الحراك الثقافي في الساحة المحلية؟ وما هو مشروعك القادم؟ - على صعيد التأليف والنشر وبعيدا عما هو غث وما هو سمين أعتقد بأن الحراك الثقافي عندنا بخير ويحظى بآفاق واسعة من الحرية لم تكن مسبوقة، وليس أدل على ذلك مما تراه في المكتبات شهريا من إصدارات قصصية ورواية. والأرقام التي يتحدث عنها الراصد خالد اليوسف خير شاهد. وبالنسبة لمشاريعي القادمة، فإن شاء الله لدي مجموعتان قصصيتان معدتان للطباعة، وأنوي أن أتقدم بهما للأندية الأدبية، وكتاب عن التراث بعنوان «ذاكرة السراة». غلاف مجموعة عبدالله ساعد