تثير تفجيرات الساحل السوري التي ضربت إحدى أكبر قلاع نظام بشار الأسد العديد من علامات الاستفهامات على المستويين الأمني والعسكري. فالتفجيرات المباغتة التي خلفت نحو 154 قتيلا وأكثر من 300 جريح وتبناها تنظيم «داعش» تحمل -حسب مراقبين سياسيين- أصابع النظام وحلفاءه من الميليشيات الإيرانية والعراقية و «حزب الله»الإرهابي، ويؤكد هؤلاء أن محافظتي اللاذقية وطرطوس الساحليتين ذات الغالبية العلوية بقيتا بمنأى عن الحرب الدامية التي تشهدها سورية منذ مارس 2011، وتسببت بمقتل أكثر من 270 ألف شخص. وتفيد معلومات المرصد السوري أن وجود الفصائل المقاتلة والإسلامية يقتصر في اللاذقية على ريفها الشمالي. وإذا كان من رابع المستحيلات كما يقولون إدخال متفجرات إلى «جبلة» حسب ما يؤكد محلل سوري، فكيف تضرب سبعة تفجيرات متزامنة بينها تفجير انتحاري وآخر بسيارة مفخخة جبلة التي يطلقون عليها «بيت الأسد» وبتعبير آخر «غرفة نومه»، وهي عبارة عن ثكنة عسكرية تطوقها قوات النظام السوري من كل ناحية وتخضع لإجراءات أمنية أقل ما توصف به أنها متشددة، إذ ينتشر فيها رجال الأمن بشكل غير مسبوق، خصوصا وبعد التورط العسكري الروسي المباشر في الحرب وتمركز قواته في قاعدة «حميميم»التي لاتبعد عن «جبلة» سوى بضعة كيلومترات قليلة. ويتساءل المراقبون لماذا تتزامن التفجيرات دائما كلما بات نظام الأسد محشورا في زاوية ضيقة، ومع كل حديث عن تثبيت لوقف إطلاق النار أو مع كل همس روسي ولو على خجل بكف يده عن القصف والقتل والتدمير؟. إن التساؤلات التي تطرحها هذه التفجيرات غير المسبوقة تتزايد يوما بعد يوم ومنها: كيف دخلت هذه الكميات من المتفجرات، ومن الذي يملك إدخالها إلى منطقة تخضع للتفتيش الدقيق طوال اليوم وعلى مدار الساعة من قبل ما يسمى «قوات الدفاع الوطني» التي تروع المدنيين وتراقبهم. وإذا كانت هناك أدلة ووثائق تؤكد وجود تعاون فعال بين نظام الأسد وداعش، وما جرى في «تدمر» يعد النموذج الأبرز على هذا التعاون، فلماذا تبنى التنظيم هذه التفجيرات؟ ، أم أن هذا التبني يجيء في إطار «لعبة توزيع الأدوار» بين نظام بشار وتنظيم داعش؟. لكن بعض التحليلات تطرح سيناريو «الاختراق» بمعنى وجود عملاء داخل النظام يعملون لصالح جماعات أخرى، وهو ما ساعد في إدخال المتفجرات وتنفيذ العملية، وقد سبق للنظام نفسه أن كشف عن عملاء في جيشه يقومون بإيصال السلاح والمتفجرات إلى أي جهة. اللافت والمؤكد أن هكذا تفجيرات في هكذا منطقة ليس وراءها إلا هدف واحد هو إجهاض أي مسعى للتهدئة أو أية محاولة للعودة إلى طاولة مفاوضات جنيف.