إن مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص هو من المبادىء الأساسية للنظام الجزائي (القانوني الجنائي) في العالم الحديث. ويعني هذا المبدأ حصر مادة التجريم والعقاب في نصوص نظامية (قانونية) تتحدد بمقتضاها الأعمال التي تعتبر جرائم، وبيان تلك الجرائم، وتحديد العقوبات المقررة لها، من حيث النوع والمقدار، بحيث يستطيع الأفراد معرفة الأفعال المحظورة عليهم إتيانها، والمعاقب عليها مسبقا، ليواجهوا سلوكهم الوجهة المشروعة ويتحاشوا الوقوع فيما هو محظور عليهم . ولم يظهر هذا المبدأ إلا في الوقت الذي تحددت فيه سلطات الدولة، وظهر مبدأ الفصل بين السلطات وهو الذي يعطي للسلطة التشريعية وحدها تجريم الافعال وحصرها في نصوص نظامية (قانونية) مع بيان ما يقابلها من عقوبات وتتولى السلطة القضائية تطبيق تلك النصوص، ولا يجوز للسلطة القضائية تجريم الأفعال من تلقاء نفسها، لأن ذلك معناه إعطاء جهة القضاء سلطة التشريع وهو أمر لا يستقيم مع النظام الدستوري ومبادىء العدالة. إن أهمية مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص تكمن في أنه ضمان لحقوق وحريات الأفراد، فمن يأتي فعلا لم يجرمه النظام (القانون) هو طبقا لهذا المبدأ في مأمن من المسؤولية الجنائية، وليس بمقدور السلطان العامة بعد ذلك أن تلومه ن فعل وقع منه، وبذلك يضع هذا المبدأ للأفراد حدوداً واضحة لتجريم الأفعال والعقاب . وقد حرصت الدساتير والتشريعات الوضعية الحديثة وإعلانات حقوق الإنسان بالنص صراحة على هذا المبدأ ، باعتباره من الضمانات الأساسية لحريات الأفراد، وباعتباره كذلك قيد على سلطات الدولة المختلفة يحولها دون التعسف التحكم . وقد أكد النظام الأساسي للحكم بالمملكة العربية السعودية الصادر بالمرسوم الملكي رقم 1 / 90 وتاريخ 27/8/1412ه على هذا المبدأ في المادة الثامنة والثلاثين التي جاء نصها بأن : (العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على نص شرعي أو نص نظامي، ولا عقاب إلا على الأعمال اللاحقة للعمل بالنص النظامي). ونجد أيضا أن نظام الإجراءات الجزائية الصادر مؤخراً بالمرسوم الملكي رقم (م /39) وتاريخ 28 /7/1422ه قد قرر هذا المبدأ من خلال المادة الثالثة التي جاء نصها بأنه : (لا يجوز توقيع عقوبة جزائية على أي شخص إلا على أمر محظور ومعاقب عليه شرعا أو نظاما وبعد ثبوت إدانته بناء على حكم نهائي بعد محاكمة تجرى وفقا للوجه الشرعي). مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص في الشريعة الإسلامية كانت الشريعة الإسلامية هي أول نظام قرر مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، وكان للإسلام فضل السبق في تقريره منذ أكثر من أربعة عشر قرنا. ويستخلص تقرير الشريعة بهذا المبدأ من آيات القرآن الكريم ومن قواعدها الأساسية . ومن آيات القرآن الكريم قول تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً) الاسراء : 15. وقوله تعالى : ( وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا) القصص : 59. فهذه الآيات قاطعة في أنه لا تجريم إلا بعد بيان، ولا عقوبة إلا بعد إنذار ، وأن الله لا يأخذ الناس بعقاب إلا بعد أن يبين لهم وينذرهم على لسان رسله . ومن القواعد الأساسية في الشريعة الإسلامية أنه (لا حكم لأفعال العقلاء قبل ورود النص). وهناك قاعدة أساسية أخرى تقضي بان (الأصل في الأشياء والأفعال الإباحة) أي أن كل فعل او ترك مباح أصلا بالإباحة الأصلية، فما لم يرد بنص بتحريمه فلا مسؤولية على فاعله أو تاركه . والمعنى المستخلص من القاعدتين أن قواعد الشريعة تقضي بأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص . وقد طبقت الشريعة قاعدة (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص) تطبيقا دقيقا في جرائم الحدود وهي : الزنا، والقذف ، وشرب الخمر، والسرقة، والحرابة، والردة، والبغي، وهذه الجرائم معاقب عليها بحد. وجرائم الحدود محصورة في عددها إما بالنص القرآني، أو بالسنة الصحيحة. والعقوبات المقررة على ارتكاب هذه الجرائم هي عقوبات نصية لا يجوز التبديل فيها زيادة أو نقصاناً ولا يمكن تعديل نوعها، أو وقف تنفيذها لأي سبب من الأسباب . وقد طبقت الشريعة الإسلامية ذات القاعدة تطبيقا دقيقا في جرائم القصاص والدية أيضا . والمعلوم أن الجرائم التي يعاقب عليها بالقصاص هي : القتل العمد، وإتلاف الأطراف عمداً والجرح عمداً . والجرائم التي يعاقب عليها بالدية هي جرائم القصاص إذا عفي عنها أو إذا امتنع القصاص بسبب شرعي، كالقتل شبه العمد والقتل الخطأ وإتلاف الأطراف خطأ والجرح خطأ. وقد نصت الشريعة على جرائم القصاص والدية وعينت العقوبات تعييناً دقيقا، بحيث لم تترك للقاضي حرية الاختيار في العقوبة أو تقديرها. ويختلف مسلك الشريعة في تطبيق قاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص في جرائم التعزيز، عنه في جرائم الحدود والقصاص والدية. فلم تتقيد الشريعة بالحدود الضيقة التي قيدت بها تطبيق القاعدة في تلك الجرائم، وإنما توسعت في تطبيق القاعدة على جرائم التعزير إلى حد ما، لأن المصلحة العامة وطبيعة التعزير تقتضي هذا التوسع . ويقصد بجرائم التعزير ، تلك الأفعال التي لم ينص التشريع الإسلامي في شأنها على عقوبة معينة بحد أو قصاص مع ثبوت النهي عنها، وترك لولي الأمر تقدير عقوبتها وفقا لظروف الزمان والمكان، وكذلك يدخل في جرائم التعزير، جرائم الحدود والقصاص التي لم تكتمل شروطها والجرائم التي تنشأ عن ترك الواجبات والأفعال التي لم يرد أو ينص المشرع الإسلامي في شأنها على عقوبة معينة بحد أو قصاص مع ثبوت النهي عنها هي كثيرة ومتنوعة مثل: خيانة الأمانة، وغش المكاييل والموازيين، وشهادة الزور، والسب، ودخول المساكن بغير حق، والتجسس، ولعب الميسر (القمار) وغيرها . وكذلك تدخل في جرائم التعزير، جرائم الحدود والقصاص التي لم تكتمل شروطها مثل السرقة من غير حرز، وسرقة مادون النصاب، والشروع في الزنا، أو حالة ما إذا وجدت شبهه في أي حد من حدود ، فلا يقع الحد في هذه الحالات وإنما تقرر عقوبة تعزيرية وتعتبر جميع تلك الأفعال من المعاصي وهي مبنية بيانا لا خفاء فيه ضمن قواعد الشريعة الإسلامية. وبمراجعة الأحكام الشرعية نجد أن لكل معصية نصا صريحاً يجرمها. فكل إنسان يستطيع معرفة تلك المعاصي لو راجع نصوص القرآن الكريم والسنة الشريفة . وإذا كانت القاعدة العامة في الشريعة أن التعزير لا يكون إلا في معصية، أي في فعل محرم لذاته منصوص على تحريمه، إلا أن الشريعة تجيز استثناء تلك القاعدة بحيث يكون التعزيز في غير معصية أي فيما لم ينص على تحريمه لذاته إذا اقتضت المصلحة العامة التعزير. والافعال والحالات التي تدخل تحت هذا الاستثناء لا يمكن تعيينها ولا حصرها مقدما، لانها ليس محرمة لذاتها، وانما تحرم بوصفها فان توافر فيها الوصف فهي محرمة، وإن تخلف عنها الوصف فهي مباحة. والوصف الذي جعل علة للعقاب هو الإضرار بالمصلحة العامة أو النظام العام، وتقدير هذا الوصف متروك أمره لولي الأمر. وقد تركت الشريعة لولي الأمر أو السلطة القائمة على التنظيم (التقنين) بيان جرائم التعزير والعقوبات المقررة لها، على أن يتم ذلك في إطار الأحكام العامة للشريعة الإسلامية والمقررة بواسطة الكتاب والسنة والإجماع، مع مراعاة أن سلطة ولي الأمر ليست مطلقة في تقريره للعقوبة، بل إنها مقيدة بقواعد العدالة التي هي أساس من أسس الشريعة. نخلص من كل ما تقدم بأن قاعدة " لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص" هي من القواعد الأساسية في الشريعة الإسلامية ولا يمكن إهمالها، وأجمعت الآراء على أن الشريعة عرفت هذا المبدأ منذ أكثر من أربعة عشر قرنا. القاضي الشرعي وتطبيقه المبدأ ومع وجود هذا المبدأ واستقراره في الشريعة، فإنه لا محل للقول : إن القاضي الشرعي له مطلق الحرية في التجريم والعقاب خارج دائرة جرائم الحدود والقصاص، إذ أن هذا القول يعد مصادمة للمبدأ المذكور. ووجود المبدأ يفرض على القاضي عدة قيود، إذ لا يجوز له أن ينشئ الجرائم ويقرر العقوبات طبقاً لمشيئته ولا أن يعتبر فعلاً ما معصية ما لم تعتبره الشريعة كذلك، ويعاقب عليها بعقوبة لم تقررها الشريعة، وإلا كان محرماً ما أحله الله، ومبيحاً ما حرمه الله وقائلاًُ على الله بغير علم. وكذلك يتوجب على القاضي مع وجود هذا المبدأ في الشريعة ألا يتوسع في تفسير النصوص الخاصة بالعقوبة سواء أكانت من القرآن أو الحديث، ذلك أن توسعه في تفسير هذه النصوص يؤدي في النهاية إلى التشريع وهو مالا يجوز في الأمور الجنائية ( الجزائية). ومن المعلوم أنه مع ازدهار الفقه الإسلامي قام بعض ولاة الأمر ( الحكام) بجدولة فتاوى العلماء وأهل الرأي لتقييد سلطة القضاة فيما يتعلق بجرائم التعزير، فوضعوا القواعد الخاصة بكافة الجرائم والشروط المتعلقة بها وبتطبيق أحكامها، وإن ترك للقاضي بعض السلطات التقديرية، فإنما كان ذلك فيما يتعلق بمقدار العقوبة وليس بعملية التجريم في ذاتها التي يجب أن يسبق تطبيقها إنذار، وأن تتفق مع المبادئ العامة المنصوص عليها في الشريعة. والواقع أننا في هذا العصر أحوج ما نكون إلى تقنين التعزير وتعيين العقوبات مقدماً لكل جريمة، ليعلم الأفراد جميعاً من مواطنين ووافدين الأفعال المجرمة والمعاقب عليها، ومقدار تلك العقوبة في حدودها القصوى والدنيا خاصة أنه يعيش الآن في بلادنا المملكة العربية السعودية جماعات جاءت من كل الأجناس والأديان ولا يستطيع هؤلاء معرفة الأفعال التي تضر بالمصلحة العامة التي تخالف النظام العام الإسلامي، إلا من خلال التشريعات ( الأنظمة) التي يعتبر وجودها رادعاً لمن سولت له نفسه ارتكاب جريمة ما، وضمانا ضروريا من ضمانات الدفاع. ويرى الدكتور عبد الفتاح مصطفى الصيفي أستاذ القانون الجنائي بجامعة الملك سعود سابقاً أنه يجب العدول في الوقت الحاضر عن تفويض التعزير إلى القاضي وذلك بتنظيم ( تقنين) التعزير وتعيين العقوبة أو العقوبات لكل جريمة مقدماً، وجعل تطبيقها وجوبياً على القاضي مع إعطائه بعض الحرية التي تساعده في أداء مهمته بسهولة ويسر، وذلك بأن يمنح القاضي سلطة تقديرية في تطبيق وتقدير العقوبة الواجب فرضها على الجاني بحيث يوضع حدان لكل عقوبة، ويختار القاضي القدر المناسب مع الفعل المرتكب والضرر الناتج عنه وشخص الجاني، أو تقرير أكثر من عقوبة للفعل الواحد وتكون للقاضي مهمة اختيار أحدهما حسبما يراه ملائماً ومنحه أيضاً صلاحية وقف العقوبة إذا توافرت شروط ما يحددها النظام. كل هذا كي يرتاح القاضي ويقنع بملاءمة العقوبة للحالة المعروضة أمامه. ويؤيد الدكتور عبد الفتاح رأيه بالآتي: 1: أن تنظيم ( تقنين) عقوبات التعزير من المصالح المرسلة. 2: إنه ليس في الشريعة ما يمنع من تقنين التعزير مادام التقنين لم يتعارض مع نص ولم يخالف حكماً من أحكام الشريعة الغراء. 3: إن القاضي في يومنا هذا ليس كالقاضي في صدر الإسلام، فلقد انقضى العهد الذي كان فيه القاضي مفتياً مجتهداً، والأمل في أن يعود هذا العهد قريباً بإذن الله. ويقول الدكتور رمضان عبد الستار أحمد أستاذ علم النفس بجامعة الكويت وهو يتحدث في أحد مواضيع علم النفس القضائي: إنه من الملاحظ عند تتبع الأحكام القضائية لعقوبات جرائم التعزير أن هناك فريقا من القضاة غالباً يميل إلى التشدد في أحكام جرائم التعزير وعلى العكس منه فإنه يوجد فريق آخر من القضاة يميل إلى التسامح والتخفيف في أحكام عقوبات جرائم التعزير كما قد يكون من الملاحظ، وأن كان ذلك نادراً وجود التفاوت في أحكام عقوبات التعزير للواقعة الواحدة، ويضيف : إن كل هذا يرجع إلى أن القضاة أولاً وأخيراً هم بشر تختلف صفاتهم وخبراتهم وسماتهم الخلقية والمزاجية وأنهم يتأثرون شأنهم شأن البشر جميعاً بالعوامل النفسية الإرادية منها واللاإرادية وبالظروف المحيطة بهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنما أنا بشر مثلكم تختصمون إلي ولعل بعضكم ألحن بحجته، فأقضي له على نحو ما أسمع منه فمن قضيت له بشيء من حق أخيه، فلا يأخذ منه شيئاً، فإنما أقطع له قطعة من نار". ويرى الدكتور رمضان أنه من الأفضل أن يسن ولي الأمر نظاما ( قانونا) تعزيريا لحماية الأموال والأخلاق والنظام على أن ترتب في هذا النظام ( القانون) العقوبات على حسب مقدار الاعتداء على المصالح المعتبرة في الإسلام لأن ذلك يساعد على وجود الانسجام النسبي بين أحكام القضاة وبالتالي فإن هذا يساعد على الحد من مشكلة تفاوت أحكام عقوبات جرائم التعزير وهذا أقرب للمساواة والمصلحة. وزيادة على ما تقدم فإن الأمور لم تعد بسيطة كما كانت عليه من قبل، وأن مصالح الناس قد زادت واتسعت وقضاياهم ومشاكلهم كثرت وتنوعت وتشعبت، والتنظيم ( التقنين) يساعد ويعين فضيلة القضاة يحفظهم الله على مواجهة ما يعرض لهم من مشكلات ويخفف عنهم الأعباء والضغوط النفسية الشديدة أثر تفويضهم في تقرير بعض عقوبات جرائم التعزير التي قد تؤدي إلى تأخر صدور بعض أحكام عقوبات جرائم التعزير. وأشير في هذا البحث إلى أن ولي الأمر بالمملكة العربية السعودية قد أصدر العديد من الأنظمة التي ضبطت جانباً ملحوظاً من جرائم التعزير الهامة وهي: 1: نظام منع الاتجار بالمواد المخدرة الصادر برقم 3318 وتاريخ 9/ 4/ 1353ه والعقوبات الملحقة به بشأن تهريب وتعاطي المواد المخدرة. 2: نظام منع بيع الأسلحة واقتنائها، الصادر بالموافقة السامية رقم 1/ 1/ 3 وتاريخ 13/ 7/ 1354ه. 3:نظام الجمارك ويعالج جرائم التهريب الجمركي, الصادر بالإدارة الملكية رقم 425 وتاريخ 5/ 3/ 1372ه 4: نظام مكافحة التزييف , الصادر بالمرسوم الملكي رقم 12 وتاريخ 20/7/ 1379ه . 5: نظام الأوراق التجارية ويعالج أحكام جرائم الشيك , الصادر بالمرسوم الملكي رقم 37 وتاريخ 11/ 10/ 1383ه. 6: نظام مكافحة الغش التجاري , الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/ 11 وتاريخ 29/ 5/ 1404ه 7: نظام وظائف مباشرة الأموال العامة , ويعالج أحكام جرائم اختلاس وتبديد الأموال العامة , الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/ 77 وتاريخ 23/ 10/ 1394ه 8: نظام مكافحة الرشوة الصادر بالمرسوم الملكي رقم 15 وتاريخ 26/ 11/ 1380 ه والمعدل بالمرسوم الملكي رقم 35 وتاريخ 13/10/ 1388ه. 9: نظام مكافحة التزوير , الصادر بالمرسوم الملكي رقم 114 وتاريخ 26/ 11/ 1380ه المعدل بالمرسوم الملكي رقم 53 وتاريخ 5/11/ 1382 ه , وبالمرسوم الملكي رقم 3 وتاريخ 13/1/ 1392ه. 10: نظام المرور ويعالج جرائم ومخالفات المرور، الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/ 49 وتاريخ 6/ 11/ 1391ه، وبالمرسوم الملكي رقم م/44 وتاريخ 22/10/1404ه. نظام الأسلحة والذخائر ونظام الجوازات , ونظام سلاح الصيد وجلبه واستعماله , ونظام محاكمة الوزراء, ونظام انتحال صفة رجل السلطة....... الخ. ويعتبر ما جاء في الأنظمة السابقة بمثابة تنظيم (تقين) لبعض جرائم التعزير مع بيان العقوبات المقررة لها وأن إقرار مثل هذه الأنظمة يعتبر وجها حضاريا للمملكة العربية السعودية الزاخر بالكثير من أوجه الحضارة والمدنية وهي خطوة حميدة على طريق نأمل أن تأتي بعدها اشمل بحيث تتسع دائرة تنظيم(تقنين) جرائم التعزيز, وبيان العقوبات المقررة لها. جدير بالذكر أن نوضح ان المملكة العربية السعودية ابتدأت تخطو العديد من الخطوات الجريئة والحميدة في نظر كثير من المختصين في مجال الأنظمة القانونية التي تقرر الحماية لحقوق الإنسان وحريات الأفراد. ومن أهم هذه الأنظمة الأنظمة الجزائية , فقد صدر منذ ما يقارب العامين نظام الإجراءات الجزائية السعودي بالمرسوم الملكي رقم (م/ 39) وتاريخ 28/ 7/ 1422ه والمشتمل على مائتين وخمس وعشرين مادة, مبينا الإجراءات الواجبة الاتباع في التحري والاستدلال والتحقيق في الدعاوي الجزائية ,والقواعد المطبقة أثناء إجراءات المحاكمة أمام المحاكم الجزائية. وقد قرر هذا النظام العديد من المبادئ المتصلة بحقوق وحريات المتهم المؤكدة عليها جميع التشريعات الوضعية , ومنها المبدأ الذي نصت عليه المادة الثالثة من نفس النظام والتي أشرت إليها في بداية المقال , وان كانت تلك المبادئ تجد جذورها من خلال الشريعة الإسلامية منذ قرون طويلة , إلا أننا نتحمل نحن المسلمين نتائج ترددنا وعدم إقدامنا على وضع المبادئ الإسلامية بشكل مطور, وبنصوص تنظمها الأنظمة والقوانين, حتى جاءتنا من الدول الأوروبية منسوبة لهم باعتبار أنها نتاج كفاح طويل ومرير في سبيل حرياتهم. وإذا كانت المملكة العربية السعودية مشهورة بقضاء شامخ مستقر , مبنية دعائمه على مصادر التشريع الإسلامي من قرآن وسنة نبوية مطهرة , فلا شك في ان الأنظمة السعودية ذات الصبغة الإسلامية سوف تعزز من تثبيت أركان هذا المرفق , وتقويه وتنظمه بشكل اكبر ويظهر بشكل واضح وظاهر للعيان , ما كان مقررا من حريات وحقوق مصانة منذ قرون , مثار جدل على وجودها من قبل المجتمعات الغربية , ويرى أستاذي الدكتور فايز بن عايد الظفيري أستاذ القانون الجزائي في كلية الحقوق بجامعة الكويت وأنا أشاركه بكل تواضع فيما يراه ان الوضع الحالي في المجتمع الدولي قد اصبح يتطلب منا نحن المنتمين لبلاد الحرمين الشريفين (المملكة العربية السعودية) المطبقة لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء ان نظهر ثقافة متميزة مستنبطة من ديننا الحنيف وان نمثل الوجه الحضاري لديننا الاسلامي ومن هذا المنطق فلاشك ولا جدال في ان الدفاع عن المملكة العربية السعودية وقضائها الشامخ يعد واجبا دينيا واخلاقيا على كل مواطن ومقيم بل وكل مسلم. فانتقادها بغير وجه حق وبغير علم يعد انتقادا لكافة المسلمين بدينهم وثقافتهم وحضارتهم بغير وجه حق.