ما تداول البعض أخيرا بشأن جلد سيدة لتفتيشها جوال زوجها غير صحيح أبدا تبعا للقاعدة المشهورة، لا جريمة و لا عقوبة إلا بنص صريح، ولا أعلم لماذا اتجه المحامي للحلقة الأضعف، وهي المرأة التي تحميها كافة التشريعات في المملكة، فضلا عن أنها وقعت وصادقت اتفاقية سيداو لمكافحة أشكال التمييز ضد المرأة. إن مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني صريح هو من المبادئ السامية في جميع التشريعات العالمية الجزائية، وعملت به غالبية دول العالم ورسخته في قوانينها الجنائية. هذا المبدأ يشكل ركنا ركينا وأساسيا للحرية الشخصية، لأن الأصل في الأفعال هو إباحة التصرفات بشكل مطلق بحيث لا تخالف النظام العام والعرف المحلي، وهذا المبدأ يعتبر قاعدة أساسية لأي نظام قانوني، ويستثنى من القاعدة الأصل هو تجريم تلك الأفعال التي تمس حرية الأشخاص وأموالهم وكينونة المجتمع. هذا المبدأ يجسد روح العدل في مملكتنا، حيث يبين للأفراد سواء مواطنين أو مقيمين حدود حريتهم ونوع العقوبة على مخالفة تلك الحرية، كما حدد المشرع السعودي العقوبة المناسبة لكل فعل أو امتناع لفعل مخالف لنص القانون، حيث إنه لكل جريمة عقاب ولا عقاب بدون نص صريح، وتجريم الأفعال دون نص هو تعد على الحرية الشخصية التي كفلها النظام العام في المملكة وتجاوز على عمل السلطة التشريعية، إذ لا تستطيع جهة تنفيذية توجيه الاتهام لأي شخص بدون الاستناد إلى قانون يجرم هذا الفعل، لأنه على المشرع السعودي أن يبين باسم المجتمع الذي يمثله ما هي التصرفات المعاقب عليها التي تشكل ضررا على النظام العام. كما أن مفهوم حرمة السكن والأمتعة التي يحملها الشخص والخصوصية إجمالا ينصرف إلى الجوال عامة ولكن بشكل خاص لا ينصرف في حالة الزوجة، حيث إنه لا يتصور وجود خصوصية بين زوجين يجمع بينهما رباط مقدس، وحتى لو فرضنا أن الزوجة دخلت دخولا غير مشروع لجوال الزوج حسب المادة الثالثة من نظام الجرائم المعلوماتية الفقرة الثانية فإنها تستطيع الدخول غير المشروع إذا لم تهدده أو تبتزه للقيام بفعل أو الامتناع عنه لذا تستطيع الزوجة أن تفتش جوال زوجها حتى يصدر المشرع السعودي نصا يجرم ذلك التصرف. أصيل الجعي أستاذ القانون الجنائي بمعهد الإدارة العامة بالرياض و الباحث بالجرائم المعلوماتية